تعبير عن الأخلاق والمجتمع
المقدمة: الأخلاق هي من ينشئ المجتمعات
الأخلاق هي الركيزة الأساسية التي من المفترض أن ينشأ عليها المجتمع، وهي الأساس في تكوين أفراد يتمتعون بالرقي والفضائل ولا يقبلون بالصفات السيئة؛ لأنّ الأخلاق هي التي تقوّم الإنسان وتجعل تصرفاته راقية ليس فيها أي سوء، وهي التي تجعل الخير يعم بين الناس وتمنع من انتشار الرذائل والأخلاق السيئة.
لهذا فإنّ التمتع بالأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة يجعل من المجتمع مثل البستان المليء بالأشجار المثمرة، الذي لا يأتي إلّا بالخير والطيب، ومن واجب كل شخص أن يجعل الأخلاق أساس تعامله دومًا.
العرض: غياب الأخلاق مؤذِن بسقوط المجتمع
الأخلاق هي التي تجعل من المجتمع مجتمعًا فاضلًا يهاجم الشر ويدعو للخير، وغياب الأخلاق مؤذن بسقوط المجتمع إلى الحضيض، ويجعل من أفراده مجرد وحوش تحاول الهجوم على الآخرين، ويجعل الحقوق ضائعة.
كما أنّ الأخلاق تجعل في داخل كل إنسان ضميرًا مستيقظًا يردعه عن فعل الشر، ويدعوه دومًا إلى أن يتصرف بطريقة صحيحة، فالأخلاق تمنع من الغدر والخيانة وتبادل الشتائم، كما تمنع من السرقة والتبلّي على الناس وظلمهم، وهي تشجع الإنسان دومًا على أن يكون وفيًا صادقًا لا يعرف الخيانة ولا يقبل بالظلم.
الأخلاق بمجرد غيابها في أيّ مجتمع يصبح هذا المجتمع فارغًا من القيم الصحيحة، ويتصرف أفراده بعشوائية وجهل، وتنتشر فيه الجرائم والمشاكل والرذائل، ويصبح مجتمعًا فاسدّا لا يوجد فيه مكان للحكمة والفضيلة.
كما يُسبب غياب الأخلاق غيابًا لصوت الضمير الحي، وتراجعًا في إنجازات المجتمع في مختلف المجالات؛ لأنّ أفراده يتفرغون لفعل المشكلات فقط والتفكك الحاصل فيه، ويضيعون طاقاتهم وإبداعاتهم بأشياء لا تجلب لهم أيّة فائدة.
المجتمع الذي يسوده الصلاح يكون مستمدًا صلاحه من الأخلاق الشائعة فيه، بعكس المجتمع الذي تسوده الأحقاد والضغائن والأخلاق الفاسدة، كما أنّ المجتمع الذي لا يؤمن بالأخلاق الفاضلة تنقصه الكثير من الأشياء التي تجعل منه مجتمعًا متماسكًا.
لأنّ غياب الأخلاق يزعزع استقرار المجتمعات ويرمي بها في دوامة من الفوضى، ويجعل منها مجتمعات بلا قيمة، لا يحب أي أحد أن يكون من ضمن أفرادها، ولا ينتشر فيها أي مظهر من مظاهر الخير.
للأخلاق أهمية عظمى في العرف الديني والمجتمعي ، فقد أمر الله تعالى عباده أن يكونوا أصحاب خلق رفيع عظيم لا تشوبه شائبة، حتى إنّ الله تعالى امتدح نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام- بوصفه بأنه صاحب خلق عظيم.
لهذا علينا جميعًا أن نقتدي بهذا الخطاب القرآني الكريم الذي يرشدنا إلى الاتصاف بزينة الأخلاق والبعد عن الظلم والكذب والاتصاف بالصدق والأمانة والسمو والترفع عن أي رذائل تسقط بالأخلاق إلى الحضيض.
الإنسان زينته أخلاقه العالية، وإذا ذهبت منه صفاته وأخلاقه الطيبة أصبح جسدًا بلا روح، ونحن جميعًا لا نقبل على أنفسنا أن نكون مثل أولئك الذين عرفوا بانعدام الأخلاق وقلة الضمير؛ لأننا بهذا نخسر أنفسنا في الدنيا والآخرة ولا يكون لنا أيّة قيمة أو احترام.
