لماذا رفض النبي أعمال الجاهلية
لماذا رفض النبي أعمال الجاهلية
رفض الرسول -صلى الله عليه وسلم- أعمال الجاهلية لأنَّه جاء بشريعة الإسلام التي يُحَلِّل الله -تعالى- فيها الحلال، ويُحَّرِّم الحرام وحده -سبحانه-، قال -سبحانه- في كتابه الكريم: (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ* أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّـهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ)، بينما كانت أحكام الجاهلية مبنيةً على الرأي والهوى والاصطلاحات الموضوعة من عند البشر أنفسهم، ويعتمد كثيرٌ منها على الظلم والجور، وقد اعتبرت الآية الكريمة أنّ أيّ حكمٍ يُخالف ما أنزله الله -تعالى- على رسوله هو حكمٌ من أحكام الجاهلية والهوى، وليس من أحكام العقل والعلم والهُدى.
وقد جاءت السنّة النبويّة تنْهى عن بعض الأمور التي كانت منتشرةً في الجاهلية، وسيتمّ توضيح أسباب النّهي عن هذه الأخلاق فيما يأتي:
- الطعن في النّسب، والنّياحة على الميت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اثْنَتانِ في النَّاسِ هُما بهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ في النَّسَبِ والنِّياحَةُ علَى المَيِّتِ)، وقد ذهب القرطبي والقاضي -رحمهما الله- إلى أنَّ المقصود بقوله: (هُما بهِمْ كُفْرٌ)؛ أي أنَّهما من خِصال أهل الجاهلية والكفر، وذكر النوويّ -رحمه الله- عدّة تفسيراتٍ منها ما يوافق ما ذكره القرطبي والقاضي، ومنها أنَّ هذه الخصال تؤدّي إلى الكفر، ومنها أنَّ المقصود هو كفر الإحسان والنِّعمة ، ومن يعتقد أنَّ هذه الأفعال حلال جاحد سواء قام بها أم لا، وقد ركَّزَ الحديث الشريف على تحريم الطّعن في الأنساب والنِّياحة، وخصَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- النساء في بيعته بهذه الوصية؛ لأنَّهنّ المعروفات بهذا الطبع أكثر من الرجال، ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: (ليسَ مِنَّا مَن لَطَمَ الخُدُودَ، وشَقَّ الجُيُوبَ، ودَعَا بدَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ).
- وقد اهتمّ الإسلام بحفظ الأنساب، ومن ذلك قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى)، وعدَّها نعمةً للتواصل والتعارف بين الناس، واعتبر من قَطَعها وشكّك فيها جاحداً بنعمة ربّه ومخالفاً لمراده جل في علاه، كما أمَر الله -تعالى- بالصبر عند وقوع ما يكره المسلم؛ كالموت، وعدَّ الصابرين من المهتدين، ووعدهم بالرّحمة، وأثنى عليهم في كتابه الكريم، لذلك فالنّياحة على الميت تخالف الصبر.
- الاستسقاء بالنجوم: ويُعرّف أيضاً بالاستسقاء بالأنواء؛ وهو الاعتقاد بأن نزول المطر من السماء يعتمد على النجوم، وهو من الأخلاق التي كانت منتشرةً في الجاهلية، وعدَّه الإسلام نوعاً من أنواع الشّرك، وتفصيل ذلك فيما يأتي:
- الاستسقاء بالنجوم الذي يعدّ من الشرك الأكبر: ويكون ذلك بالإيمان بأنّ النجوم هي التي تُنْزِل المطر، وهذه الطائفة وإن كانت قليلة إلا أنَّها ادَّعت خالقاً مع الله -تعالى-، وهو النّجم أو الكوكب، فوقعوا في الشرك الأكبر لأنَّهم نسبوا فعل نزول المطر للكوكب ولم ينسبوه لله -تعالى-، وهذا إنكارٌ للربوبيّة ، ولا فرق بين هذا النوع من الشرك وبين من يعبد الأصنام ويعتقد أنها تجلب النفع أو تدفع الضرّ، وكذلك من يتوسّل بالأموات والغائبين، لأنَّ كل أولئك ادّعوا خالقاً مع الله -تعالى-، فوقعوا في نوعٍ من أنواع الشرك الأكبر؛ وهو شرك الربوبية.
