مراتب تفخيم الراء
تعريف التفخيم لغةً واصطلاحاً
التفخيم والترقيق من أقسام علم التجويد الذي يحرص العبد على تعلمه وإتقانه، ويرتبط مبحث التفخيم ارتباطاً وثيقاً بمبحث مخارج الحروف وصفاتها، ذلك لأنَّ معرفة مخرج الحرف يُحتِّم على القارئ معرفة صفاته وبالتالي معرفة هل الحرف مفخَّم أو مرقَّق، وفيما يلي بيان معنى التفخيم في اللغة والاصطلاح:
- التفخيم لغةً: هو التسمين والتغليظ والتعظيم.
- التفخيم اصطلاحاً: تغليظ الحرف أو تسمينه، وذلك بجعله في المخرج سميناً وفي الصفة قوياً، حتى يملأ الفم صداه، فيُسمغ مغلظاً، لقوة اعتماده على مخرجه.
مراتب تفخيم الراء
مراتب تفخيم الراء على النحو الآتي:
المرتبة الأولى
أن يكون حرف الراء مفتوحاً وبعده ألف، سواءً كان مشدَّداً كقوله -تعالى-: (أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ)، أو كانَ مخفَّفاً كقوله -تعالى-: (إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ)، وسبب كون هذه المرتبة هي أقوى مراتب تفخيم الراء؛ لأن وجود الفتحة وإشباعها بالحرف المجانس لها وهو الألف يجعلان الفم يمتلئ بصدى حرف الراء عند النطق به أكثر من غيره في المراتب التالية.
المرتبة الثانية
أن يكون حرف الراء مفتوحاً وليس بعده ألف، سواءً كان مشدَّداً كقوله -تعالى-: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ)، أو كانَ مخفَّفاً كقوله -تعالى-: (يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ).
وسبب كون الراء المفتوحة التي ليس بعدها ألف في المرتبة الثانية؛ لأن الفتح يملأ الفم بصدى حرف الراء عند النطق به أكثر من غيره في المراتب التالية، لكنه أقل من المرتبة السابقة لانعدام الألف التي تزيد من ظهور تفخيم حرف الراء وامتلاء الفم بصداه.
المرتبة الثالثة
أن يكون حرف الراء مضموماً، سواءً كان مشدَّداً كقوله -تعالى-: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا)، أو كانَ مخفّفاً كقوله -تعالى-: (قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ).
وسبب كون الراء المضمومة في المرتبة الثالثة؛ لأنَّ الضم يقتضي تجويف الفم وامتلائه بصدى حرف الراء، ولكنه أقل من المرتبتين الأولى والثانية لانعدام الفتحة والألف عند النطق به.
المرتبة الرابعة
أن يكون حرف الراء ساكن الوسط وقبله كسر أصلي منفصل عنه (أي في آخر الكلمة السابقة) كقوله -تعالى-: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ)، أو كسر عارض منفصل عنه كقوله -تعالى-: (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)، أو أن تكون ساكنة قبلها حرف مفتوح أو مضموم، نحو كلمة: (مَرْقَدِنَا)، ونحو ذلك من الأمثلة.
المرتبة الخامسة
أن يكون حرف الراء مكسوراً، سواء كان مشدّداً كقوله تعالى: (مَثَلُ الَّذينَ كَفَروا بِرَبِّهِم أَعمالُهُم كَرَمادٍ اشتَدَّت بِهِ الرّيحُ)، أو كان مخفّفاً، كقوله تعالى: (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ) ، وجُعلت الراء المكسورة في المرتبة الخامسة؛ لضعف المكسور، وعدم امتلائه الفم بصداها، كالمفتوح والمضموم، وعدم الاستقرار التام في مخرجها كالساكن.
حق الراء من التفخيم
من الجدير بالذكر أنَّ عامة كتب التجويد لم تتطرق لمبحث مراتب تفخيم الراء، وإنَّما لمبحث حالات تفخيم الراء، والسبب في ذلك يعود إلى أنَّ حرف الراء من حروف الاستفال، فحقها الترقيق أصلاً لها، ولكن بتمييزها عن غيرها في المخرج والصفة، حيث إنّ حرف الراء ينحرف عن مخرجه إلى ظهر اللسان فاكتسب تسميناً، واتصف بسبع صفات عن غيره من باقي الحروف فاكتسب قوة في الصفة، فأصبحت ترقق في بعض الحالات، وتفخم في بعضها.