شعر عروة بن الورد
الأغراض الشعرية عند عروة بن الورد
عروة بن الورد ؛ هو أحد أبرز الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي، تنوعت أغراضه الشعرية، ومنها ما يأتي:
الفخر
الفخر هو أحد الأغراض الشعرية التي يشترك بها عامة الشعراء غير أنّه عند الصعاليك عامةً وعروة بن الورد خاصةً لم يكن مقصودًا لذاته، وإنّما كان تعقيبًا على جملة من الأفعال التي يفتخرون بها، ومثال قول ابن الرود:
فِراشي فِراشُ الضَيفِ وَالبَيتُ بَيتُهُ
- وَلَم يُلهِني عَنهُ غَزالٌ مُقَنَّعُ
أُحَدِّثُهُ إِنَّ الحَديثَ مِنَ القِرى
- وَتَعلَمُ نَفسي أَنَّهُ سَوفَ يَهجَعُ
الاعتزار بالقبيلة
كان الصعاليك في حالة تمرد على القبيلة، إذ كانوا يقفون في وجه العادات والتقاليد ويعتبرون أنفسهم قوةً مماثلةً لقوة القبيلة، لكن عروة بن الورد كان من الصعاليك الذين يهتمون بشأن القبيلة ويعتزون بها اعتزازًا بالغًا، إذ يقول:
لِكُلِّ أُناسٍ سَيِّدٌ يَعرِفونَهُ
- وَسَيِّدُنا حَتّى المَماتِ رَبيعُ
إِذا أَمَرَتني بِالعُقوقِ حَليلَتي
- فَلَم أَعصِها إِنّي إِذاً لَمَضيعُ
الغزل
لم يكن غرض الغزل شائعًا كثيرًا في شعر الصعاليك ، ولكن استطاعوا أنْ يُسطروا صورًا جميلةً في ذلك الغرض، ويظهر ذلك في شعر عروة بن الورد، إذ لم يتعرض بغزله لقبيح وكانت ألفاظه مستحسنة، ومثال ذلك قوله:
إِن تَأخُذوا أَسماءَ مَوقِفَ ساعَةٍ
- فَمَأخَذُ لَيلى وَهيَ عَذراءُ أَعجَبُ
لَبِسنا زَماناً حُسنَها وَشَبابَها
- وَرُدَّت إِلى شَعواءِ وَالرَأسُ أَشيَبُ
كَمَأخَذِنا حَسناءَ كُرهاً وَدَمعُها
- غَداةُ اللِوى مَغصوبَةً يَتَصَبَّبُ
التمرد في شعر عروة بن الورد
لم يختر عروة بن الورد حياة الصعلكة قدر ما فُرضت عليه، فقبيلة والده تتشاءم من أبيه تشاؤمًا عظيمًا، وقبيلة أمه أقل شأنًا من قبيلة أبيه، فتولّد عند عروة شعورًا كبيرًا بالظلم، كما ظهر عنده حسّ التمرد ووجد في الصعاليك حُضنًا دافئًا له يُغنيه عن دفء القبيلة؛ لذلك تمرد على العادات وجعل من السلب سببًا لعيشه، ومثال ذلك قوله:
ذَريني أُطَوِّف في البِلادِ لَعَلَّني
- أُخَلّيكِ أَو أُغنيكِ عَن سوءِ مَحضِري
فَإِن فازَ سَهمٌ لِلمَنِيَّةِ لَم أَكُن
- جَزوعًا وَهَل عَن ذاكَ مِن مُتَأَخِّرِ
وَإِن فازَ سَهمي كَفَّكُم عَن مَقاعِدٍ
- لَكُم خَلفَ أَدبارِ البُيوتِ وَمُنظَرِ
تَقولُ لَكَ الوَيلاتُ هَل أَنتَ تارِكٌ
- ضُبُوّاً بِرَجلٍ تارَةً وَبِمِنسَرِ
وَمُستَثبِتٌ في مالِكَ العامَ أَنَّني
- أَراكَ عَلى أَقتادِ صَرماءَ مُذكِرِ
فَجوعٌ لِأَهلِ الصالِحينَ مَزَلَّةٌ
- مَخوفٌ رَداها أَن تُصيبُكَ فَاِحذَرِ
الإيقاع في شعر عروة بن الورد
الإيقاع الداخلي في أشعار عروة بن الورد نتج عن تناغم الأصوات مع بعضها وانسجامها انسجامًا عاليًا، فتناغمت الأصوات في أشعاره ما بين الجهر والهمس، إذ إنّ نسبةً كبيرةً من أشعاره حروفًا جهرية، كما أنّه نسج أشعاره على بحور شعرية مختلفة، لكن المتتبع لشعره يجد أنّ البحر الطويل هو الغالب على أوزانه.
