موضوع عن قدوم شهر رمضان
كيفية الاستعداد لقدوم رمضان
توجد العديد من الأُمور التي يُمكن للمسلم من خلالها الاستعداد لِقُدوم شهر رمضان المبارك، وذلك لكي لا يشعُر فيه بالتّثبيط والكسل عن أفعال الخير، ولكي لا يكون من الذين كره الله -تعالى- انبعاثه فثبّطه، ومن هذه الأمور ما يأتي:
- الاستعداد له بالدعاء: ويكون ذلك بالدُّعاء لله -تعالى- بأن يُبلّغهُ رمضان، كأن يدعو ويقول: "اللَّهم بلّغنا رمضان".
- الاستعداد له بالتَّنْقية: وذلك بتنقية الباطن من الحرام، والقلب من الآثام، والبُعد عن الشّهوات، بالإضافةِ إلى تدريب القلب على تعظيم شعائر الله -تعالى-، واجتناب الحُرمات.
- الاستعداد له بالتوبة: فيتوب المسلم من جميع المعاصي، ويرجع إلى الله -تعالى- ، ويحرص على عدم تضييع الأوقات بالنّوم أو الفراغ، وبالإضافة إلى تعويد القلب على تعظيم شعائر الله -تعالى-، والبعد عن الغفلة، وتدريبه على الاستقامة؛ بتقديمه لمحبّة الله -تعالى- وأوامره على باقي المحبوبات والأوامر، وتعويده على الانكسار والتذلّل لخالقه.
- استقبالهُ بالهمة والعزيمة العاليّة، مع ما يرافقها من النية الصادقة، والبُعد عن الكسل أو التهاون، ومن الأُمور المُساعدة لشحذ الهِمم؛ ااستعانة بقيام اللّيل، وتعويد الجوارح على الطّاعة، واستحضار الذهن قبل البدء بها، وأن يعلم أنّ الله -تعالى- شرّفه للقيام بها، بالإضافةِ إلى الابتعاد عن شواغل الحياة، وإزالة الهُموم العارضة وعدم الانشغال بها.
- الاستعداد لهُ بِالدُّعاء والأعمال الصالحة: لِفعل النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، فقد كان يصوم شعبان، وكان الصحابةُ الكِرام يدعون الله -تعالى- بأن يُبلّغهم رمضان، ويتقبّلهُ منهم.
كيفيّة استقبال رمضان
توجد العديد من الأُمور التي يُسنّ اتّباعُها لاستقبال رمضان، ومنها ما يأتي:
- استقبالهُ بالفرح والسُرور؛ لِما فيه من فضائل كثيرة؛ كالمغفرة، وفتح أبواب الجنة، وإغلاق أبواب النار، وكان من هدي النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- الاستبشار به، وتبشير أصحابه به، لِقولهِ -تعالى-: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)، فالمُسلم يفرح بفضل الله -تعالى-، لِما في ذلك من البهجة والسّرور، وانشراحٍ في الصدر، وطمأنينة في القلب والنفس.
- استقبالهُ بالإخلاص والنّية، وأن يكون المقصود منه امتثال أوامر الله -تعالى- وطاعته.
- استقبالهُ بالتّخلُص من سُموم القلب؛ ككثرة الكلام بما لا فائدة فيه، والتّكاسُل عن أداء العبادات بكثرة النوم، وغير ذلك.
- استقبالهُ على المُستوى العائليّ بتهيئة البيئة الرمضانيّة الإيمانيّة، وبالتّعاهد على الصُّلح وحل النِزاعات فيما بينهم، والتخلي عن المعاصي وإضاعة الوقت على غير المفيد.
آداب المسلم في رمضان
إن لشهر رمضان العديد من الآداب التي يُستحبُّ للمُسلم التحلّي بها، ومنها ما يأتي:
- حفظ الجوارح من المعاصي الظاهرة والباطنة؛ كالغيبة والنميمة، و كذلك يُحافظ المسلم على ضبط لسانه، ويغضّ بصره وسمعه عن الحرام، بالإضافة إلى عدم الإكثار من الطعام، اتّباعاً لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (مَا ملأَ آدميٌّ وعاءً شرًّا مِنْ بطنِهِ، بِحَسْبِ ابنِ آدمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلبَهُ، فإنْ كانَ لا محالةَ، فثلثٌ لطعامِهِ، و ثلثٌ لشرابِهِ، و ثلثٌ لنَفَسِهِ).
- ترك الشهوات المُباحة، وترك المُحرّمات من باب أولى، لِقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به والجَهْلَ، فليسَ لِلَّهِ حاجَةٌ أنْ يَدَعَ طَعامَهُ وشَرابَهُ)، وجاء عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قوله: "إذا صُمت فليصم سمعك، وبصرك، ولسانك من الكذب، والمحارم، ودع أذى الجار، وليكُن عليك سكينة ووقار يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء".
