شرح قصيدة (ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني)
شرح أبيات قصيدة ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني
فيما يأتي شرح قصيدة ولقد ذكرتك والرماح نواهل:
هَلاَّ سَأَلْتِ الخَيْلَ يَا ابْنَةَ مَالِكٍ
إِنْ كُنْتِ جَاهِلَةً بِمَا لَمْ تَعْلَمِي
إِذْ لا أَزَالُ عَلَى رِحَالةِ سَابِحٍ
نَهْدٍ تَعَاوَرُهُ الكُمَاةُ مُكَلَّمِ
طَوْرَاً يُجَرَّدُ لِلطِّعَانِ وَتَارَةً
يَأْوِي إلى حَصِدِ القِسِيِّ عَرَمْرِمِ
يُخْبِرْكِ مَنْ شَهِدَ الوَقِيعَةَ أَنَّنِي
أَغْشَى الوَغَى وَأَعِفُّ عِنْدَ المَغْنَمِ
وَلَقَدْ ذَكَرْتُكِ وَالرِّمَاحُ نَوَاهِلٌ
مِنِّي وَبِيضُ الْهِنْدِ تَقْطُرُ مِنْ دَمِي
فَوَدِدْتُ تَقْبِيلَ السُّيُوفِ لأَنَّهَا
لَمَعَتْ كَبَارِقِ ثَغْرِكِ الْمُتَبَسِّمِ
في هذا المقطع يخاطب عنترة ابنة عمه عبلة فيقول لها هلّا تسألين الخيل التي كانت حاضرة المعركة عمّا فعلتُهُ فيها، فإنّني كنتُ راكبًا على سرج حصاني الذي تناوب على طعنه كثير من الفرسان، هذا الحصان السريع الذي يكرّ ويفرّ، فلو سألتِ الخيل لأخبرتكِ أنّني أدخل في المعارك والحروب ولكنني لا أسابق من أجل الغنائم .
ثُمَّ إنّني في أوج المعركة التي كدتُ أقتل فيها بين طعن الرماح وضربات السيوف الهندية تذكّرتُكِ لأبعث النشاط في جسمي، فعندما لمعت السيوف وضاء لونها الفضي وددتُ لو قبّلتها لأنّها لمعت مثل أسنانك حين تبتسمين.
المقطع الثاني
وَمُدَّجِجٍ كَرِهَ الكُمَاةُ نِزَالَهُ
لا مُمْعِنٍ هَرَبَاً وَلاَ مُسْتَسْلِمِ
جَادَتْ لَهُ كَفِّي بِعَاجِلِ طَعْنَةٍ
بِمُثَقَّفٍ صَدْقِ الكُعُوبِ مُقَوَّمِ
بِرَحِيبَةِ الفَرْغَيْنِ يَهْدِي جَرْسُهَا
باللَّيْلِ مُعْتَسَّ الذِّئَابِ الضُّرَّمِ
فَشَكَكْتُ بِالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيَابَهُ
لَيْسَ الكَرِيمُ عَلَى القَنَا بِمُحَرَّمِ
فَتَرَكْتُهُ جَزَرَ السِّبَاعِ يَنُشْنَهُ
يَقْضِمْنَ حُسْنَ بَنَانِهِ وَالمِعْصَمِ
يروي عنترة هنا كيف قضى على خصمٍ له ثوي في المعركة، فيصفه بأنّه مدجّج بالسلاح والدروع وله منظر مهيب حتى لم يقدر أحد من الفرسان مواجهته، فطعنه عنترة برمح صلب أحدَثَ في جسد ذلك الفارس فتحة واسعة ينهال منها الدم بغزارة.
كان الدم المنسكب من فتحة دماء ذلك الفارس يدل الذئاب عليه ليلًا، ولم تكن منزلة هذا الفارس في قومه تمنعه من القتل، وتركه عنترة للوحوش الضارية لتتناول جسده ويده وأطرافه.
