فوائد من حديث (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس)
فوائد من حديث (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس)
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ)، وهناك عدة فوائد دلّ عليها هذا الحديث، وهي:
- عمر الإنسان كنزٌ وأغلى ما يملك، وكل لحظة محاسب عليها، فليعمرها بالخير، وكل لحظة تمر به بدون فائدة فقد غبن حظّه منها وخسرها.
- البدن هو أثمن آلة عند الإنسان، ويكتسب فائدة هذه الآلة بالعمل، وإذا بقي يعمل فقد ربح وكسب زيادة، وإذا بقي عاطلاً عن العمل فقد نقص وخسر.
- الرشيد هو من أحسن استخدام جسده في عمله، وداوم على استخدام ذاته فربح.
- السّفيه هو من عطل ذاته عن العمل ولم يستثمرها فخسرها.
- إذا عمّر الإنسان وقت فراغه بطاعة من طاعات الله، أو في الكد بالعمل لكسب العيش، واغتنم بدنه في وقت صحته فيها، وطرأ عليه مرض ومنعه عن تلك الطاعة أو ذلك العمل، وكان في نيته المداومة عليها لولا هذا المانع، فإنه يكتب له ثواب ما كان يفعله في صحته وفراغه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا).
معنى النعمة والغبن والصحة والفراغ
فيما يأتي بيان معاني أهمّ المفردات الواردة في الحديث:
- النعمة
هي الحالة الحسنة، والمنفعة المفعولة على قصد الإحسان إلى الغير، وهي ضد النقمة، كما يقصد بها نعمة الصحة والفراغ.
- الغبن
هو الخداع، والمغبون هو الذي نقص في حقّه.
- الصحة
هي قوة البنية ضد المرض، واعتدال المزاج.
- الفراغ
هو الخلاء، أي أن يكون الإنسان خالياً من الشغل.
معنى الحديث والمراد منه
الغبن في الأصل يُراد ويُقصد في قضايا البيع، والنبي -عليه الصلاة والسلام- بُعث ليرشدنا إلى طريق الهدى والحق، وإنما قصد لفظ الغبن هنا؛ لأن التاجر يريد برأس ماله أن يحقّق ربحاً، فالنبي عندما خاطب الناس خاطبهم بمقتضى ما يعرفونه في حياتهم، فبيّن لهم أن الغبن هنا إنما يكون بالصحة والفراغ، وبيّن لهم أهمية استثماره.
ومن الناس من يملك الصحة ويعمل ليكسب عيشه، فلا يوجد لديه فراغ، ومنهم من يعاني من المرض والسقم ولديه فراغ، ولكنه لا يستطيع استغلاله بسبب مرضه، فمن اجتمعت هاتان النعمتان به وهما "الصحة والفراغ"، ولم يشغلهما في طاعة الله، ولم ينتهزها في العمل الصالح، فهذا الرجل مغبون.
ومغبون أي خاسر، لأنه لم يستغل نعم الله -تعالى- عليه كما ينبغي وكما يُرضي الله، ومن استثمر نعمة الله عليه بالعمل الصالح فلا يقال له مغبون، وإنما يُغبط لأنه استغل تلك النعم في طاعة الله ورضاه.
الدروس المستفادة من الحديث
هناك العديد من العبر والدروس المستفادة من هذا الحديث، ومنها:
- إدراك قيمة الوقت
حيث إن الوقت نعمة كبيرة، قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾، فالله عز وجل جعل الليل والنهار وجعل العبادة فيهما، فمن فاته عمل بالنهار أدركه بالليل.
ومن فاته عمل بالليل يدركه في النهار وهكذا، وهذه النعمة لا يدركها إلا الموفّقون من عباد الله -عز وجل- الصالحين، الذين يدركون قيمة الوقت والعمر وثمن هذه الحياة، ويحذرون من إضاعة العمر في مجالس القيل والقال واللهو وغيرها.
- الإحساس بقيمة الوقت
لا يمكن معرفة قيمة الوقت إلا إذا أحسّ الإنسان بقيمة أنفاسه في هذه الحياة وقدرها، فعندما يستشعر قيمة الوقت يبتكر أشياء جديدة لكي يستفيد من هذا الوقت.
- إدراك نعمة الصحة
هذه النعمة التي يملكها الكثير ولكن لا يستغلونها في طاعة الله ، فكم من صحيح اليوم سقيم غداً، وكم من سقيم يتمنى أن يستشعر عظمة الوقوف بين يدي الله، ويتمنى لو للحظة أن يعود لعافيته، أليس الصحيح أحقّ أن يشكر الله عز وجل ويعطي نفسه حقها؛ وذلك بأن يستغل كل ثانية تمر به بالخير وطاعة الله.