سبب بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم
سبب بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم
أحوال العالم زمن بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم
بُعث النبي -صلى الله عليه وسلم- بدعوته إلى العالم في زمن انتشرت فيه ظُلمات الجهل على العالم كله، وساد الظلم في الدنيا كلها، وبدأت شواهد تدلُّ على تشويه المراد بالثقافة والحضارة المدنية الإنسانية المبنية على القيم والأخلاق السامية، ومن أبرز الأمثلة على ذلك ما سيأتي بيانه:
- في بلاد الشام
لم يبق لأتباع أنبياء بني إسرائيل من الإنسانية أي أثر إلا شكل الديانة وصورتها الخارجية، فدخلت فيهم الوثنية مُتأثرين بثقافات الأمم المجاورة لهم.
- في أوربا
انتشر الجهل والهمجية، ففي إنجلترا كانت تسكن قبائل السكسون الوحشية، التي كانت تعبد الأوثان، وفي مناطق فرنسا وما حولها سادت الخُرافات، حتى أنَّ القساوسة كانوا هم الذين يدعون الناس إلى الإتيان بأنواع مختلفة من الفُحش والوقاحات.
- في الهند
سيطرت طائفة "بام مارك" التي كانت تدعو الناس إلى مبادئها القذرة، فكانت تماثيل النساء والرجال العارية توضع في المعابد؛ ليعبدها الناس، حتى أنَّ جدران دور العبادة وأبوابها كانت مزخرفة بصور فاحشة لا يملك أمامها الإنسان المهذب إلا الشعور بالاشمئزاز والنفور.
- في مصر
سيطرت النصرانية بقوة، ويوماً بعد يوم كانت تُظهر معتقدات جديدة، فظهرت فِرَق جديدة، تعارضها فأخذت تلك الفرق تُكفِّر كل واحدة منها الأخرى، ولا تتورع عن قتل أو تحريق معارضيها.
- في الصين؛ جعلوا لكل أمر من أمور الحياة صنما ووثنا: فهنالك صنم المطر، وصنم الإنجاب، وصنم الحرب.
- في بلاد فارس؛ كانت المزدكية تدعو إلى الشيوعية في النساء والمال والأرض.
الحالة السياسية لجزيرة العرب قبل النبوة
نشأت الدعوة الإسلامية في بيئة الجزيرة العربية وهي منطقة صحراوية شحيحة المياه، نادرة الزرع، وهذا أثَّر في حالة الناس الاجتماعية والسياسية وعاداتهم وتقاليدهم التي تشكِّل العمود الفقري لثقافة الناس المنهمكين في الرعي والتنقل والتجارة.
طلبا للرزق والمعاش حال السلم، والغزو بين القبائل في حال الحرب والنزاع، ما عدا مكة التي لم يحصل بين قبائلها والقبائل الأخرى نزاع، وتفصيل حال مكة قبل النبوة ما يأتي:
- منطقة الحرم المكي
يُعد الحرم المكي حاضرة الجزيرة العربية؛ لوجود الحرم بها، وقد حفظ العرب لمكة حقها، وصانوا حُرمتها، وتعارفوا على الأشهر الحُرم؛ الذي كان قاصدو الحج يستغلونه آمنين من الغزو والسلب، حتى صارت مكة بلداً يأمن فيه الخائف، ويشبع الجائع، وتأتيها الثمرات من كل الآفاق، ويخيب فيها الظالم، ويهلك المعتدي وبخاصة بعد رؤيتهم بما حل بأبرهة الحبشي حين أراد هدم الكعبة.
- منطقة جنوب جزيرة العرب
نشأت في تلك المنطقة مملكة حِميَر، التي كانت تابعة لمُلك "سبأ"، وكانت تلك المنطقة محل صراع وتنافس بين الفرس والروم، حيث اتبع أهل تلك المنطقة سياسة ذي نواس بجبروته وطغيانه.
حتى ملَّ الناس في بعض مناطقها من ظلمة وعدوانيته، فاستعانوا بالفرس الذين أسسوا لهم دولة خاصة بهم في تلك المنطقة بقيادة "وهرز" الفارسي؛ لذا بقيت حال الناس هناك متقلبة بين اتِّباع الفرس والروم.
- منطقة شمال جزيرة العرب
تأسست في شمال جزيرة العرب مملكتان: مملكة المناذرة في الشرق التابعة للفرس وعاصمتها مدينة الحيرة، ومملكة الغساسنة في الغرب التابعة للروم، وهاتان المملكتان كانتا حائلاً بشرياً لكلٍّ من إمبراطورية الفرس وإمبراطورية الروم، وصارت كل من الامبروطوريتين تتقي هجوم الأخرى بالمملكة العربية الموالية لها، فصار العرب وقود الحرب بينهما.
الحالة الأخلاقية لجزيرة العرب قبل النبوة
اتَّصف العرب بكثير من الصفات الإيجابية التي ميَّزتهم عن غيرهم كالكرم والشجاعة والنجدة والمروءة، لكن في الوقت ذاته انتشرت كثير من العادات الذميمة التي كانت منتشرة بينهم قبل مجيء البعثة النبوية، ومن أبرز تلك الأخلاق والعادات ما سيأتي بيانه:
- وأد البنات وقتل الأولاد
من أبرز سلبيات ثقافة عرب الجزيرة في ذلك الوقت التي كانت تمارسها كثير من القبائل بلا رادع هي دفن البنات وهنَّ صغيرات -خشية العار إذا تمَّ أسرَّها من قبيلة أخرى-، وكذلك خشية الفقر، وكانت بعض القبائل العربية تقتل أبناءها الذكور خشية الفقر، وتقرباً للنذور للآلهة، وبعضهم كان يتشاءم بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة فيقتلونهم صغاراً.
- الحروب المتبادلة لأتفه الأسباب
كانت تقوم بين قبائل العرب عدة حروب لأتفه الأسباب: فبعض الحروب طالت لعشرات السنين من أجل ناقة، أو بسبب النزاع على سباق الخيل، ومن أشهر أمثلة ذلك:
حرب البسوس التي قامت بين قبيلة بكر، وقبيلة تغلب واستمرت لمدة أربعين عاماً من أجل ناقة، حتى فَنيَ في تلك الحرب الكثير من أبطال العرب ورؤسائهم وكحرب داحس والغبراء، التي قامت ودامت طويلاً بسبب سباق فرسين.