صفات المنافقين في سورة البقرة
صفات المنافقين في سورة البقرة
وردت في سورة البقرة العديد من صفات المنافقين، نبينها فيما يأتي:
التظاهر بالإيمان
حيثُ أنهم يكذبون ويدّعون الإيمان، وقد ذكر الله -تعالى- هذه الصفة عنهم بقوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّـهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ)، فالمُنافق يكتم في داخله الكذب، ويتظاهر بالإيمان، ونزلت هذه الآيات في بعض المُنافقين الذين أظهروا إسلامهم، وكتموا الكفر، وتظاهروا بالتُقى والإيمان، فهم يؤمنون بألسنتهم فقط، ويكفرون بِقُلوبهم، فلذلك نفى الله عنهم صفة الإيمان، ويتصف المُنافق بهذه الصفة؛ لأجل الحفاظ على نفسه وماله، ولذلك حذر الله -تعالى- عباده المؤمنين منهم، وأعلم نبيه -عليه الصلاةُ والسلام- بعداوتهم له، وبيّن صفاتهم في القرآن والسنة .
الخداع
ذكر الله -تعالى- هذه الصفة عنهم بقوله: (يُخَادِعُونَ اللَّـهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ)، حيثُ إنّهم يُخادعون الناس؛ بإظهار الخير لهم، مع إبطان الشر والعداوة لهم، فيخدعون المؤمنين بالمحبة والإيمان، وإخفاء العداوة والكُفر، فبيّن الله لهم أنهم يخدعون أنفسهم، وخداع الله لهم أبلغ من خداعهم له وللمؤمنين، وهذا الخداع نابعٌ لعصمة دمائهم وأموالهم من المؤمنين، وليقوموا بالكيد لهم في الخفاء، وأخبرهم الله -تعالى- بخسارتهم في الدُنيا والآخرة، فيعيشون في الدُنيا في خوفٍ وقلقٍ نفسيّ، وإن لهم في الآخرة النار.
مرض القلب
وذكر الله هذه الصفة بقوله: (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّـهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)، والمقصود بمرض القلب هُنا؛ الشك، ومرضهم في الدين الذي أثار لهم الشُبهات؛ فأصبحت قُلوبهم قاسية مليئةً بالحقد والكراهية، واتبعوا أهوائهم وغرائزهم، وزادهم الله مرضاً على مرض قلوبهم، ويُحتمل أن يكون من باب الدُعاء عليهم بزيادته، كما أن هذا المرض يدفعُهم إلى مُصالحة الكافرين، ويؤدي بهم إلى اتباع الباطل ليكون لهم سبيلاً إلى النجاة، وسبيلاً إلى تحقيق مطامع دُنيويّة.
الكبْر والاعتزاز بالإثم
وهذه الصفة من الصفات المُلازمة للمُنافق؛ حيثُ أنه يتكبر عن قبول الحق، لأنه يرى أنّ الإسلام دين خاصٌ للفُقراء، وقد ذكر الله -تعالى- ذلك عنهم بقوله: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ ۗأَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَـٰكِن لَّا يَعْلَمُونَ)، فإذا قيل لهم آمنوا كباقي الناس قاموا بسب النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، وأصحابه، فالله رد عليهم أنهم هُم السُفهاء بجهلهم وضلالهم، وكذلك إن قيل لهم آمنوا، واتقوا الله؛ تكبروا وأفسدوا في الأرض، لقوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ)، فكان جزاؤهم على فسادهم وتكبُرهم وفُجورهم جهنم يوم القيامة.
الاستهزاء بالمؤمنين
وتظهر هذا الصفة عند المُنافقين؛ لِما يرون عليه أنفسهم من الحق، وأنّ المؤمنين على ضلال؛ فيقومون بالاستهزاء بهم والسُخرية منهم، لقوله -تعالى-: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ)، فيؤمنون عند رؤيتهم للمؤمنين، وإذا انفردوا بأنفسهم قالوا لهم: إنّا معكم ونكذب بإيماننا، فيظهرون على الناس بوجهين، وذهب ابن عباس إلى أنّ المقصود بالشياطين في هذه الآية؛ هُم رؤوساء الكُفر، فبيّن الله لهم أنه يعلم ما يضمرون به من الشر والكُفر، فأذلهم الله في أنفسهم ومعاصيهم، ونزلت الآية في عبد الله بن أُبيّ عندما رأى أبي بكر وعُمر وعلي -رضي الله عنهم- وأثنى عليهم أمامهم، واستهزأ بهم عند ذهابهم، كما أنهم يسخرون من المؤمنين إذا دعوهم إلى الإيمان.
مفهوم النفاق في الإسلام
عرّف الجُرجانيّ النفاق بقوله: هو إظهار الإيمان باللسان، وإخفاء الكُفر بالقلب، وقال ابن كثير: هو إظهار الخير وإسرار الشر، ويقسم النفاق إلى قسمين :
- النفاق الأكبر؛ وهو الاعتقادي الذي يكون من خلال إظهار الإسلام وإخفاء الكُفر، من خلال التخلّق بأخلاق الإسلام في الظاهر، مع الاتصاف بصفات الكذب، والخيانة، والتقاعس عن الصلاة، والنفاق الأكبر يكون في أصل الدين ، ووعد الله صاحبه بأن له الدرك الأسفل من النار يوم القيامة، وأكثر الآيات تقصد هذا المعنى.
- النفاق الأصغر، أو العملي الذي يكون في فُروع الدين، ويكون صاحبه فاسقاً، فيُظهر الإسلام، ويتصف ببعض الصفات التي تُناقض حقيقة إسلامه، كالكذب.