كيف أقضي صلاة الفجر
كيف أقضي صَلاة الفَجر
صفة قضاء الصلاة
تُقضى الصَّلاة بنفس الصِّفة التي يؤدّيها المسلم عادةً؛ أيّ أنَّ المُسلم يَقضيها كما لو أدَّاها في وقتها، وتفصيل طريقة قضاء الصلاة في السفر والحضر عند الفقهاء فيما يأتي:
- الحنفيّة والمالكيّة
إن فَاتت على المُسلمِ صلاة مَقصورةٌ في السَّفر، فيكونُ قَضاؤُها على ذات الوَجه التي فاتَته فيها؛ أيّ يَقضيها رَكعتين حتّى وإن تمَّ القَضاء في الحضرِ بعد انتهاء السَّفر، وإن فاتَته صلاةٌ كاملةٌ في الحَضر فعليه قَضاؤها كاملةً أيضاً وإن كان مُسافراً حين القضاء.
- الشافعيَّة والحنابلة
فقالوا إنَّ الذي يُحدّد صِفة الصَّلاة المَقضيّة هو مكان القَضاء ووقته، وليس صِفة الصَّلاة الفائتة؛ وبناءً على ذلك يَقضي المُسافر ما فاته من الصَّلاة الرُّباعية رَكعتين فقط حتّى وإن فاتته في الحَضر، وذلك لأنَّ مكان القَضاء كان في السَّفر وهذا هو المُعتبر عندهم.
كما أنَّه يقضي الصَّلاة الرُّباعية كاملةً في الحَضر وإن فاتته في السفر؛ وذلك لأنَّ مكان القضاء تمَّ في الحَضر بغض النَّظر عن المكان الذي فاتته فيه الصَّلاة.
صفة القراءة في قضاء الصلاة
وأما بالنسبة لصفة القراءة في قضاء الصلاة وهل تكون سرّاً أم جهرا فبيانها كالآتي:
- الحنفية والمالكية
أمَّا بالنِّسبة لِصفة القِراءة في الصَّلاة المَقضية هل تكون سرَّاً أم جهراً، فذلك بحسب نوع الصَّلاة؛ فإن كانت سرِّية مثل صلاة العَصر، فيُسِرُّ في القراءةِ عند القَضاء، وإن كانت الصَّلاة الفائتة جَهريّة؛ فيَجهر بالقراءة عند القضاء إن كان إماماً.
أمَّا إن كان مُنفرداً فيُخيَّرعندها بين الجَهر والإسرار، وهذا هو مذهب الحنفيَّة ووافقهم المالكيَّة فيه.
- الشافعية والحنابلة
أمَّا بالنِّسبة لصفة القراءة في الصَّلاة المَقضية فيُحدّد بحسب وقت القَضاء؛ فإن قضاها في النَّهار يُسِرُّ فيها حتّى ولو كانت في أصلِها صلاة جهريَّة، وإن قضاها في اللَّيل يَجهر بها حتّى ولو كانت في الأصلِ صلاةً سرِّية .
وذلك لأنَّ المُعتبر عندهم في تحديد صِفة القراءة الوقت الذي تمَّ فيه القضاء بغض النَّظر عن شكل القراءة في الصَّلاة الأصليِّة الفائِتة.
حكم قضاء الصلاة على الفور
ويجب أن يتمَّ القضاء على الفَور باتفاق الفقهاء، سواءً فاتت الصَّلاة بعذرٍ أم بغير عذر، وفصَّل الشافعيَّة في المسألةِ؛ فقالوا إن وُجوب الفَوريَّة في القضاءِ يتَرتَّب على من فَاتته الصَّلاة بغيرِ عذر؛ وذلك للإسراع في إبراء ذمِّته، أمّا إن فاتَته بعذر كنومٍ، أو نسيان، فيُندب له المُبادرة في القَضاءِ.
ويُستحبُّ قضاء الفَوائت في جَماعة، كما يُستحبّ للمُسلم أن يَقضي رَكعتيِّ الفَجر قبل الفريضة؛ فيَبدأ بالسُّنة الراتبة قبل الفريضة؛ وذلك لفعل النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- عندما نام عن صلاة الفَجر في بعض أسفارِه، فقضاها كما كانت تُؤدى في وقتِها؛ حيث إنَّه -عليه الصَّلاة والسَّلام- قضاها بأذانٍ وإقامةٍ، وبدأ بالسُّنة الرَّاتبة ثمَّ الفريضَة.
حُكم قَضاء الصَّلاة
يُعرَّف القَضاء بشكلٍ عام بأنَّه: أداءُ الواجب بعد انتهاءِ وَقته، و قضاء الصَّلاة : أي تَأديتها بعد خُروج وقتها، وحُكم القَضاء يَتعدَّد بَحسب أسباب فواتِ الصَّلاة على المُكلَّف؛ فمن فَاتت عليه الصَّلاة لنسيانٍ، أو نومٍ، أو خوفٍ من عدوّ، أو لعذرٍ آخر مَشروع، وَجب عليه القَضاء.