كانت قصائد ابن الورد كلها كما في الشعر القديم موزونةً، إذ اختار من القوافي أعذبها وأجملها، ومثال ذلك قوله:
وَلا يُستَضامُ الدَهرَ جاري وَلا أُرى
- كَمَن باتَ تَسري لِلصَديقِ عَقارِبُه
وَإِن جارَتي أَلوَت رِياحٌ بِبَيتِها
- تَغافَلتُ حَتّى يَستُرَ البَيتَ جانِبُه
إنّ التناغم في شعر عروة بن الورد يدل على قوة الأبيات التي ينسجها، ومناسبة الألفاظ للأغراض الشعرية التي قصدها، كما أنّ الأصوات المتوسطة سيطرت على قصائده حيث لم يمِل كثيرًا للأصوات الشديدة ونادرًا ما استعمل الأصوات الرخوة، ومثال ذلك قوله:
سَلي الطارِقَ المُعتَرَّ يا أُمَّ مالِكٍ
- إِذا ما أَتاني بَينَ قَدري وَمَجزِري
أَيُسفِرُ وَجهي إِنَّهُ أَوَّلُ القِرى
- وَأَبذُلُ مَعروفي لَهُ دونَ مُنكَري
الصورة الشعرية في شعر عروة بن الورد
تنوعت الصور الشعرية في قصائد عروة بن الورد، إذ تُعد بمثابة اللوحة الفنية التي خطها الشاعر للتعبير عمّا يجول في خاطره بأبلغ الطرق وأبسطها وأسهلها، مثل: الاستعارة والكناية والتشبيه، ومثال ذلك قوله:
أَقِلّي عَلَيَّ اللَومَ يا بِنتَ مُنذِرٍ
- وَنامي وَإِن لَم تَشتَهي النَومَ فَاِسهَري
في الأبيات السابقة يُخاطب الشاعر زوجته ويُخيرها بين النوم أو السهر، وشبه النوم بالطعام الذي يُشتهى، فحذف المشبه به وهو الطعام وترك المشبه وهو النوم فكانت استعارة تصريحية، واستعمل الشاعر الكناية في غير مقام في قصائده والمقصود بالكناية أنْ يذكر لفظًا لا يُريد منه المعنى المباشر بل يُريد معنى آخر منه، ومثال ذلك قوله:
أقسّم جسمي في جُسومٍ كثيرةٍ
- وأحسو قراح الماءِ والماءُ باردُ
إنّ المعنى الذي أراده الشاعر من كنايته "أُقسم جسمي في جسوم كثيرة"؛ أيّ أنّه لشدة كرمه وعطائه للناس كأنّه يُقسم جسمه لأجزاء كثيرة ويحرم نفسه ويهب للآخرين ما يملكه.
الحقول الدلالية في شعر عروة بن الورد
استعمل الشاعر عروة بن الورد كثيرًا من الألفاظ في متون قصائده الشعرية والتي تدل على الحياة التي كان يعيشها، فأتى على ذكر الحروب وذكر القبائل والأماكن وحتى الطبيعة، ومن ذلك ما يأتي:
الحرب
لم يكن معجم الحرب بمنأى عن قصائده، كيف لا وهو الصعلوك الذي يرى من الحرب والقتال أداةً لجمع المال والغنى، وهو يُكني عن السيف بقصائده بلفظة الأبيض وعن الرمح بلفظة الأسود، كذلك يذكر المُهند خاصةً بالسيف الذي صُنع بالهند، ولا تخلو أبياته من حديث عن الغزو والحرب والزحف والقتال في الصباح والغارات في الليل، ومن ذلك قوله:
أَتَجعَلُ إِقدامي إِذا الخَيلُ أَحجَمَت
- وَكَرّي إِذا لَم يَمنَعِ الدَبرَ مانِعُ
سَواءً وَمَن لا يُقدِمُ المُهرَ في الوَغى
- وَمِن دَبرُهُ عِندَ الهَزاهِزِ ضائِعُ
القبائل والأماكن
استخدم عروة ألفاظًا كثيرةً تدل على الأماكن في شعره من بينها أبان وهو مكان في القصيم في المملكة العربية السعودية، وأجداد وهو مكان في غطفان، وتُهامة وهي واحدة من القبائل العربية المعروفة الموجودة في شبه الجزيرة العربية واليمن، ومنها أيضًا خيبر وهي واحدة من القبائل اليهودية التي كانت تسكن في المدينة المنورة أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ يقول:
أفي ناب منحناها فقيرًا
- له بطنابنا طنب مصيت