- الاستسقاء بالنجوم الذي يعدّ من الشرك الأصغر: فالقسم الذي اعتقد أنَّ النجم أو الكوكب هو سبباً في نزول المطر، وهؤلاء هم الأكثر؛ وقعوا في الشرك الأصغر؛ لأنَّهم جعلوا ما ليس سبباً شرعاً ولا قدَراً سبباً، وأسدوا النعمة في نزول المطر إلى غير الله -تعالى- بل إلى النجوم، وقولهم هذا نافى التوحيد الذي يقتضي الاعتقاد بأنَّه ما من نعمةٍ تُجلَب إلَّا من الله -تعالى-، وما من نقمة تُدفَع إلَّا بقدرة الله -تعالى-، لا سيما أنَّ النجم لم يجعله الله -تعالى- سبباً للمطر ولا بأيّ شكلٍ من الأشكال، ولم يُذكر ذلك لا في الكتاب ولا السنة، وحتى لو ربط الله -تعالى- بعض النّعم ببعض الأسباب فلا يجوز أن تُسدى لها، لأنَّ هذا من شأنه تعليق القلوب بغير الله -تعالى-، وينافي كمال التوحيد الواجب على المسلم.
- النهي عن التفاخر بالحسب، والتبرّج، والحميّة الجاهلية: فقد ورد في الحديث: (أَرْبَعٌ في أُمَّتي مِن أمْرِ الجاهِلِيَّةِ، لا يَتْرُكُونَهُنَّ: الفَخْرُ في الأحْسابِ، والطَّعْنُ في الأنْسابِ، والاسْتِسْقاءُ بالنُّجُومِ، والنِّياحَةُ)، فإن إضافة هذه الخصال إلى الجاهلية خرج مخرج الذمّ لها ولمن يتمسّك بها، وكذلك قوله -تعالى-: (وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)، وهذا فيه ذمٌّ للتبرّج، ومنها أيضاً قوله -تعالى-: (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّـهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ)، ففي هذه الآية ذمٌّ لخُلُق الحَمِيَّة بسبب إضافته للجاهلية.
- النهي عن العبوديّة لغير الله: حيث وصف الله -تعالى- الجاهليّة وحدَّدَّها في كتابه الكريم بأنَّها حكم البشر للبشر، وهذا يتضمّن رفض عبودية الله -تعالى- وألوهيّته، والاعتراف مقابل ذلك بالعبودية لبعض البشر من دون الله وتأليههم، فكأنَّ الجاهلية صفةٌ مقابلةٌ للإسلام، وهذا يعني عدم تحديدها بزمنٍ معين، وإنما تعلّقها بوضعٍ معيّنٍ متى وُجد وجدت الجاهلية، حتى لو كان في الزمن الحالي أو المستقبلي، فمن يرفض حكم الله وشريعته، يكون قد اختار ضِمناً حكم الجاهلية والعيش فيها، وفي هذا المعنى يقول الله -تعالى-: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّـهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ)، وفي الآية نوعٌ من الاستفهام الاستنكاري لمن يبتغي حكم الجاهلية، وتقرير أن حكم الله -تعالى- هو الأفضل.
- وقد أخبر الله -تعالى- الناس أنَّه لن يتحقّق إيمانهم إلا بعد إخلاص الدين له، وإقامة أركانه التي بُنيَّ عليها، وهي: شهادة أن لا إله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً، ومن ذلك قوله: (تِلكَ الجَنَّةُ الَّتي نورِثُ مِن عِبادِنا مَن كانَ تَقِيًّا)، وكذلك اتّباع نبيّه الكريم الذي جاء ليُخرج الناس من الظلمات إلى النور، ومن الضلال إلى العلم والإيمان، ومن حياة الجاهلية إلى حياة الإسلام المنظّمة المنيرة، ومن ذلك قوله تعالى-: (هُوَ الَّذي أَرسَلَ رَسولَهُ بِالهُدى وَدينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشرِكونَ).
- النّهي عن دعوى الجاهلية: فقد نهى الرسول -صلى الله عليه وسلم- عمّا كان منتشراً في الجاهلية من التّعاضد وأخذ الحقوق من خلال اللجوء إلى العصبيّات والقبائل، وسمّاه بدعوى الجاهلية كراهةً منه لهذا الأسلوب، وقال -صلى الله عليه وسلم- لمّا قال المهاجر: يا للمهاجرين! وقال الأنصاري: يا للأنصار! فقال النبيّ: (يا معشرَ المُسلِمينَ، اللهَ اللهَ، أبِدَعْوَى الجاهليةِ وأنا بينَ أظهُرِكُم بعدَ إذْ هدَاكُم ُاللهُ إلى الإسلامِ وأكرمَكُمْ بِهِ وقطَعَ بِهِ عنكُم أمرَ الجاهليةِ)، حيث غضب الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأنَّ الإسلام جاء وأبطل هذه الأساليب، وأرشد إلى اللّجوء للقضاء الإسلاميّ العادل.