بالأخلاق الفاضلة نحقق أمر النبي العظيم الذي حثنا على الاتصاف بمكارم الأخلاق وأن نكون قدوة لغيرنا ومفتاحًا للخير في كلّ مكان وزمان، وهذا بحدّ ذاته يحتاج منا إلى التربية الصالحة التي تزرع فينا وبأبنائنا حب الخير دومًا.
كان نبينا العظيم محمد يُعرف بالصادق الأمين ، وهما من أرفع الأخلاق وأسماها، وهذا دليلٌ على أنّ معيار الرفعة عند الله تعالى بعد التقوى هو الأخلاق، ومهما كان مال الإنسان كثيرًا وكان منصبه عاليًا فلا قيمة أبدًا.
لأنّ الأخلاق هي معيار التفاضل بين الناس، ولا فائدة من أي منصب أو علم إن لم تكن الأخلاق أساسه؛ لهذا قيلت الكثير من القصائد والأشعار في مدح الأخلاق الفاضلة والتغني بها، كما أنّ القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة جعلت للأخلاق مكانة عالية جدًا.
من لم يكن خلقه طيبًا وحسنًا كانت سمعته بين الناس سيئة، ولم يكن مؤتمنًا على أيّ شيء، فصاحب الأخلاق السيئة لا نأتمنه على مالنا وأعراضنا، ولا نستودعه أسرارنا، أما صاحب الخلق الرفيع فإننا نحترمه ونوقره ونجلّه ونجعل له مكانة عالية في قلوبنا.
لأنه نموذج مشرف للخير والفضيلة، فالرسول -عليه الصلاة والسلام- حذّرنا من أن نكون أفرادًا يخشانا الآخرون بسبب سوء أخلاقنا؛ لأنّ هذا يؤدي إلى ظلم الآخرين والتعدي عليهم، وهذا ما لا يجب القبول به.
حتى نكون نموذجًا مشرفًا للأخلاق علينا أن نحرص كلّ الحرص على الاتعاظ بمن سبقونا وعاشوا قبلنا وماتوا، فالجميع سيموت في النهاية، ولن يظلّ ذكره خالدًا إلا أصحاب الأخلاق الفاضلة الذين تركوا بصمات واضحة للخير والرفعة، وامتنعوا عن فعل الشر.
وكانوا دومًا مثل الشجرة المثمرة والوردة التي تفوح عطرًا ولا تردّ الإساءة بالإساءة، كما علينا أن نربي أبناءنا على الأخلاق الفاضلة، وأن نقوي فيهم العزيمة كي يقاوموا الشر ويمتنعوا عن فعل أي شيء يطعن في أخلاقهم، وأن يعرفوا جيدًا أهمية الأخلاق.
الإنسان مخلوق قيمته ليست في مظهره وشكله وملابسه، وإنما بالأخلاق التي يحملها والصفات التي يتصف بها، فمن أراد النجاة في الدنيا والآخرة عليه أن يكون صاحب أخلاق فاضلة.
الخاتمة: أخلاق رفيعة تؤدي إلى مجتمعات عظيمة
في الختام، لا بدّ من معرفة أنّ الأخلاق الفاضلة الرفيعة تؤدي إلى إنشاء مجتمعات عظيمة ذات قوّة كبيرة لفعل الخير والتقدم والإنجاز؛ لأنّ الأخلاق الرفيعة التي ترضي الله تعالى ورسوله هي المحرك الأساسي للوصول إلى مراتب عليا، وهي السبيل للوصول إلى الخير والأمان والاطمئنان، وهي الطريق الذي يوصل إلى المجد والرفعة.
لهذا فإنّ المجتمعات التي تسود فيها محاسن الأخلاق هي المجتمعات التي تُعرف بالازدهار والتطوّر، والتي ينشغل أبناؤها بالبناء والعمل وحب الخير لبعضهم بعضًا في كلّ وقت.