صفات الصديق الصالح
الصحبة الصالحة
حثّ الشرع المسلم على مرافقة الصالحين لما لذلك من آثارٍ إيجابيةٍ تنعكس عليه وعلى المجتمع بالخير والنفع، وقد دلّت النّصوص الشرعية من الكتاب والسنّة على فضل الرفقة الصالحة، قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ والجَلِيسِ السَّوْءِ، كَمَثَلِ صاحِبِ المِسْكِ وكِيرِ الحَدَّادِ، لا يَعْدَمُكَ مِن صاحِبِ المِسْكِ إمَّا تَشْتَرِيهِ، أوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وكِيرُ الحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ، أوْ ثَوْبَكَ، أوْ تَجِدُ منه رِيحًا خَبِيثَةً).
صفات الصديق الصالح
أولاً: بشاشة الوجه والتودّد للإخوان وزيارتهم
الجدير بالمؤمن أن يكون بشوش الوجه كثير التودّد لإخوانه يتفقّد أحوالهم وظروفهم، فتلك من الصفات الحسنة التي يتعدّى أثرها إلى الغير، وسببٌ في زيادة الألفة بين الناس وإعانتهم على تجاوز متاعب الحياة، فالرفيق الصالح محبٌّ لأخيه المسلم في الله ولله -تعالى- بلا مصالح أو مطالب، كما أنّه كثير التردّد والسؤال عن إخوانه ومتفقّد أحوالهم، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (أنَّ رَجُلًا زارَ أخًا له في قَرْيَةٍ أُخْرَى، فأرْصَدَ اللَّهُ له، علَى مَدْرَجَتِهِ، مَلَكًا فَلَمَّا أتَى عليه، قالَ: أيْنَ تُرِيدُ؟ قالَ: أُرِيدُ أخًا لي في هذِه القَرْيَةِ، قالَ: هلْ لكَ عليه مِن نِعْمَةٍ تَرُبُّها؟ قالَ: لا، غيرَ أنِّي أحْبَبْتُهُ في اللهِ عزَّ وجلَّ، قالَ: فإنِّي رَسولُ اللهِ إلَيْكَ، بأنَّ اللَّهَ قدْ أحَبَّكَ كما أحْبَبْتَهُ فِيهِ).
ثانياً: الحرص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الواجب على كلّ مسلم تجاه أخيه المسلم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، قال -تعالى-: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)، والأخوّة في الله تقتضي إعانة الأخ لأخيه على القيام بأبواب البرّ التي فيها من النّفع والصلاح ممّا يتعدّى أثره دينياً ودنيوياً، وفي المقابل فإنّ إنكار المنكر واجبٌ شرعي أيضاً والمؤمن الحقّ والرفيق الصالح لا يرضى أن يُترك أخاه منغمسٌ في شؤم المعصية والمنكرات.
ثالثاً: القناعة وعدم النظر لما في أيدي الغير
المؤمن قنوعٌ بما آتاه ربّه من النعم، ويفرح لغيره بما أكرمهم الله من نِعَمٍ، فالحسد والبغض و الحقد صفاتٌ لا تُناسب الصالحين، عن أنس -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (لا تَباغَضُوا، ولا تَحاسَدُوا، ولا تَدابَرُوا، وكُونُوا عِبادَ اللَّهِ إخْوانًا، ولا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخاهُ فَوْقَ ثَلاثَةِ أيَّامٍ).
رابعاً: الإعانة على الخير والصلاح
قال النبيّ -عليه الصلاة والسّلام-: (إنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا. وشَبَّكَ أصَابِعَهُ)، فالرفيق الصالح هو خير معينٍ على فعل الطاعات والتذكير بها؛ فالإنسان بطبعه قد تعتريه حالة فتورٍ بين الحين والآخر ويحتاج لمن يذكّره ويوعظه لفعل الخير و التقرّب من الله -تعالى-.
خامساً: الستر وتجنّب كشف العورات
فقد رُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ النّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يَسْتُرُ اللَّهُ علَى عَبْدٍ في الدُّنْيا، إلَّا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيامَةِ)، ومن الواجب على المسلم ستر عورة أخيه المسلم، فلا يفضح أسراره للناس، غير أنّ ذلك لا يمنعه من إنكاره للمنكر الذي يرتكبه أخوه وتقديم النصح والوعظ له بما ينفعه.