شعر في الأخلاق
قصيدة ابن الرومي عن الأمانة
يقول ابن الرومي عن الأمانة:
رَثَتِ الأمانةُ للخيانة إذ رأتْ
- بالشمس موقفَ أحمد بنِ علِيِّ
منْ ذا يؤمِّلُ للأمانةِ بعده
- لوَليِّ سُلطانٍ ثوابَ وَليِّ
بدرٌ ضَحَى للشمس يوماً كاملاً
- فبكتْ هناك جَليَّةٌ لجِليِّ
من يَخْلُ من جزع لضَيْعة حُرْمةٍ
- من مثله فالمجدُ غيرُ خَليِّ
يا شامتاً أبدى الشماتة لا تَزلْ
- تَصْلَى بمرمَضَة أشدَّ صُلِيِّ
ستراكَ عيناهُ بمثل مَقامهِ
- وببعضِ ذاك يكون غير مَليِّ
وقعتْ قوارعُ دهرِه بصَفاتِه
- فتعلّلتْ عن مَصْدَقٍ سَهْلِيِّ
عن ذي الشهامة والصرامةِ والذي
- ما عيبَ قطُّ بمذهب هَزْلِيِّ
عن ذي المرارة والحلاوة والذي
- لم يؤت من خُلق له مَقْلِيِّ
وأبي الوزير بن الوزير أبَى له
- إلا الحفاظ بمجدِهِ الأصلِيِّ
بل كاد من فَرْط الحميَّة أن يَرَى
- فيما تقلَّد رأي معْتَزلِيِّ
وإذا أبو عيسى حَمَى مُتَحرِّماً
- أضحى يَحُلُّ بمَعْقِل وعَليِّ
أبقى الإلهُ لنا العَلاءَ مُمتَّعاً
- بعلائِهِ القَوْليِّ والفِعليِّ
فاللَّه يعلمُ والبريَّةُ بعدَهُ
- وكَفى بعلْم الواحد الأزلِيِّ
ما ضَرَّ دُنيا كان فيها مِثْلُه
- أَلا يُحلَّى غَيرُهُ بحُلِيِّ
ذو منظرٍ صافي الجمالِ ومَخبرٍ
- وافي الكمالِ ومَنْطِق فَصلِيِّ
جمع الشَّبيبة والسَّدَاد فلم يَبعْ
- فوزَ الحكيم بلذةِ الغزَلِيِّ
قصيدة عمر اليافي عن بر الوالدين
يقول عمر اليافي عن بر الوالدين:
من برّ والده وأمَّهْ
- فاقصده مختاراً وأُمَّهْ
واغنم فضائله فذا
- لك وحده في الدهر أُمَّهْ
كم جرّ برّ الوالدي
- ن فوائداً للمرء جمّه
منها رضا الله الّذي
- يكفي الفتى ما قد أهمّه
وأخو العقوق كميّتٍ
- قد صار في الأحياء رمّه
والكلب أحسن حالةً
- منه وأحفظ منه ذمّه
وكفاه أنّ الله في ال
- قرآن وبخّه وذمّه
ولقد تبرّأ خاله
- منه لكون السخط عمّه
تبّاً له من حاطبٍ
- خاض الدياجي المُدلَهِمّه
شرب العقوق فظنّه
- شهداً حساه فكان سمّه
أعماه سلطان الهوى
- وعن المواعظ قد أصمّه
فلذاك أصبح أمرُ بر
- ر الوالدين عليه غمّه
وغداً يحرّك قبره
- بالعنف ساكنه بضمّه
ويجيء يوم الحشر في
- عرق الّذي تعروه حُمّه
حتّى يوافي نار ها
- ويةٍ لها حرٌّ وظلمه
ومن العجائب أنّها
- تمتصّ بعد اللحم عظمه
وهي الّتي كانت كما
- قد نصّ في القرآن أُمّه
قصيدة عبد الغني النابلسي عن الصدق
يقول عبد الغني النابلسي عن الصدق:
كن على الصدق مقيماً والأدبْ
- والزم العلم بفهم وطلبْ
واتق الله بقلب خاشع
- واجتنب ظلمة أنواع السبب
وانظر النور الذي في طيه
- حيث أدنى بالأقاصي واقترب
وتوكل في المهمات على
