كيف ننظم الوقت فى رمضان
كيف نُنظِّم الوقت في رمضان
تمرُّ الأيام وقد يغفل المسلم أو يتهاون بالعبادة ، لذا منح الله -تعالى- المسلمين أوقاتاً مباركة وأيَّاماً فيها أجرٌ عظيم، وفضَّلها على باقي الأيام، وجعل الأجر فيها مضاعفاً، وكان من بينها الشَّهر العظيم؛ شهرُ رمضان المُبارك، والكيِّس الفطن هو من اغتنم هذه الأيَّام بالعبادة والطَّاعة والتقرُّب إلى الله -تبارك وتعالى-، وقد قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: (الصيام جُنَّةٌ، وحِصنٌ حصينٌ من النار)، وحتى يتمكَّن المسلم من الاستفادة من هذا الوقت المبارك عليه بتنظيم وقته بشكلٍ جيد، وهناك عدَّة خطوات تساعد على ذلك، نورد منها ما يأتي:
- معرفة المجالات التي سيحقِّق المسلم أهدافه فيها في رمضان، سواءً كانت تربويَّة، أو دعويَّة، أو في محيط الأسرة وصلة الرّحم وغيرها.
- وضْع أهدافٍ محدَّدةٍ في كلِّ مجالٍ من المجالات، ويراعي شروط الهدف الصَّحيح من كونه ضمن زمن محدَّدٍ، وواضحٍ، وقابلٍ للتَّحقيق والقياس، ومن ذلك وضع خطة لختم القرآن الكريم مع تدبّره، والمحافظة على صلاة الجماعة والتراويح، والاعتكاف في العشر الأواخر، وهذا في مجال التربية الإيمانية، أما في مجال الأسرة؛ فمن الأهداف متابعتهم في حفظ ما تيسّر من القرآن، ومتابعتهم في أداء التراويح والصلوات، وتعليمهم أحكام الصيام، وهكذا في جميع المجالات الأخرى.
- وضْع تفاصيل وطريقة كالجدول مثلاً لتحقيق هذه الأهداف في خطةٍ واضحةٍ وقابلة للتطبيق.
- المتابعة اليوميَّة لسير الخطة والإنجاز؛ حتى يستطيع الحصول على أفضل نتائج ممكنة.
- متابعة وتنظيم مقدار النَّوم، فلا يُكثر منه بحجَّة الصِّيام ، فذلك من الأمور التي تساعد على إنجاز الأهداف والمهام في رمضان بأفضل طريقةٍ، ويتذكّر أنَّه يريد الجنَّة، ويتاجر بوقته وجهده لأجل أن ينال رضى الله -تبارك وتعالى- وينال الجنَّة، وبدلاً من قضاء النَّهار بالنَّوم واللّيل بالسَّهَر فيما لا فائدة فيه، يحرص على جعل وقت الراحة في الليل؛ ليتمكَّن من قضاء نهاره بنشاط ويكون قادراً على استغلال وقته فيما ينفعه.
- بالإضافة إلى العُزلة قدر الإمكان، والتَّقليل من الاحتكاك بالنَّاس في شهر رمضان.
- الاقتصاد في طعامه، والقناعة والرّضا، وهو ما يشير إليه حديث النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: (ما ملأَ آدميٌّ وعاءً شرًّا من بطنٍ حسْبُ الآدميِّ لقيماتٌ يُقِمنَ صلبَهُ فإن غلبتِ الآدميَّ نفسُهُ فثُلُثٌ للطَّعامِ وثلثٌ للشَّرابِ وثلثٌ للنَّفَسِ).