الطبيعة
إنّ عروة بن الورد هو الشاعر ابن الأرض والصحراء والفيافي، فالطبيعة تحيط به من كل حدب وصوب والإنسان ابن بيئته، فلو كانت الطبيعة تحضنه فإنّه سيجري على لسانه ما يجري من أحوال الطبيعة كالبرق والرعد والسماء والجبل والقاع وغير ذلك من مظاهر الطبيعة، ومثال ذلك قوله:
فَأَترُكُهُ بِالقاعِ رَهناً بِبَلدَةٍ
- تَعاوَرُهُ فيها الضِباعُ الخَوامِعُ
مُحالِفَ قاعٍ كانَ عَنهُ بِمَعزِلٍ
- وَلَكِنَّ حَينَ المَرءُ لا بُدَّ واقِعُ
البنية الصرفية في شعر عروة بن الورد
إنّ البنية الصرفية في قصائد عروة بن الورد تدلّ على الحالة النفسية التي كان يعيشها، وما كان يُعاني منه أثناء قول القصيدة، وهذه كلها إيحاءات ينضوي عليها النص الشعري ولا يستطيع الوقوف عليها سوى من يقف على الأبيات الشعرية وقفة المتأمل المفصل للكلمة من الناحية البلاغية والصرفية والنحوية،، ومثال ذلك قول الشاعر:
سَقى سَلمى وَأَينَ دِيارُ سَلمى
- إِذا حَلَّت مُجاوِرَةَ السَريرِ
إِذا حَلَّت بِأَرضِ بَني عَلِيِّ
- وَأَهلي بَينَ زامِرَةٍ وَكيرِ
يتبيّن من كلام الشاعر واستهلاله للبيت بالفعل الماضي "سقى، حلت" أنّه يحن إلى الماضي ويقف على الأطلال والذكريات، فاستخدم الشاعر الفعل الماضي في قصائده ما يُقارب 229 مرة، ولم يكتف بذلك بل استعمل المصادر الميمية وغير الميمية وعرّج على المشتقات من اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة واسم التفضيل وغيرها، والشاهد على هذا قوله حين استعمل اسم الفاعل:
فلا أنا مما جرت الحرب مشتك
- ولا أنا مما احدث الحرب جازع
البنية التركيبية في شعر عروة بن الورد
عند الحديث عن البنية التركيبية في شعر عروة بن الورد فإنّه لا بُدّ من التطرق لأسلوب الكلام في قصيدته الشعرية، إذ استخدم الإنشاء الطلبي كثيرًا في قصائده، مثل: الأمر، النهي، الاستفهام، التمني، النداء، العرض والتحضيض، وأراد بذلك الخروج تضمين معاني غير حرفية، والشاهد على هذا قوله حين استخدم أسلوب الأمر:
سلي الطارق المعتر يا أم مالك
- إذا ما أتاني بين قدري ومجزري
في البيت السابق، لا يقصد من الأمر بالسؤال أنْ تسأل "أم مالك" على وجه الحقيقة، بل هو يأتي بأمره ذاك على سبيل الفخر أيّ اسألي الجميع وسيقولون لك من هو عروة بن الورد، وجدير بالذكر أنّ الإنشاء غير الطلبي لم يأت في قصائده إلا على سبيل القسم، ومثال ذلك قوله:
قَعيدَكِ عَمرَ اللَهِ هَل تَعلَمِينَني
- كَريماً إِذا اِسوَدَّ الأَنامِلُ أَزهَرا
الوصف في شعر عروة بن الورد
أهم ما جاء من الوصف في قصائد عروة بن الورد ما يأتي:
وصف السلاح
إنّ السلاح هو شرف المقاتل لذا فكان لوصف السلاح مكانةً عظيمةً في الأشعار العربية، خاصةً أنّه الصديق الوفي في المعارك الضارية وحرص الصعاليك على وصف سيوفهم كثيرًا وصفًا تفصيليًا فهم يتمردون على كل شيء به، وهو الوفي لهم في الأوقات الحاسمة، ومثال ذلك قول عروة في سيفه:
لِسانٌ وَسَيفٌ صارِمٌ وَحَفيظَةٌ
- وَرَأيٌ لِآراءِ الرِجالِ صَروعُ
في البيت السابق، يصف عروة سيفه بالصارم وقرن ذلك الوصف بلسانه أيضًا ومعنى الصارم: القوي الشديد ذو المنعة، كما ذكر عروة في مواضع أخرى أوصفًا أخرى لسيفه كالأبيض والمهند.