- خالق الخلق تنل أعلى الرتب
وتوسل كل وقت في الذي
- أنت راجيه به تلق الأرب
ثم لا تنس هنا عبد الغني
- من دعاء الخير فالله يهب
وصلاة الله ربي لم تزل
- مع سلام لنبي منتخب
وكذاك الآل مع أصحابه
- عصبة الحق ومنجاة الكرب
أمد الأزمان ما غرد في
- دوحه الطائر فاهتاج الطرب
قصيدة صالح مجدي بيك عن الإخلاص
يقول صالح مجدي بيك عن الإخلاص:
يعبر عَن إِخلاص بيض السَرائرِ
- بِأَفصَح إِعراب لِسانُ الضَمائرِ
وَينشر ما تطوى عَلَيهِ مِن الثَنا
- حَشاشة مَملوكٍ لِمَولاه شاكر
حَشاشة مَشغوف بِمَدح مملَّك
- بِأَوطانه لِلملك وَالدين ناصر
أَما وَأَيادٍ ما لمعشار عشرها
- لَدى العدّ حصر في بطون الدَفاتر
وَحسنِ مَساعٍ عادَ مِنها مَنافعٌ
- عَلى مصر في عَصرٍ بَديع المَظاهر
وَعدلٍ بِهِ للشاة في الأَمن مرتع
- بلا خيفة مِن هَول جور الهَواصر
وَعلمٍ بِهِ لَم يَبق للجهل صَولةٌ
- عَلى وافد مِن كُل باد وَحاضر
وَحَزمٍ بِهِ زادَت مَهابة دَولة
- سَمَت بِمَليكٍ ثاقب الفكر داوري
وَعزمٍ لَهُ اِنقادَت نُفوسٌ أَبية
- وَذابَت صُخور جافيات المَكاسر
وَرَأيٍ سَديد دُونهُ في مَضائه
- بِكُل ملمٍّ مرهفاتُ البَواتر
وَصيتٍ بِهِ الركبان في كُل فدفد
- تَسير كَما تَبغي عَلى كُل ضامر
وَعَفوٍ عَن الجاني إِذا لَم يَكُن أَتى
- بِما يَقتَضي تَنفيذه بِالجَوابر
وَحلمٍ بِهِ سادَ الَّذين تَقدّموا
- وَقَد رضيت عَنهُم كِرام العَشائر
وَبَذلٍ بِهِ رَكن المُروءة قَد سَما
- إِلى أَوج مَجدٍ ثابتِ الأَصل باهر
وَيُمنٍ بِهِ يَنساب في غَير وَقته
- مِن النيل ماءٌ كَاللجين لِناظر
وَيجري دَواماً في خَليج مَدينة
- بِها تَختُ ملك بِالمعاند ظافر
فَيُحيي نُفوس العالمين وَيَرتوي
- بِهِ كُلُّ واد ذي رِياض نَواضر
لَئن سُرَّ في عام بِعيدينِ مسلمٌ
- سِوانا رَأى مَولاه بَينَ العَساكر
فَنَحنُ لَنا في كُل يَوم مَسرّة
- بِرُؤية إسماعيل جمّ المَآثر
هُوَ المَلك السامي بِكُل فَضيلة
- تَحمّل مِنها جيده بِالجَواهر
هُوَ الغَيث وَاللَيث الَّذي في يَمينه
- يَسارٌ وَإِنذار لَغاد وَغادر
هُوَ اِبن الَّذي قَد كانَ يَخشاه في الوَغى
- كَميٌّ عَلى الأَعدا سَريع البَوادر
هُوَ البرّ ذُو القَلب الرَحيم بِأَمّة
- لَهُ قَد صفت مِنها جَميع الخَواطر
هُوَ الآمر الناهي بِلُطف وَرَأفة
- وَحُكم بِنَص الشَرع في الذكر صادر
فَلا زالَ في الأَعياد طُول زَمانه
- بِلثم يَديه يَحتَظي كُل زائر
وَيَمنح بِالتَشريف أَبناء ملة
- بمصر اِستَعارَت مِنهُ نُور البَصائر
وَفي كُل وَقت بِالبَشاشة وَالرضا
- يُقابل عِندَ العَرض مدحةَ شاعر
