كم عاش سيدنا سليمان عليه السلام
كم عاش سيدنا سليمان عليه السلام؟
عاش نبيُّ الله سُليمان بن داود -عليهما السَّلام- اثنين وخمسين عاماً، حكم فيهنَّ الإنس والجنَّ وسائر المخلوقات لمدَّة أربعين عاماً، إذ إنَّه تولَّى الحكم وقد بلغ من العمر اثني عشرة عاماً، وبعد مضيِّ أربع سنواتٍ من حكمهِ شرع ببناء بيت المقدس واستغرق معه سبع سنواتٍ، أمَّا ما حصل معه في قصَّته الشَّهيرة مع الملكة بلقيس فقد كانت بعد مرور خمسٍ وعشرين سنةً من حكمه.
قصة وفاة سيدنا سليمان عليه السلام
توفِّي سليمان -عليه السَّلام- في سنة خمسمئةٍ وخمس وسبعين من بعد وفاة موسى، وكانت قصَّة وفاته عجيبةً، فقد أوردها الله -تعالى- في كتابه العزيز قائلاً: (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ)، فقد رُوي أنًّ سليمان -عليه السًّلام- كان معهوداً عنه أنَّه يختلي بنفسه أيّاماً وشهوراً يتعبَّد في المحراب، وقد اختلى بنفسه ذات مرَّةٍ بعد فراغه من بناء بيت المقدس وكان مُتكئاً على عصىً له، وهي ما أراد الله -تعالى- من قوله في الآية "مِنسأته"، فأدركه الموت حينئذٍ، وظلَّت العصا ثابتةً تحفظ توازن جسمه كي لا يسقط على الأرض، وظلَّ على ذلك سنةً كاملةً، إلى أن بعث الله دودة من الأرض بدأت بأكل العصا حتّى وقع على الأرض، بعد ذلك علم الجنُّ الذين كانوا يعملون معه أنَّه قد فارق الحياة منذ زمن.
ويُذكر في بعض كتب التَّفاسير أنَّه لم يستمرَّ على العصا سوى أيَّاماً معدودةً وليس زمناً طويلاً، ولا يُستطاع التَّرجيح في المدَّة التي ظلَّ فيها على العصا؛ لعدم ورود دليل يبيِّن ذلك، وقد كانت ميتة سليمان على هذه الهيئة بطلبٍ منه من الله -تعالى-؛ وذلك لأنَّ الجنَّ كانوا يدَّعون أنَّهم يعلمون الغيب ومطَّلعون عليه، وكانوا يتفاخرون بذلك أمام الإنس، فلمَّا وقعت هذه القصَّة أثبت الله -تعالى- للإنس والجنِّ جميعاً أنَّه لا يعلم الغيب إلَّا الله، ولو كانوا يعلمون الغيب لعلموا بوفاة نبيِّهم فور حصولها.
معلومات عن النبي سليمان عليه السلام
هو سليمان بن داود بن إيشا، ينتهي نسبه إلى إسحاق ابن إبراهيم -عليهما السَّلام، مات عنه أبوه داود وله من العمر اثنتا عشرة سنةً، قال الله -تعالى-: (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)، فقد تعلَّم من أبيه داود وتربَّى في بيت نبوَّته، واكتسب منه مهاراتِ حلِّ النِّزاعات والحكم بين المتخاصمين، وكان لداود تسعة عشر ولداً، فورثوا جميعاً ما تركه لهم أبوهم من مال، في حين ورث سليمان الحكم والنُّبوَّة معاً، ففاز بفضلي الدُّنيا والآخرة.
نبوة سليمان عليه السلام
أرسل الله -تعالى- سليمان إلى بني إسرائيل، ليدعوهم إلى عبادة الله -تعالى- وحده، وقد أيَّده الله -تعالى- بمعجزاتٍ كثيرةٍ لتكون دليلاً على صدق نبوَّته، فقد آتاه الله حِكمةً بالغةً، وسخَّر له الرِّيح تجري معه أينما يشاء، كما أنَّ الله -تعالى- علَّمه منطق الطَّير وكان يفهم عليها، ومن معجزات الله له أنَّه سخَّر له الجنَّ يعملون معه، كما أنَّ الله -تعالى- أرسله إلى بلقيس ملكة سبأ، وقد آمنت به هي وجنودها بعد ما رأت عظيم ملكه وتسخير الله الكون له.
خلاصة المقال: عاش سليمان -عليه السلام- اثنين وخمسين عاماً، وقد ورث الحكم والنُّبوة عن أبيه داود صغيراً، وحكم بني إسرائيل لمدة أربعين سنةً، وقد أيَّده الله -تعالى- بمعجزاتٍ حسِّيةٍ كسائر الأنبياء من فهمه لمنطق الطُّيور والحيوانات وتسخير الرِّيح له وغير ذلك، وقد مات وهو في خلوةٍ له متّكئاً على عصاه ولم يعلم قومه بشأن موته لولا الأرضة التي أكلت العصا.