حليمة السعدية
نسب حليمة السعدية
هي حليمة بنت أبي ذؤيب، واسمه عبد اللَّه بن الحارث بن شِجنة، ابن رِزام ، ابن ناضرة بن سعد بن بكر بن هوازن. وتقع بنو سعد -قرية حليمة السعدية- جنوب مدينة الطائف بحوالي 70 كيلو متراً، وقيل إنها تقع في شرق مكة المكرّمة.
إسلام حليمة السعدية
رجّح العلماء إسلامها، وهو قول أغلبية العلماء، فقالوا أنها أسلمت هي وزوجها وعُدّت من صحابة رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، فقد ذكرها أبو القاسم الطبراني في معجمه مع النساء اللواتي روين أحاديث عن النبي -عليه السلام-، وذكرها الحافظ ابن الجوزي في الصحابيات في أكثر من كتاب له.
فقال عنها في كتابه الحدائق: قدمت حليمة ابنة الحارث إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بعدما تزوج خديجة فشكت إليه جذب البلاد، فكلم خديجة فأعطتها أربعين شاة وبعيراً، ثم قدمت عليه بعد النبوة فأسلمت وبايعت وأسلم زوجها الحارث. ولقد ذُكرت في الإصابة وفي كتب الصحابة لأبي نعيم وابن مندة وغير ذلك.
قصة حليمة السعدية مع الرسول
أخد حليمة السعدية النبي لترضعه
تروي حليمة السعدية بداية قصة رعايتها للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- حيث إنّها كانت قد خرجت إلى مكة وقد سبقنها المرضعات، وكانت المرضعات يفضلن أخذ الأولاد من آبائهم حتى يكرموهنّ، فكلما أقبلت مرضعة إلى محمد -صلى الله عليه وسلم- فوجدته يتيماً تزهد فيه.
ولما وصلت حليمة مع زوجها وأولادها إلى مكة، وقد اشتكوا التعب والجوع، وليس معهم ما يسدّ رمقهم، لم تجد إلا نبي الله -صلى الله عليه وسلم- فلم تشأ أن تتركه مع يُتمه فحملته من والدته آمنة، وانطلقوا إلى ديارهم.
فما هو إلا وقت قصير حتى امتلأ ضرع الماشية باللبن، كما تروي حليمة، وجرى اللبن في ثدييها فشرب منه محمد -صلى الله عليه وسلم- حتى شبع، وأرضعت منه ابنها كذلك، فما باتوا ليلتها إلا شباعاً مطمئنّين ببركة وجود النبي -صلى الله عليه وسلم- معهم.
نشأة النبي في بيت حليمة
مكث النبي -عليه السلام- في صحراء بني سعد حيث أرضعته حليمة أول سنين عمره، فنشأ قوي الجسم فصيح اللسان، صحيح البنية، حتى إذا بلغ السنة الرابعة من عمره إذ وقع معه حادث غريب مفاجئ حين كان يرعى الغنم ويجري مع أقرانه.
إذ أقبل إليه رجلان فشقا صدره وأخرجا قلبه وغسلاه بالماء والثلج والبرد، فكان كل من جبريل وميكائيل -عليهما السلام- قد أقبلا إليه فغسلا وطهّرا قلبه بماء زمزم، وختما على ظهره بخاتم النبوة، وخاطاه بإذن الله -سبحانه-.
وكانت حليمة السعدية خائفةً على محمد خوفاً شديداً، وذهب الغلمان إليها يخبرونها بما حصل، فظنّت حليمة أن مكروهاً أصابه، فأعادته إلى والدته آمنة التي لم تجزع ولم تخف حين سمعت بالحادثة، فلقد كانت مطمئنة تظن أن صبيّها سيكون له شأن مستقبلاً بعد الرؤيا التي رأتها ليلة ولادته.
وفاء الرسول لحليمة السعدية
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وفيا لحليمة السعدية، وكان يُكنّ لها مكانة خاصة في قلبه، ومما يدل على ذلك ما جاء من أن أخت حليمة قدمت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم فتح مكة، فسألها عن حليمة، فأخبرته بخبر موتها، فذرفت عيناه دمعا، وأمر لها بكسوة، وأعطاها أيضا مئتي درهم، وانصرفت بعدها وهي تقول: "نعم المكفول أنت صغيراً وكبيراً".
وفاء الرسول لأبناء حليمة السعدية
من وفاء النبي -صلى الله عليه وسلم- ما جاء عنه عند حصول المسلمين على غنائم حنين بعد الانتصار على هوازن، حيث أُخذت الشيماء بنت الحارث ابنة حليمة السعدية مع السبي، فقدموا بها إلى النبي محمد، فرحّب بها وأجلسها على ردائه، وخيّرها بين الإقامة عنده مكرمة أو الرجوع إلى قومها، فاختارت الرجوع إلى قومها، وأسلمت وأكرمها النبيّ.
ملخّص المقال: رجّح العلماء إسلام السيدة حليمة السعدية، وبيّن المقال جانباً من قصة حليمة السعدية في حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في صغره، وإرضاعه، والبركة التي رأتها بسبب ذلك، وتربيته في الصحراء، وحادثة شق الصدر التي أرجعته حليمة فيها إلى أمّه خوفاً عليه بسبب ذلك، وقد كان الرسول وفيّاً لها ولأولادها بعد موتها.