الأعمال الصالحة في رمضان
صيام شهر رمضان
ثبتت فرضيّة صيام شهر رمضان في القُرآن، والسُّنة، والإجماع، فمن القُرآن قولهُ -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، ومن السُنة قولُ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (بُنِيَ الإسْلامُ علَى خَمْسٍ، شَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وحَجِّ البَيْتِ، وصَوْمِ رَمَضانَ)، وأمّا الإجماع؛ فقد أجمع المُسلمون على وُجوب صيام رمضان إجماعاً قطعيّاً معلوماً من الدين بالضرورة، وصيامهُ واجبٌ على كُل مُسلمٍ، بالغٍ، عاقلٍ، مُقيمٍ، قادرٍ على الصيام؛ سواءً كان ذكراً أو أُنثى، وأن تكون المرأة خاليةٌ من الموانع الشّرعية؛ كالحيض والنفاس، وقد قال الله -تعالى-: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ).
وذكر الله -تعالى- الحِكمة من الصيام بأنّه الوصول بالعبد إلى درجة التقوى، حيثُ إنها الغاية التي تؤدّي بالعبد إلى السعادة في الدُنيا والآخِرة، وكذلك زيادة الإيمان، وحُصول الصبر، والتعوّد على المشقّات التي تُقرّب من الله -تعالى-، كما أن فيه تزوّد من الحسنات؛ بالإكثار من الأعمال الصالحة، والبُعد عن المعاصي، ويُعدُّ الصيام من أفضل العبادات ، وجاء بيانُ ذلك في كثيرٍ من الأدلة، وقد فرضه الله -تعالى- على جميع الأُمم السابقة، وهو سببٌ لمغفرة الذُنوب.
الصدقة
كان النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- حريصاً في رمضان على الإكثار من الصدقة، لِما رواه عنه الصحابةُ الكِرام : (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضانَ)،والجود هو كثرة العطاء وسعته، ولم يكُن جودهُ -عليه الصلاةُ والسلام- مُقتصراً على المال، بل شمل العلم، والنفس، والمال؛ لإظهار دين الله -تعالى-، وإيصال النفع للناس وتعليمهم، ومن الصدقة إطعامُ الطعام، وخاصةً في رمضان، وبيّن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- أجر تفطير الصائمين فقال: (مَن فطَّر صائمًا كان له مِثلُ أجرِه، غيرَ أنه لا ينقصُ مِن أجرِ الصائمِ شيئًا).
قيام الليل
حثّ النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- على قيام الليل في رمضان، وبيّن أنه سببٌ لِمغفرة الذُنوب، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ)، وتُعدُّ صلاة التراويح قياماً لرمضان، وسُمّيت بالتراويح؛ لأن الناس كانوا يُطيلون فيها ويستريحون بعد كُلِّ أربع ركعات، وصلّاها النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- ثُمّ تركها؛ خوفاً من أن تُفرض على الأُمّة، ويجوزُ للمُسلم أن يُصلّيها ما شاء من الركعات، وقد حرص الصحابةُ الكرام على قيام رمضان، فكان عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يُصلّي إلى نصف اللّيل.
قراءة القرآن
ينبغي للمُسلم الحرص على الإكثار من تلاوة القُرآن في رمضان؛ فهو شهرُ القُرآن ، وقد كان بعضُ السلف يختمهُ في قيام رمضان كُلّ ثلاثِ ليالٍ، مع تدبُّرهِ والبُكاء عند تلاوته، وتُستحبُّ مُدارسة القُرآن الكريم في اللّيل؛ لأنه أبعد عن الشواغل، مما يُعين على التّفكُر والتّدبُّر، وقد كان نُزول القُرآن في ليلة القدر في شهر رمضان من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدُنيا، وجاء عن الإمام الزُهريّ قوله: "إذا دخل شهرُ رمضان فإنما هو تلاوة القُرآن وإطعامُ الطعام"، وتلاوتهُ شفاعةٌ للعبد يوم القيامة.
الحكمة من شهر رمضان وصيامه
خلق الله -تعالى- الإنسان ضعيفاً عن تحديد الحِكَم من وراء العبادات التي شرعها له، فهو حكيمٌ في شرعه وأمره، ولكن الإنسان يسعى للاجتهاد إلى الوصول إلى بعض هذه الحِكم؛ وعدم الوصول إليها لا يعنى عدم وُجود الحِكمة لها، لِقصور الإنسان وعجزه، ومن الحِكم وراء شهر رمضان وصيامه ما يأتي:
- تعويد النفس على العطاء والكرم والبذل في سبيل الله -تعالى-؛ فالصائم يستشعر حاجات الفقراء والمساكين، فيكرمهم ويُعطيهم، وبذلك تسود المجتمع المسلم معاني الأُلفة والرحمة والمودّة.
- ابتلاء الإنسان وامتحانه لبيانِ العابِد لربّه، الراضي بشريعته وحُكمه، والمُقبل على فعل أوامره برضا نفس، وانشراح صدر.
- التنويع بين العبادات من الله -تعالى-؛ ليكون أبعد للنفس عن الملل من القيام بعبادةٍ واحِدة، واختبارٌ للعبد بين اتّباعُ هواهُ أو طاعة ربه.