متى يكون وقت الزوال
متى يكون وقت الزّوال
وقت الزَّوال هو الوقت الذي يكون في منتصف النَّهار بين وقت شروق الشَّمس وغروبها، ويكون بِمَيَلان الشَّمس قليلاً عن وسط السَّماء، وهو وقت الزَّوال الشَّرعيِّ، فالشَّمس عادةً عندما تُشرق وتبدأ بالارتفاع في السَّماء يكون ظلُّ الشَّيء أقصر منه، ويكون ظلُّه في جهة الغرب، ولكن عندما ترتفع الشَّمس إلى منتصف السَّماء ويزيد ظلُّ الشَّيء ويكون أطول منه، ويتكوَّن ظلُّه في جهة الشَّرق، عندها يكون قد بدأ وقت الزَّوال ووقت صلاة الظُّهر ، وينتهي وقت الزَّوال عند دخول وقت صلاة العصر عندما يصبح ظلُّ الشَّيءِ مثله، لا أقصر منه ولا أطول.
ومقدار وقت الزَّوال قد يكون طويلاً أو قصيراً، ويختلف تبعاً للزَّمان والمكان، ففي فصل الصَّيف عندما يطول النّهار يقصر الظِّلُّ وقت الزَّوال، بينما في فصل الشِّتاء عندما يقصر النَّهار يكون الظلُّ وقتئذٍ أطول، كما يختلف مقدار ما تزول عليه الشَّمس من منطقةٍ لأُخرى حسب قُربها أو بُعدها من خطِّ الإستواء، فالأماكن القريبة منه ينقص الظلُّ فيها وقت الزَّوال، وكلَّما ابتعدنا عن خطِّ الاستواء زاد الظلُّ.
كيفية معرفة الزوال
يمكن تحديد وقت الزَّوال ومعرفته بوضع عصاً أو قصعةٍ خشبيةٍ ومراقبة ظلِّها، فإن كان ظلُّها أقصر منها؛ فهذا يعني أنَّ الشَّمس انتصفت في السَّماء، وهذا الوقت لا تجوز فيه الصَّلاة، وعنما يبدأ ظلُّ العصا بالتَّزايد؛ أي عندما يبدو ظلُّها أطول منها تكون الشَّمس وقتئذٍ مالت عن منتصف الشَّمس قليلاً، ويكون هذا هو الوقت الصَّحيح للزَّوال، بينما ينتهي وقت الزَّوال إذا أصبح ظلُّها مساوياً لها؛ أي مثلها، وبعض الفقهاء قال: بل ينتهي وقت الزَّوال إذا أصبح ظلُّها مِثليها.
وبهذه الطَّريقة الميسَّرة يمكن لأيِّ شخصٍ معرفة وقت الزَّوال بنفسه في أي وقتٍ وفي أيِّ مكانٍ، إلَّا أنَّه في عصرنا الحالي فقد بات النَّاس يعتمدون على التَّقاويم لتحديد مواقيت الصَّلاة ، فقد حدَّدت المراكز الفلكيَّة وقت الزَّوال عند بلوغ الشَّمس إلى أقصى ارتفاعٍ لها، وفي منتصف النَّهار دون زيادة أو نقصان.
الأحكام المتعلِّقة بوقت الزَّوال
ارتباط وقت صلاة الظُّهر بالزَّوال
إنّه ممَّا لا خلاف فيه أنَّ وقت صلاة الظُّهر يبدأ عنما تزول الشَّمس عن منتصف السَّماء باتِّجاه الغرب، وأداؤها قبل هذا الوقت غير صحيح، ويقصد بزوالها عن منتصف السَّماء؛ أي أن تميل قليلاً عن المنتصف، ويؤكِّد ذلك قول الله -تعالى-: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ)، ودلوك الشَّمس فُسِّرت بابتعاد الشَّمس في منتصف النَّهار وهو وقت صلاة الظُّهر، وعليه فإنَّ الوقت الصَّحيح لصلاة الظُّهر ليس عندما تنتصف الشَّمس في السَّماء، وليس عندما تفارق الشَّمس وسط السَّماء، بل هو عندما تميل قليلاً في كَبِِد السَّماء.
زيستدلُّ على أنَّ وقت الظُّهر يبدأ بالزَّوال حديث النّبيِِّ -صلّى الله عليه وسلم- عندما أمَّ به جبريل -عليه السّلام-، فقال: (أمَّني جبريلُ عندَ البيتِ مرَّتينِ فصلَّى بيَ الظُّهرَ حينَ زالتِ الشَّمسُ وَكانت قدرَ الشِّراكِ)، كما يُستدلُّ من باقي الحديث على انتهاء وقت الظُّهر بانتهاء وقت الزَّوال، وآخر وقتٍ لها عندما يتماثل ظلِّ كلِّ شيءٍ، فقال -عليه السّلام- في نفس الحديث: (فلمَّا كانَ الغدُ صلَّى بيَ الظُّهرَ حينَ كانَ ظلُّهُ مثلَهُ).
ارتباط الوقوف بعرفة بالزَّوال
إنّ الوقوف بعرفة هو أحد أركان الحجِّ، ويكون في اليوم التَّاسع من ذي الحجَّة، أمَّا وقت الوقوف على عرفة فقد تعدَّدت آراء الفقهاء في ذلك: إذ ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيَّة والشَّافعيَّة والمالكيَّة إلى أنَّه يبدأ وقته بعد الزَّوال؛ لأنَّ النّبيَّ -صلّى الله عليه وسلّم- فعل ذلك في حِجَّته، كما ورد في الحديث الذي يصف حِجَّة النَّبيِّ -عليه الصّلاة والسّلام-: (فأجاز رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى أتى عَرَفةَ فوجَد القُبَّةَ قد ضُرِبتْ له بنَمِرَةَ، فنزَل بها حتَّى إذا زاغتِ الشَّمسُ أمَر بالقصواءِ فرُحِلتْ له فأتى بطنَ الوادي فخطَب النَّاسَ)، كما أنّه لم يخالف ذلك أحد من الخلفاء الرّاشدين ، وعند الحنابلة يبدأ وقت الوقوف بعرفة عند طلوع الفَّجر الصَّادق من ذلك اليوم.