وصف الصحراء
الصحراء هي الطبيعة التي سيطرت على شبه الجزيرة العربية، ولم تخل قصيدة عربية من ذكر الصحارى والفيافي المظلمة، حتى إنّ الشاعر بذكره لها في أشعاره يعده نوعًا من الفخر، وأتى عروة على ذكر أهوال الصحراء في شعره، ومثال ذلك قوله:
بِدَيمومَةٍ ما إِن تَكادُ تَرى بِها
- مِنَ الظَمَأِ الكَومَ الجِلادَ تُنَوَّلُ
في البيت السابق، يأتي عروة على وصف العطش الشديد الذي يُعانيه قاطع الصحراء وهو هنا يحكي عن شجاعته كيف يقطع الصحارى التي عزّ عن قطعها الرجال الشجعان.
وصف الصعلوك
عدّ عروة بن الورد نفسه من الصعاليك وانتمى لهم قلبًا وقالبًا، وكان يُعدّ الغزو سبب عيش الصعلوك وحصوله على الرزق والمال الوفير، ولكن الصعاليك ليسوا جميعهم أوفياء لذلك، فمنهم من لا يقبل الذهاب للغزو، أمّا عروة فكان أول من يُشهر سلاحه، وقال في ذلك:
لَحى اللَهُ صُعلوكًا إِذا جَنَّ لَيلُهُ
- مُصافي المُشاشِ آلِفاً كُلَّ مَجزَرِ
يَعُدُّ الغِنى مِن نَفسِهِ كُلَّ لَيلَةٍ
- أَصابَ قِراها مِن صَديقٍ مُيَسَّرِ
أبرز الآراء النقدية حول شعر عروة بن الورد
وردت مجموعة من الآراء النقدية في عروة بن الورد أهمها ما يأتي:
- أسماء أبو بكر محمد: "يُمكننا القول إنّنا أمام شاعر مُجدّد خرج عن أُطُر النمطية التقليدية، وهذا ملائم لرجل منطلق حرّ يرفض السلطة والتسلّط... شعر عروة خرج بعيدًا عن التقليديّة إلى آفاق رحبة وإلى أغراض إنسانيّة سامية".
- الأمين محمد عبد القادر: "إنّ عروة بن الورد وأصحابه يرون أنّ السيادة تتأتى بمكارم الأخلاق وهم لا يُريدون أنْ يشعروا بوضاعة أنسابهم أو إملاقهم أو حاجتهم للمجتمع".
- يحيى صالح دحامي: "يُبدع الشاعر من خلال التعامل مع الألفاظ التي تُقرّب شعره لتكون شعريّته تحمل أهم جانبين من جوانب الشعر، وهما: المعنى، وليس مجرد المعنى السطحي وإنّما المعنى العميق الذي ربما قد لا يُدرك إلّا بالتمعن والتفكر والتبصر، والجانب الآخر هو الموسيقا الشعرية التي تجعل القلب والعقل يطربان لحسن استخدام الكلمات المتناغمة والتي تحتوي على خصائص الإيقاع".
نماذج من شعر عروة بن الورد
وردت مجموعة من القصائد التي امتاز بها عروة بن الورد على غيره، وأبرزها ما يأتي:
- قصيدة أقلي علي اللوم يا ابنة منذر:
أَقِلّي عَلَيَّ اللَومَ يا بِنتَ مُنذِرٍ
- وَنامي وَإِن لَم تَشتَهي النَومَ فَاِسهَري
ذَريني وَنَفسي أُمَّ حَسّانَ إِنَّني
- بِها قَبلَ أَن لا أَملِكَ البَيعَ مُشتَري
أَحاديثَ تَبقى وَالفَتى غَيرُ خالِدٍ
- إِذا هُوَ أَمسى هامَةً فَوقَ صُيَّرِ
تُجاوِبُ أَحجارَ الكِناسِ وَتَشتَكي
- إِلى كُلِّ مَعروفٍ رَأَتهُ وَمُنكَرِ
ذَريني أُطَوِّف في البِلادِ لَعَلَّني
