فضل ذكر (سبحان الله وبحمده عدد خلقه)
فضل ذكر (سبحان الله وبحمده عدد خلقه)
لقد بيَّن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّ ترديد المسلمِ لذكرِ سبحان الله وبحمده عدد خلقه وتكراره ثلاث مراتٍ، يعادلُ جلوسَ المسلمِ في مصلَّاه و دوامَه على ذكر الله -عزَّ وجلَّ- من بعدِ صلاةِ الفجرِ إلى ما بعدَ وقتِ الضحى.
ودليل ذلك قول السيدة جويرية بنت الحارث: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ خَرَجَ مِن عِندِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ، وَهي في مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى، وَهي جَالِسَةٌ... قالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: لقَدْ قُلتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لو وُزِنَتْ بما قُلْتِ مُنْذُ اليَومِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ).
شرح حديث (سبحان الله وبحمده عدد خلقه)
تُخبر أمُّ المؤمنين السيدة جويرية بنت الحارث -رضي الله عنها- في هذا الحديث الشريف، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلم- خرج في أول النهار من بيتها، وهي جالسةٌ في مصلَّاها بعد صلاةِ الصبحِ، ثمَّ عاد في وقتِ الضحى، فوجدها على حالها من الجلوسِ في المصلَّى وذكر الرحمنِ فيهِ، فعلَّمها النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أربعَ كلماتٍ، لو قالتهنَّ ثلاث مراتٍ، لعادلنَ كلَّ ما قالته في هذه المدةِ، وهنَّ:
- سبحان الله وبحمده عدد خلقه؛ وفي ذلك تنزيهٌ لله -عزَّ وجلَّ- عن كلِّ نقصٍ وعيبٍ، وتسبيحه بعدد مخلوقاته.
- ورضا نفسه؛ أي وبمقدار رضا ذاته الشريفة عن المسلمِ، وهذا دليلٌ على أنَّ الحمدَ هنا يكونُ بأكملِه وأفضله.
- وزنة عرشه؛ أي بما يزنُ عظمة قدر عرش الرحمنِ، وإنَّ عظمةَ العرشِ وثقله لا يعلمه إلَّا الله -عزَّ وجلَّ- ومعلومٌ أنَّ العرشَ هو أكبر المخلوقاتِ.
- ومداد كلماته؛ والمداد ما يُكتب به الشيءُ، ومعلومٌ أنَّ كلمات الله لا حصرَ لها، وأنَّها لا تنفدُ أبدًا.
فوائد حديث (سبحان الله وبحمده عدد خلقه)
إنَّ العاقلَ لا يُمكن أن يمرَّ على حديثٍ من السنةِ النبوية المطهرةِ، من غيرِ أن يتفكرَ بفوائدهِ والعبرَ المستفادةِ منه، ومن هذا المنطلق فإنَّه سيتمُّ في هذه الفقرةِ من هذا المقالِ ذكر بعض الفوائد التي يُمكن للمسلم استنباطها من هذا الحديث الشريف المذكور، وفيما يأتي ذكر ذلك:
- إنّ الدين يسرٌ وليسَ عسرٌ ، وقد دلَّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- على أنَّ كلماتٍ معينةٍ تُقال في وقتٍ قصيرٍ، وبيسرٍ تامٍ، تزنُ ذكر ساعاتٍ طوالٍ.
- إنّ كلام الله شيءٌ مغايرٌ تمامًا لخلقِ الله؛ إذ أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قد فرَّق بينهما.
- إنَّ كلماتُ الله -عزَّ وجلَّ- لا يستطيعُ أن يحصيها أحدًا من البشرِ، وقد جاء ما يؤكد ذلك في القرآنِ الكريم، حيث قال الله تعالى: (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا).