عدد ركعات صلاة التهجد برمضان
عدد ركعات صلاة التهجد برمضان
جاء عن أمُّ المؤمنين السَّيدة عائشة -رضي الله عنها- بياناً لصلاة التَّهجُّد في فعل النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام-، سواءً كان في رمضان أو غيره، فقالت: (ما كانَ يَزِيدُ في رَمَضَانَ ولَا في غيرِهِ علَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فلا تَسْأَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أرْبَعًا، فلا تَسْأَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا)، وجاء عنه -صلى الله عليه وسلم- أنَّه كان يُصلِّي ثلاث عشرة ركعةً مع ركعتي الفجر ، فقال العلماء إنّ الأفضل في صلاة التَّهجُّد في رمضان الاقتصار على إحدى عشر ركعةً؛ اتِّباعاً للنبيِّ -عليه الصلاة والسلام- لما ورد في حديث عائشة -رضي الله عنها- المذكور أعلاه، ويجوزُ للإنسان أن يُنقِص منها لفعل النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام- وقوله في الحديث: (الوترُ حقٌّ فمَن شاءَ فليوتر بخمسٍ، ومن شاءَ فليوتِرْ بثلاثٍ، ومن شاءَ فليوتِر بواحدةٍ).
والأصل في صلاة التَّهجُّد أنَّها ليست محصورةً في عددٍ مُعيَّنٍ، وإنَّما تتوقَّف على نشاط الإنسان وقوَّته، فيجوز للمُسلم أن يُصلِّيها ما شاء، بدليل قول النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام- للَّرجل الذي سأله عن قيام اللَّيل : (صلاةُ الليلِ مثنى مثنى، فإذا خَشِيَ أحدُكم الصبحَ صلى ركعةً واحدةً، تُوتِرُ لهُ ما قدْ صلَّى)، فأخبره بالكيفيَّة ولم يُخبره عن المقدار، فدلَّ ذلك على أنَّ العدد والقدر مُتوقِّفٌ على الشَّخص نفسه وليس محدداً بعددٍ معيَّن.
كيفية صلاة التهجد
إنّ لِصلاة التَّهجُّد العديد من الكيفيّات الواردة عن النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام-، وبيانُها فيما يأتي:
- صلاةُ ركعتين ركعتين من غير صلاة الوتر، ثم أداء صلاة الوتر، لِفعل النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام- الوارد في حديث: (يُسَلِّمُ بيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَيُوتِرُ بوَاحِدَةٍ).
- صلاةُ أربعِ ركعاتٍ بسلامٍ واحدٍ، ثُمَّ أربعاً بسلامٍ واحدٍ، ثُمَّ ثلاثُ ركعاتٍ، لِفعل النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام- الوارد في حديث: (ما كانَ يَزِيدُ في رَمَضَانَ ولَا في غيرِهِ علَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فلا تَسْأَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أرْبَعًا، فلا تَسْأَلْ عن حُسْنِهِنَّ وطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا).
وأمّا عن القراءة فيها: فذهب الحنفيَّة والحنابلة إلى التَّخيير بين الجهر والإسرار، ولكنَّ الحنفيَّة ذهبوا إلى أفضليَّة الجهر بشرط أن لا يُزعجَ المُصلّي نائماً، ويرى الحنابلة أن الأفضل ما كان أنشط له، وكذلك الجهر أفضل في حال كان هناك من ينتفع بالاستماع إليه، لِفعل النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام- في حديث: (سألْتُ عائشةَ كيفَ كانَتْ قراءةُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ بالليلِ أكانَ يسرُّ بالقراءةِ أم يجهرُ فقالَتْ: كلُّ ذلك قد كان يفعلُ، ربَّما أسرَّ بالقراءةِ، وربُّما جهرَ).
وذهب المالكيَّة إلى أفضليَّة الجهر ما لم يُشوِّش على مُصلٍ آخر فإنَّه يَحرُم، وأمّا الشافعيَّة فقالوا: يُسنُّ التَّوسُّط بين الإسرار والجهر ما لم يُشوِّش على نائمٍ أو مُصلٍّ، وذهب جُمهور الحنفيَّة، والشَّافعيَّة، وبعض المالكيَّة، وبعض الحنابلة إلى أنَّ طول القيام أفضل من كثرة العدد، فَمَن صلَّى أربع ركعاتٍ بطول قيامٍ أفضل ممَّن يُصلِّي ثمانية ولم يطول، لِفعل النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- ، وزاد الشَّافعيَّة أن المُصلِّي قاعداً فكثرةُ العدد له أفضلُ، وذهب أبو يوسف من الحنفيَّة إلى أنَّ طول القيام أفضل لمن كان له وردٌ يوميٌّ من القِراءة، فإن لم يكُن له ورد فكثرة السُّجود أفضل، وذهب بعضُ الحنابلة إلى أنَّ كثرة الرُّكوع والسُّجود أفضل؛ لِما ورد عن النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام- من النصوص التي تبيّن فضل كثرة السُّجود.
تعريف صلاة التهجد
التَّهجُّد في اللُّغة مأخوذٌ من مِنَ الْهُجُودِ، وهو النَّوم والسَّهر، فهي من الكلمات ذات الأضداد، فيُقال: هَجَدَ فلان؛ أي إذا نام باللَّيل، أو إذا صلَّى باللَّيل، وأمَّا في الاصطلاح وعند الفُقهاء فيُطلق على صلاة النَّافلة التي تكون في اللَّيل بعد النَّوم في أيِّ ليلةٍ من ليالي العام، ومنه قولهُ -تعالى-: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ)، وهو الوقت الذي يُصلِّي فيه المسلم والنَّاس نيام، وأمَّا المُتهجِّد فهو المُصلِّي والقائم ليلاً للصَّلاة بعد نومه.
فضل صلاة التَّهجُّد
إنّ لِصلاة التَّهجُّد الكثير من الفضائل، ومنها ما يأتي:
- ثناء الله -تعالى- على المُتهجِّدين، ووعْدهم بالثَّواب الجزيل، ومن ذلك قوله -تعالى-: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ* كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ* وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).
- ترغيب النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام- أُمَّتهُ على التَّهجُّد، والحثَّ عليه، فأداؤها امتثال لأمر الله ورسوله.
- تفضيل الله -تعالى- القائمين باللَّيل على سائر النَّاس، بقوله -تعالى-: (لَيْسُوا سَوَاءً مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّـهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ).
- تحقيق التَّقوى، وهو من خصال الخير، ورتَّب الله عليه الأجر العظيم، وقيامهُ خاصَّةً في رمضان من أسباب مغفرة الذُّنوب ، ويتأكَّد قيامه في العشر الأواخر منه؛ لإدراك ليلة القدر ، لِقول النبيِّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (مَن قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).