وَلا برح التَوفيق في كُل لَحظة
- لِدَولته في الملك خَيرَ مُسامر
وَلا زالَ مَجدي في التَهاني مؤرّخاً
- تَجلَّى بِإِسماعيل عيد البَشائر
قصيدة الشاذلي خزنة دار عن التعاون
يقول الشاذلي عن التعاون:
ألا بالتعاضد فلنبتد
- فمدوا يديكم فهذي يدي
فهذا بجاه وهذا بمال
- وهذا بعلم لكي نهتدي
وهذا براي يشير علينا
- وهذا بروح لنا يفتدي
أما تنظرون إلى المصريين
- فهلا بنخوتهم تقتدي
فكونوا لكلمتنا جامعين
- لكيما يتم بها مقصدي
وكونوا لرايتنا رافعين
- فهل للعزيمة من موقد
وكونوا رجالا يصان حماهم
- فهل للحمية من عضد
ألا يا أيها القوم لا طاب نوم
- لمن بالبسالة لا يرتدي
هو الجبن لا كان للحر وصفا
- فكم ساق وحشا إلى الأسد
اليكم أشير فأين الشعور
- وأين الوفا والصفا الأحمدي
فماذا التنافر ماذا التقاط
- ع ماذا التأخر بالبلد
وماذا التقاعس ماذا التخاذ
- ل ماذا التظاهر بالجلد
وماذا التهاون ماذا التكاس
- ل ماذا التظاهر بالجلد
وماذا التراجع ماذا التجا
- هل ماذا التصامم عن مرشد
فأين التعاون أين الحماس
- ة أين التوصل للسؤدد
وأين المروءة وأين الشهام
- ة أين المقاوم للمعتدي
وأين المعارف أين المدار
- س هل للتيقظ من موجد
وهل من صلاح وهل من سماح
- وهل من سياسي لنا منجد
وهل في الأهالي لنا من رجال
- تعيد المعالي بكف ندي
وهل من همام سعى للإمام
- يهمة سام سما الفرقد
أترجون عزا وعيشا شريفا
- وفي الجيد حبل من المسد
حياة المذلة أردى حياة
- فهل للتقهقر من أمد
فليس يغرك قول المناوي
- تريد التقدم بالبلد
فدعوى التمدن حجة قوم
- تقام علينا بلا سند
فيمتلكون بها الأرض عسفا
- ولا يأسفون على أحد
ويستنكفون عن الحق ظلما
- ولا يسمحون لمنتقد
لئن حسب الضد قولي فسادا
- فقل حلت الخمر أن تفسد
فإن السعادة تعطى لحر
- ولا تتأتى لمستعبد
فتعسا لقوم على الذل ناموا
- كسالى وللفخر لم تحشد
نخلد في الناس ذكرا جميلا
- ولا نرتضي عيشة النكد
ونربأ بالنفس عن كل ضيم
- وإلا فسحقا إلى الجسد
ونبرأ للّه من كل شخص
- يغض العيون على الرمد
فلا نستحيل النجاح إذا ما إن
- تبهنا وكنا على رصد
ولا نستحيل التئام القلوب
- إذا ما خلونا من الحسد
فيا للتعاسة لو ضاع شعري
- سدى وجنحتم عن الرشد
سيفعل شعري بكل عنود
- كما تفعل الشمس بالبرد
نصحت لقومي ولم آل جهدا
- وأخلصت نصحي للصمد
فإن النصيحة من واجباتي
- بها نرتجي الفوز يوم غد
لساني مغير وفكري منير
- وقلبي مشير إلى المسعد
وهذا اجتهاد فإما أصبت
- وإلا فأجر لمجتهد
وأزكى صلاة وأزكى سلام
- على المصطفى العربي الأمجد
وآله والصحب والتابعين
- هداة الأنام على الأبد