ولا يُكون آثماً؛ لامتلاكه العذر في فوات الصَّلاة عليه، فيقُوم بقضائِها بعد تذكُّره أو إفاقته، لقول الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-: (إنَّه ليسَ فِيَّ النَّوْمِ تَفْرِيطٌ، إنَّما التَّفْرِيطُ علَى مَن لَمْ يُصَلِّ الصَّلَاةَ حتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الصَّلَاةَ الأُخْرَى، فمَن فَعَلَ ذلكَ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا).
وبالرُّغم من أنَّ من فاتته الصَّلاة لعذرٍ لا يكون آثماً، إلا أنَّ القضاء واجبٌ بحقّه؛ وذلك لأنَّ واجب الصَّلاة ثبتَ في ذمَّته بعدَ دُخول وقت الصَّلاة، والواجب لا يَسقط إلا بالأداء، وأمَّا إن كان فواتُ الصَّلاة بغير عذرٍ شرعي، فبحَسب مذهب الجُمهور وجب عليه القضاء ويكون آثماً لعدم وجود العذر لفواتِها.
لذا فإنه يُطالب أيضاً بالتَّوبة إلى جانب القَضاء، وأمَّا المُغمى عليه فلا يَجب عليه القضاء إلّا إن أفاقَ ووجد مُتَّسعاً من الوقت لأداء الصَّلاة ولم يفعل، فعندها يترتَّب عليه القَضاء، وأمّا تارك الصلاة عمداً فذهب الجمهور إلى أنّه آثم ويجب عليه القضاء.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ حُكم القضاء يتنوَّع أيضاً بحسب حُكم الفعل المُراد قضاؤُه؛ فلو كان الفعل مُتعلّقاً بواجبٍ مثل: الصَّلوات الخمسة المَفروضة، يكونُ القضاء عندها واجباً أيضاً، وإن كان حُكم الفعل مَسنوناً، مثل: ركعتي سُنَّة الفجر، وغيرها من السُّنن الرَّواتب ، فيكون حُكم قضائها سُنَّة أيضاً.
التَّرتيب عند قضاء الصَّلاة الفَائتة
توجد عدِّة أمور يَجب أخذُها بعين الاعتبار عند قضاء الصَّلوات الفائتة؛ ومن هذه الأمور، وُجوب التَّرتيب في قَضاءِ الفوائتِ ؛ ويُقصد بالتَّرتيب أمرين، أولُهما: أن يتمَّ التَّرتيب بين الفَوائت نَفسُها، بحيث يُقضى أولاً الصُّبح، ثمَّ الظُّهر، ثمَّ العصر، وهكذا.
وبَحسب ترتيبها الأصَلي في وقت الأداء، وثانيهُما: أن يتمَّ التَّرتيب بين الصَّلاة الفائتة والحاضرة؛ بحيث يُصلَّي أولاً الصَّلاة الفائتة ثمَّ يأتي بالصَّلاة الحاضرة.
وذهبَ جمهورُ الفقهاء من الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة في مسألة الترتيب عند قضاء الصلاة الفائتة لأمرٍ مهمٍّ، وهو وُجود متَّسعٍ من الوَقت يَكفي لكليهِما، فإن لم يتَّسع الوقت لكليهما قُدِّمت الصَّلاة الحاضرة أولاً، ثمَّ يتمّ قضاء الفوائت على التَّرتيب فيما بينها، ويَسقط الترتيب عند الحنفيّة والحنابلة بالنّسيان، أو خوف فوات الوقت.
وقال المالكيَّة بوجوبِ التَّرتيب بين الصَّلاة الفائتة إن كانت يَسيرة والصَّلاة الحاضرة، حتى وإن أدَّى ذلك لخروج وقت الصَّلاة الحاضرة، أمَّا الشافعيَّة فلم يقولوا بوجوبِ التَّرتيب، بل قالوا بسُنِّيَّته؛ إذ يُسنُّ ترتيب الفوائت بين بعضعها البعض، كما يُسنُّ ترتيب الفوائت وتقديمها على الصَّلاة الحاضرة في حال اتّساع الوقت، وإلّا تُقَدَّم الصَّلاة الحاضرة وُجوباً.
وتجدُر الإشارة إلى أنَّ وجوب التَّرتيب في القضاءِ عند من قال به يَسقطُ بعدِّة أمور، وهي كما يأتي:
- ضيق وقت الصَّلاة الحاضرة، وقد أشرنا لهذه الحالة سابقاً.
- فوات صلاة الجَماعة : فمن فاتته صَلاة، وخشيَ أن يُضيِّع الجَماعة في الصَّلاة الحاضرة، يُصلِّي الصَّلاة الحاضرة مع الجماعة أولاً، ثمَّ يقضي الصَّلاة الفائتة.
- فوات ما لا يمكن قضاؤه على وجه الانفراد؛ كصَلاة الجُمعة ، فلو فَاتته صَلاة وخشيَ أن يُضيِّع الجُمعة؛ فيُقدّمها أولاً، وذلك لعدمِ قدرته على قضاءِ الجُمعة منفرداً، لذا يُعامل فواتُها كفوات الوقت.
- النِّسيان: فمن نَسيَ وصلَّى الفوائت بغير ترتيبٍ فلا شيء عليه، لقوله -تعالى-: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا).
- الجَهل: فمن جهِل حُكم وجوب التَّرتيب لا شيء عليه.