معنى آية:لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة
معنى آية: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة
وردت هذه الآية الكريمة في سورة الأحزاب ، حيث قال تعالى: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّـهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّـهَ كَثِيرًا)،وفيما يلي بيان معناها بشكل إجمالي:
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة
- إنّ المؤمنين الحقّ هم الذين يتبعون الرسول الكريم صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فهو قدوتهم وأسوتهم، ففي الآية خطابٌ للمؤمنين أجمعين أن اقتدوا برسولهم صلَّى الله عليه وسلَّم؛ والخطاب ههنا شاملٌ كذلك للمنافقين؛ فقد ورد ذكرهم فيما سبق من آياتٍ؛ فعلى النّاس جميعهم -مؤمنهم ومنافقهم- الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلَّم، وترك ما هم عليه من معاصٍ وذنوب؛ فالأسوة هي القدوة الحسنة ، وهي كلمة تقرأ بكسر الهمزة وفتحها؛ فالإتساء بالنبيّ صلى الله عليه وسلَّم والتأسّي فيه من أعظم الخير وأجلّه.
- فالمؤمن يحب رسوله صلى الله عليه وسلَّم ويقتدي فيه في كافة أحواله؛ في صبره ومرابطته وثباته وجهاده، وفي كونه زوجاً وأباً وصاحباً وأخاً، وفي كل حالٍ أو ترحال كان عليه صلى الله عليه وسلَّم؛ وذلك لأن هوى المؤمن يجب أن يكون تبعاً للنبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلَّم ولما جاء به من عند ربه جلّ وعلا.
- والمؤمن الصّادق هو الذي يضحي بنفسه وماله وولده في سبيل الله وفي سبيل نصرة دينه ورسوله صلى الله عليه وسلَّم، لذلك ودّ النبيّ صلّى الله عليه وسلَّم لو يرى أحبابه؛ فهم المؤمنون الذين يأتون من بعده يحبونه ويتبعونه، ويودون لو رأوه بكل ما يملكون ولو افتدوا أنفسهم وأموالهم وأولادهم في سبيل ذلك.
لمن كان يرجو الله واليوم الآخر
وذلك الاقتداء إنما هو حاصل للذي يرجو الثواب والأجر من ربه سبحانه وتعالى، وللذي يرجو لقاءه في اليوم الآخر، فهو مؤمن بالله تعالى وبيوم البعث والنشور، وموقن يقيناً جازماً أنّه ملاقٍ ربه جلّ وعلا، وأن الحساب سيكون يوم القيامة للجزاء؛ لذلك هو يود أنه مع الحبيب صلى الله عليه وسلَّم في الدنيا يتبعه ويحبه ويتأسى به، فهو الإمام لأمته يوم القيامة، إذ يدعو الله الناس يوم القيامة بإمامهم.
وذكر الله كثيراً
إنّ الذكر يعين صاحبه على طاعة الله سبحانه وتعالى ، ومن طاعة الله تعالى الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلَّم واتباعه ومحبته الواجبة التي تستدعي تطبيق ما جاء به من عند الله عزّ وجلّ؛ والذاكرون الله كثيراً والذاكرات يذكرهم الله في الملأ الأعلى عنده، وأعد لهم مغفرة وأجراً عظيماً، وذكر الله تعالى في كافة الأحوال والظروف؛ حباً به سبحانه وتعظيماً لشأنه، وخوفاً منه وخشية، وطلباً لرضاه وفضله؛ فالذكر مانع من النقم، جالبٌ للنعم، دافعٌ للطاعات، مكفرٌ للخطيئات، وهنا في الآية إرشاد وحثٌ للتأسي والاقتداء، وعتاب للمتخلفين عن التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلَّم، ولما كان الذكر من أعظم الأعمال أشار الله سبحانه وتعالى إليه في معرض أعظم آية في الاقتداء.
كيفية الاقتداء بالرسول صلَّى الله عليه وسلَّم
هنالك عناصر يتوجبُ تحققها للاقتداء الفعليّ العمليّ بالرسول صلى الله عليه وسلَّم بها، نذكر أهمّها:
المحبّة
إنّ عنصر المحبة في الاقتداء من أهم العناصر، وهي من أجل أعمال القلوب وأوجبها، لذلك فالمحبة تكون بالميل للنبي صلى الله عليه وسلَّم واتباعه واستحسان ما جاء به، وفدائه بالنفس والمال والولد، أي إيثار محبته على ما سواه.
الطّاعة
إنّ طاعة الرسول صلى الله عليه وسلَّم بما جاء به من عنده ربه جل وعلا، هي دليل واضح على محبته؛ وهذا ما تؤكده الآية الكريمة: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، إذ جعل الله تعالى اتباع النبيّ صلّى الله عليه وسلَّم طريقاً لحب الله تعالى ومغفرته للذنوب، وهي سبب لدخول الجنان والنجاة من النيران.
الأخلاق
إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلَّم قد حاز على كافة الأخلاق الحميدة ، والخصال الكريمة العزيزة؛ فهو على خلق عظيم كما وصفه الله تعالى، ومن أبرز الأخلاق التي يجب على العبد المؤمن الاقتداء بها كما كان عليها النبيّ صلى الله عليه وسلَّم؛ هي الصدق، والصبر على المصائب، والكرم والجود، والحِلم الصفح الأناة والأمانة، وغيرها من الأخلاق الحسنة.
العبادة
إنّ من أكمل ما يكمّل معنى الاقتداء بالنبيّ صلى الله عليه وسلَّم هو الاقتداء به صلى الله عليه وسلَّم في عباداته كلها ومن أبرزها؛ عبادته في الليل وجوفه، وفي ذكر الله تعالى ؛ فقد كان أكثر الناس ذكراً لربه تعالى؛ فلسانه لا يتوقف عن الذكر والاستغفار، وغير ذلك من العبادات.