أهميَّة الوقت في الإسلام
الوقت نعمةٌ أنعم الله -تبارك وتعالى- بها على النَّاس، فبهِ يستطيع الإنسان أن يستثمر عمره وينتفع به، وأقسَمَ الله -عزَّ وجل- في كثيرٍ من الآيات باللَّيل والنَّهار وتحدَّث عن كونهما نعمتان، وأقسم بأكثر من موضعٍ ببعض الأزمنة؛ منها الفجر، والضُّحى، والعصر، ولم يقسم الله -تعالى- بشيءٍ عبثاً؛ وإنَّما للفت الانتباه إليه لأهميَّته، والله -عزَّ وجل- خلق الإنسان مُستَخلفاً في الأرض يُعمِّرها بالعبادة والإصلاح، فيحتاج للوقت الذي يبذله من أجل ذلك، كما أنّ معظم العبادات ترتبط بالوقت بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشرٍ، فالصَّلاة مثلاً قد وُزِّعَت على اليوم، وقسَّمَت اليوم إلى أوقاتٍ، والزَّكاة لا تجب إلَّا إذا تحقَّق في المال شرط النِّصاب وحولان الحول؛ أي مرور سنةٍ عليه، والسَّنةُ الهجريَّة تعتمد على القمر في بزوغه واختفائه.
ويؤكّد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على نعمة الوقت فيقول: (نِعْمَتانِ مَغْبُونٌ فِيهِما كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفَراغُ)، وكأنّ النَّاس وقت فراغهم لا يدركون قيمة النِّعمة التي بين أيديهم، وهذا الوقت ليس هباءً بل سيُسأل عنه؛ لأنَّه أمانةٌ يحاسَب عليها الإنسان، فقد قال النبي -عليه أفضل الصلاة والسلام-: (لا تزولُ قدما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعِ خِصالٍ: عن عمرِه فيما أفناه، وعن مالِه من أين اكتسبه، وفيما أنفقه، وعن عِلمِه ماذا عمِل فيه).
فضل شهر رمضان
إنّ لشهر رمضان المبارك فضلاً كبيراً، وميِّزاتٍ عظيمةً لا يجب التغافل عنه، ونورد بعضها فيما يأتي:
- رمضان شهرٌ نزل فيه القرآن الكريم، حيث كان القرآن في اللّوح المحفوظ، ونزوله إلى السَّماء الدُّنيا كان في هذا الشَّهر العظيم، قال الله -تعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِل فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ).
- الصَّوم الذي يعدّ فريضةُ في هذا الشَّهر هو ركنٌ من الأركان الخمسة للإسلام، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (بُني الإسلامُ على خمسٍ، شهادةِ أن لا إله إلا اللهُ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، والحجِّ، وصيامِ رمضانَ).
- رمضان فيه ليلةٌ مخصوصةٌ، العبادة فيها بألف شهرٍ؛ وهي ليلة القدر، حيث قال الله -تعالى-: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ).
- أجر الصَّدقة في رمضان مضاعفٌ وعظيمٌ؛ فقد ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّه كان جواداً؛ أي كريماً، وكان أجود ما يكون في هذا الشَّهر العظيم.
- صلاة التَّراويح تكون في هذا الشَّهر، وهي سُنَّةٌ عظيمة الأجر.
- رمضان شهر المغفرة والعتق من النَّار، لقوله -عليه أفضل الصلاة والسلام-: (مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).
- رمضان سيد الشُّهور طوال العام، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (سيدُ الشهورِ شهرُ رمضانَ).
- يكفِّر الله -تعالى- فيه ما سَبَق من الذُّنوب، فقد أخبرنا النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّ رمضان إلى رمضان كفّارةٌ لما بينهما إلَّا الكبائر.
- أجر صيامه لا يعلمه إلَّا الله -تبارك وتعالى-، بدليل قول الرَّسول -عليه الصلاة والسلام-: (كلُّ عملِ ابنِ آدمَ له إلا الصومُ فإنه لي وأنا أَجْزِي به)، وفي هذا دلالةٌ واضحةٌ على عِظَم أجر الصِّيام.
- رائحة فمِ الصَّائم أعظم عند الله -تعالى- من رائحة المِسك، وذلك لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (لِلصَّائمِ فَرحتانِ: فَرحةٌ عِندَ فِطرِهِ، وفَرحةٌ يَومَ القيامةِ، ولَخُلوفُ فَمِ الصَّائمِ أطيَبُ عِندَ اللهِ مِن ريحِ المِسكِ).