تعريف الجاهليّة
الجاهليّة لغةً مصدرٌ صناعيّ مشتقٌّ من الجهل؛ وهو نقيض العلم، ويُقال: جهل وجاهل وجاهليّ، فهو في الأصل صفة، لكن غلب عليه الاستعمال حتى أصبح اسماً، ومعناه قريبٌ من المصدر، وقال الآلوسي إن الجهل هو عدم العلم، أو عدم اتّباع العلم، فكل من يحمل هذه الصفات فهو جاهل، وقال الصحابة -رضوان الله عليهم- إنَّ كلّ من عمل سوءاً فهو جاهل، حتى لو كان يعلم في قرارة نفسه أنَّ هذا الأمر مخالفٌ للحق، وذلك لأنَّ علمه لم يمنعه من القيام بما هو سوء، فهذا يدلّ على أنَّه علماً ليس راسخاً في قلبه، فهو بهذا الاعتبار جاهل، والناس قبل بعثة الرسول -صلى الله عليه وسلم- كانوا في حال جاهليّة لأنَّ الأعمال والأفعال التي كانو يقومون بها لا تصدر إلا عن جاهلٍ، فنُسبوا له.
أما لفظ الأمّيون؛ فهو جمع أمِّيّ، وتنسب إلى الأمّ، والمقصود بها العرب الذين لا يدينون بالديانتيْن اليهودية أو المسيحية، وهم قومٌ في الغالب لا يقرأون ولا يكتبون، ولم يكن عندهم كتابٌ قبل نزول القرآن الكريم، ومن ذلك قوله -تعالى-: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ)، وقوله -سبحانه-: (وَمَا آتَيْنَاهُم مِّن كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِن نَّذِيرٍ)، فهذا معنى الأُمّيّون، وقد وصف الله -تعالى- رسوله الكريم بأنَّه أُمّيٌّ في قوله -تعالى-: (الَّذينَ يَتَّبِعونَ الرَّسولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذي يَجِدونَهُ مَكتوبًا عِندَهُم فِي التَّوراةِ وَالإِنجيلِ يَأمُرُهُم بِالمَعروفِ وَيَنهاهُم عَنِ المُنكَرِ)، وكانت هذه الصفة دليلاً على صدق رسالته، وتحقيقاً لمعجزةٍ خالدةٍ له، حيث جاء من الله بالكتاب العظيم -القرآن الكريم- وهو أمّيٌّ لا يقرأ ولا يكتب، وبذلك يتّضح أنَّ لفظ الجاهلية هو لفظٌ يُطلق على الفترة التي كانت قبل بعثة الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ أي التي ليست فيها رسولٌ ولا كتابٌ.
موقف الإسلام من أعمال الجاهلية
اختلف موقف الإسلام من القِيَم والأعمال الجاهلية تبعاً لنوعيّتها على النحو الآتي:
- التحريم: رفض الإسلام بعض الأعمال التي كانت الناس تقوم بها في الجاهلية، مثل: الكفر والشرك بالله -تعالى- وإن كانوا يدَّعون أنَّ هذه الأوثان والأصنام تقرّبهم إلى الله -تعالى- إلا أنَّ الإسلام رفضها رفضاً تامّاً، وكذلك الخمر، والزنا، والسرقة، والميسر، والأنصاب، والأزلام، والغدر.
- الإقرار: قابَل الإسلام بعض الأعمال التي كان الناس يقومون بها في الجاهلية بالإقرار والتشجيع والدعوة إليها، مثل: الشجاعة، والكرم، والنّجدة، ونصرة المظلوم، ومثاله حِلف الفضول الذي قال عنه الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (لقد شَهِدتُ مع عمومَتي حِلفًا في دارِ عبدِ اللَّهِ بنِ جُدعانَ ما أُحبُّ أن لي بهِ حُمْرَ النَّعَمِ، ولَو دُعيتُ بهِ في الإسلامِ لأجَبتُ).
- التَّسامي والإعلاء: حثّ دين الإسلام على العديد من الأعمال التي كان الناس يقومون بها في الجاهلية، وأبقى عليها وسما بها وعلَّاها، ورجع ذلك بالنّفع على الدّين وعلى الناس، وقد استطاع الإسلام أن يُحقّق هذا الإعلاء من خلال ثلاثة أمورٍ هي: ربط شخصية المسلم بدينه وقِيَمه التربوية من جهه، وربط العمل الذي يقوم به بالأجر والثواب الذي سيحصل عليه، وتقييم هذا العمل على أساس النِّيَّة من جهةٍ ثالثة، ومثال ذلك: تقنين مَلَكة الشِّعر ضمن الضوابط الشرعية بدون تحريمٍ ولا تركٍ على الإطلاق، ومراعاة الطبيعة القتالية وتنظيمها من خلال تشريع قوانين الجهاد الإسلامية.
