تعريف توحيد الألوهية
يُعرّف توحدي الألوهية لغة واصطلاحاً بما يأتي:
- في اللغة: يقول ابن فارس: "الهمزة واللام والهاء، أصل واحد، وهو التعبد، فالإله، الله -تعالى-، وسمي بذلك؛ لأنه معبود، ويقال: تأله الرجل: إذا تعبّد".
- في الاصطلاح: هو "إفراد الله بالعبادة: قولا، وقصدا، وفعلا، فلا ينذر إلا له، ولا يدعى في السراء والضراء إلا إياه، ولا يستغاث إلا به، ولا يتوكل إلا عليه، إلى غير ذلك من أنواع العبادة".
أدلة توحيد الألوهية
الأدلة على توحيد الألوهية كثيرة، منها النقلية ومنها العقلية، ونبينها فيما يأتي:
الأدلة النقلية
- الأدلة النقلية من القرآن الكريم:
- قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
- قولـه -تعالى-: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا).
- قول الله -تعالى-: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) .
- قال -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).
- قال الله -تعالى-: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) .
- قال الله -تعالى-: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) .
- الأدلة النقلية من السنة النبوية:
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (حَقُّ اللَّهِ عَلَى العِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا) .
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ تَعَالَى).
الأدلة العقلية
- ضرب الله -تعالى- الأمثلة على بطلان الشرك؛ وهي من القياس العقلية، وهذا دليل على إدراك العقل لحسن التوحيد، ومن هذه الأمثلة، قول الله -تعالى-: (ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا عَبدًا مَملوكًا لا يَقدِرُ عَلى شَيءٍ وَمَن رَزَقناهُ مِنّا رِزقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنهُ سِرًّا وَجَهرًا هَل يَستَوونَ الحَمدُ لِلَّـهِ بَل أَكثَرُهُم لا يَعلَمونَ).
- أقام الله -تعالى- كثيراً من الأدلة العقلية على وجوب تفرد الله -تعالى- بالعبادة، وعلى استحقاقه لها؛ كونه ربا تفرد بالخلق، والتدبير، والرزق، قال الله -تعالى-: (قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ* وَاللَّـهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ).
- طالب الله -تعالى- المشركين أن يقدموا الأدلة العقلية على شركهم، وفي ذلك يقول الله -تعالى-: (قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ).
أركان توحيد الألوهية
إن لتوحيد الألوهية ركنان هما:
- النفي: أي نفي كل المعبودات سوى الله -تعالى- فهو المستحقّ وحده للعبادة.
- الإثبات: يعني إثبات أن الله -تعالى- وحده المستحقّ للعبادة، وهذا هو معنى "لا إله إلا الله"؛ نفي الألوهية عن كل أحد، ثم إثباتها لله -تعالى-.
شروط صحة توحيد الألوهية
يُسمى توحيد الألوهية بتوحيد العبادة؛ وذلك لاتصال توحيد الألوهية بالعبادة، ولهذا التوحيد شروط، وهي:
- العلم المنافي للجهل بها، بخلاف من يقولها ولا يفهم المعنى.
- اليقين المنافي للشكّ في دلالتها على التوحيد.
- الإخلاص المنافي للشرك.
- الصدق المنافي للكذب، فلا يكون قائلها منافقاً يُظهر غير ما يبطن.
- القبول المنافي للردّ، كمن يقولها ولا يعمل بها.
- المحبة المنافية للكراهة، فلا بدّ من المحبة والفرح بها.
- الانقياد بالعمل بها وما دلت عليه، مطابقةً وتضمناً والتزاماً.
مكانة وأهمية توحيد الألوهية
توحيد الألوهية هو أجلّ وأعظم أنواع التوحيد، فهو يشملها جميعاً، ولا يصبح الإنسان مؤمناً إلا إذا حقق هذا النوع من التوحيد، فمن أجل توحيد الألوهية خلق الله -تعالى- العباد، وأنزل الكتب، وأرسل الرسل.
علاقة توحيد الألوهية بتوحيد الربوبية
العلاقة بين توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية متلازمة، وكل واحدٍ منهما يوجب الآخر، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "توحيد الألوهية المتضمن لتوحيد الربوبية، بأن يُعبد الله وحده لا يشركون به شيئاً، فيكون الدين كله لله، ولا يُخاف إلا الله، ولا يُدعى إلا الله".