المقطع الثالث
ومِشَكِّ سَابِغَةٍ هَتَكْتُ فُرُوجَهَا
بِالسَّيْفِ عَنْ حَامِي الحَقِيقَةِ مُعْلِمِ
رَبِذٍ يَدَاهُ بِالقِدَاحِ إِذَا شَتَا
هَتَّاكِ غَايَاتِ التِّجَارِ مُلَوَّمِ
لَمَّا رَآنِي قَدْ نَزَلْتُ أُرِيدُهُ
أَبْدَى نَواجِذَهُ لِغَيرِ تَبَسُّمِ
فَطَعَنْتُهُ بِالرُّمْحِ ثُمَّ عَلَوْتُهُ
بِمُهَنَّدٍ صَافِي الحَدِيدَةِ مِخْذَمِ
عَهْدِي بِهِ مَدَّ النَّهَارِ كَأَنَّمَا
خُضِبَ البَنَانُ وَرَأُسُهُ بِالعِظْلِمِ
بَطَلٍ كَأَنَّ ثِيَابَهُ في سَرْحَةٍ
يُحْذَى نِعَالَ السِّبْتِ ليْسَ بِتَوْأَمِ
يقول عنترة هنا إنّ هنالك رجل يحمي الكتيبة يرتدي درع قد هتكتها بالسيف بضرباته ذات البأس، يتابع عنترة وصف ذلك الرجل بأنّه سريع اليد بنقل السيف، وخفيف اليد بالقداح وهو يشرب الخمر بكثرة، وهذا الرجل حين رأى عنترة قادمًا نحوه فإنّه قد خاف الموت وكشّر أنيابه للقتال والشر، فيقول عنترة إنّه قد طعنه بالرمح ثمّ تلاه بضربات سيفه القاطع.
يتابع عنترة فيقول إنّه قد رآه وقت ارتفاع الشمس مجندلًا قد صبغ الدم رأسه وأصابعه فكأنّه مصبوغ بصباغ لونه أحمر، يصف عنترة ذلك الرجل بأنّه بطل كأنّه شجرة قد أُلبِسَت ثياب الفرسان كناية عن قامته وطوله، ويقول إنّ ذلك الرجل يرتدي نعالًا من جلود البقر وذلك كناية عن شرفه ورفعته في قومه، ويقول إنّه ليس له توأم؛ ذلك أنّ العرب قديمًا كانت تعتقد أنّ التوءم يتغذى أحدهما على الآخر فيأتي الولد ضعيفًا.
الصور البيانية في قصيدة (ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني)
من أبرز الصور البيانية في قصيدة عنترة السابقة ما يأتي:
- الرِّمَاحُ نَوَاهِلٌ
شبّه الرماح بالإنسان الذي يشرب وينهل، فحذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية .
- وَمُدَّجِجٍ
التقدير هنا ربّ مدجج بمعنى فارس مدجج، فذكر الشاعر المشبه والمشبه به وحذف وجه الشبه وأداته، فالتشبيه هنا تشبيه بليغ.
- بَطَلٍ كَأَنَّ ثِيَابَهُ في سَرْحَةٍ
شبّه الشاعر العدو بالشجرة، فذكر المشبه والمشبه به وأداة التشبيه ولم يذكر وجه الشبه، فالتشبيه هنا مجمل .
شرح الألفاظ في قصيدة (ولقد ذكرتك والرماح نواهل مني)
من الألفاظ التي تحتاج إلى شرح في قصيدة عنترة ما يأتي:المفردة | معنى المفردة |
رحالة | السرج من الجلد يُتخذ لغايات الركض الشديد. |
نهد | القوي والضخم. |
الكماة | جمع كامي وهو الفارس المتستر بالدرع. |
سرحة | الشجرة العظيمة، وجمعها سرح. |
السبت | السبت يعني جلود البقر أو الجلود المدبوغة عامة. |
العظلم | هو نوع من النباتات يُصبغ به. |