- أُخَلّيكِ أَو أُغنيكِ عَن سوءِ مَحضِري
فَإِن فازَ سَهمٌ لِلمَنِيَّةِ لَم أَكُن
- جَزوعًا وَهَل عَن ذاكَ مِن مُتَأَخِّرِ
- قصيدة أليس ورائي أنْ أدب على العصا:
أَلَيسَ وَرائي أَن أَدِبَّ عَلى العَصا
- فَيَشمَتَ أَعدائي وَيَسأَمُني أَهلي
رَهينَةُ قَعرِ البَيتِ كُلَّ عَشِيَّةٍ
- يُطيفُ بِيَ الوِلدانُ أَهدُجُ كَالرَألِ
أَقيموا بَني لُبنى صُدورَ رِكابَكُم
- فَكُلُّ مَنايا النَفسِ خَيرٌ مِنَ الهَزلِ
فَإِنَّكُمُ لَن تَبلِغوا كُلَّ هِمَّتي
- وَلا أَرَبي حَتّى تَرَوا مَنبِتَ الأَثلِ
فَلَو كُنتُ مَثلوجَ الفُؤادِ إِذا بَدَت
- بِلادُ الأَعادي لا أُمِرُّ وَلا أُحلي
رَجِعتُ عَلى حِرسَينِ إِذ قالَ مالِكٌ
- هَلَكتَ وَهَل يُلحى عَلى بُغيَةٍ مِثلي
لَعَلَّ اِنطِلاقي في البِلادِ وَبُغيَتي
- وَشَدّي حَيازيمَ المَطِيَّةِ بِالرَحلِ
سَيَدفَعُني يَوماً إِلى رَبِّ هَجمَةٍ
- يُدافِعُ عَنها بِالعُقوقِ وَبِالبُخلِ
- قصيدة أتجعل إقدامي إذا الخيل أحجمت:
أَتَجعَلُ إِقدامي إِذا الخَيلُ أَحجَمَت
- وَكَرّي إِذا لَم يَمنَعِ الدَبرَ مانِعُ
سَواءً وَمَن لا يُقدِمُ المُهرَ في الوَغى
- وَمِن دَبرُهُ عِندَ الهَزاهِزِ ضائِعُ
إِذا قيلَ يا اِبنَ الوَردِ أَقدِم إِلى الوَغى
- أَجَبتُ فَلاقاني كَمِيٌّ مُقارِعُ
بِكَفّي مِنَ المَأثورِ كَالمِلحِ لَونُهُ
- حَديثٌ بِإِخلاصِ الذُكورَةِ قاطِعُ
فَأَترُكُهُ بِالقاعِ رَهناً بِبَلدَةٍ
- تَعاوَرُهُ فيها الضِباعُ الخَوامِعُ
مُحالِفَ قاعٍ كانَ عَنهُ بِمَعزِلٍ
- وَلَكِنَّ حَينَ المَرءُ لا بُدَّ واقِعُ
فَلا أَنا مِمّا جَرَّتِ الحَربُ مُشتَكٍ
- وَلا أَنا مِمّا أَحدَثَ الدَهرُ جازِعُ
وَلا بَصَري عِندَ الهِياجِ بِطامِحٍ
- كَأَنّي بَعيرٌ فارَقَ الشَولَ نازِعُ
- قصيدة أيا راكبًا إمّا عرضت فبلّغن:
أَيا راكِبًا إِمّا عَرَضتَ فَبَلِّغَن
- بَني ناشِبٍ عَنّي وَمَن يَتَنَشَّبُ
أَكُلُّكُمُ مُختارُ دارٍ يَحُلُّها
- وَتارِكُ هُدمٍ لَيسَ عَنها مُذَنَّبُ
وَأَبلِغ بَني عَوذِ بنِ زَيدٍ رِسالَةً
- بِآيَةِ ما إِن يَقصِبونِيَ يَكذِبوا
فَإِن شِئتُمُ عَنّي نَهَيتُم سَفيهَكُم
- وَقالَ لَهُ ذو حِلمُكُم أَينَ تَذهَبُ
وَإِن شِئتُمُ حارَبتُموني إِلى مَدىً
- فَيَجهَدُكُم شَأوُ الكِظاظِ المُغَرَّبُ
فَيَلحَقُ بِالخَيراتِ مَن كانَ أَهلَها
- وَتَعلَمُ عَبسٌ رَأسُ مَن يَتَصَوَّب
- قصيدة إن تأخذوا أسماء موقف ساعة:
إِن تَأخُذوا أَسماءَ مَوقِفَ ساعَةٍ
- فَمَأخَذُ لَيلى وَهيَ عَذراءُ أَعجَبُ
لَبِسنا زَماناً حُسنَها وَشَبابَها
- وَرُدَّت إِلى شَعواءِ وَالرَأسُ أَشيَبُ
كَمَأخَذِنا حَسناءَ كُرهاً وَدَمعُها
- غَداةُ اللِوى مَغصوبَةً يَتَصَبَّبُ