نماذج من أعمال الجاهلية المنهي عنها
كانت عند العرب عقائد وعادات ومعاملات وأعراف منها ما أقرَّها الإسلام، كالديّات، ومنها ما كان مُفسداً وضاراً، فنهى عنه الإسلام وأبطله، ومن أهم ما أبطله الإسلام من أعمال الجاهلية ما يأتي:
- الشرك ومظاهر الوثنية: ومن ذلك الكفر بآيات الله وبلقائه، والكفر بالبعث بعد الموت، والاعتقاد بأنَّ الملائكة بنات الله، وإسناد الإهلاك إلى الدّهر، وغير ذلك.
- العادات السيّئة: كعادة وأد البنات خوفاً من العار، وقتل الأولاد خوفاً من الفقر، والميسر، والأنصاب، والأزلام، وتمّ تحريم الخمر بالتدريج.
- زواج الجاهلية: حيث كان هناك عدّة طرقٍ للزواج، منها: أن يجتمع عشر رجال ويتزوّجون امرأةٍ واحدة، فإذا حملت وولدت فإنّها تُنادي العشر رجال وتنسب ولدها إلى من تحبّ منهم، ويُقرّ هو بذلك ولا يستطيع أن يمتنع عنه، ومنها نكاح الاستبضاع الذي كان في الجاهلية؛ بحيث يُرسل الرجل زوجته بعد انتهائها من الحيض إلى رجلٍ آخر لتحمل منه بهدف نجابة الولد، ويُعتبر أولياء المرأة إذا مات زوجها أحقّ بها من أهلها، فإذا شاؤوا زوّجوها، أو تزوّجوها، أو تركوها.
- نظام التبني: وهو نظامٌ ظلّ منتشراً في بداية الإسلام إلى أن حرَّمَّه الله -تعالى- بقوله: (وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّـهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ* ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّـهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ).
- نظام القصاص الجاهلي: وهو نظامٌ كان قائماً على الجور والظلم من خلال تعالي بعض القبائل على الأخرى، وحساب ديّاتها ضعف ديّات الآخرين، وقتل عددٍ من الرجال مقابل قتل واحدٍ منهم أو التعدّي عليه، وبقي الأمر كذلك حتى نزل نظام القصاص الإسلاميّ العادل.
- اعتبار الظهار طلاق: وبقي الأمر كذلك في الظهار إلى أن نَزلت بداية سورة المجادلة.
- مدة إيلاء الزوجة في الجاهلية: حيث كان الإيلاء يمتدّ إلى سنةٍ أو سنتيْن، فجاء الإسلام ووقّته بأربعة أشهر، وبعد ذلك إما أن ينكحها ويكفّر عن يمينه، أو لا ينكحها فيخيّره السلطان بين العزم على الطلاق أو الفيْء.
- الوقوف بمزدلفة: كان أهل قريش ومن يتّبعون دينهم يقفون بمزدلفة ويسمّون ذلك بالحمس، أما باقي العرب فكانت تقف بعرفات، فجاء الإسلام وأرشدهم إلى الوقوف بعرفات ، حيث قال -تعالى-: (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ).
- أكل الربا: كانت من العادات في الجاهلية مضاعفة مال الربا ، إلى أن نزل تحريمه.
- وأْد البنات: وهو قتل البنات من خلال دفنهن وهنَّ أحياء، وقد ذكر الله -تعالى هذه العادة في قوله: (وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثيرٍ مِنَ المُشرِكينَ قَتلَ أَولادِهِم شُرَكاؤُهُم لِيُردوهُم وَلِيَلبِسوا عَلَيهِم دينَهُم وَلَو شاءَ اللَّـهُ ما فَعَلوهُ فَذَرهُم وَما يَفتَرونَ)، وجاء تفسير الآية بأنَّ الشياطين زيّنوا للمشركين قتل بناتهم خوفاً من الفقر وغيره، لكنّ الله -تعالى- توعّدهم وهدّدهم على فعلتهم هذه.
- التفاخر بالأنساب: وهي من العادات التي كانت منتشرةً في الجاهلية، وجاء الإسلام فحرَّمها ونهى عنها وأبطلها في العديد من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية، ومن ذلك قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ)، ولا يُفْهَم من ذلك أنَّ الإسلام حرَّمَ أن يتعلّم الإنسان نسبه، بل دعى الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك بقوله: (تعلَّموا مِن أنسابِكم ما تصِلونَ بهِ أرحامَكم، فإنَّ صلةَ الرَّحمِ محبَّةٌ في الأهلِ مَثراةٌ في المالِ مَنسَأةٌ في الأثَرِ).