حكم قص الشعر للمضحي
حكم قص الشعر للمضحي
اتَّفق جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية وبعض الشافعية والحنابلة على أنَّ المسلم إذا أراد الأُضحية يُسنُّ له الإمساك والامتناع عن قَصِّ شعره وأظافره، وقد استدلُّوا على ذلك بما ثبت عن أمِّ سلمة -رضي الله عنها- أنَّها قالت: (إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره وبشره شيئا)، إلّا أنَّ بعض الشافعية وبعض الحنابلة خالفوا الجمهور فقالوا إنَّ المسلم إذا أراد الأُضحية وجب عليه الإمساك عن قَصِّ شعره، وذلك لحمل النَّهي الوارد في حديث أمِّ سلمة -رضي الله عنه- المشار إليه مسبقاً على التحريم لا الكراهة، وتجدر الإشارة إلى عِدَّة أمور فيما يأتي:
- يلحق بحكم قَصِّ الشعر قَصِّ الأظافر والأخذ منها.
- يبدأ من أراد الأُضحية بالامتناع عن قَصِّ شعره وأظافره منذ دخول شهر ذي الحِجَّة ، فإن لم توجد لديه الرَّغبة في الأُضحية إلّا في أثناء العشر امتنع عن ذلك منذ رغبته وإرادته.
- يُقصد بالإمساك والامتناع عن قَصِّ الشعر كُلُّ الشَّعر، سواء كان شعر الإبط، أو الشارب، أو العانة، أو الرأس، وسواء كان ذلك بقَصٍّ أو نتفٍ، أو تقصيرٍ، أو نحو ذلك.
حكم قص الشعر للمرأة المضحية
تُستحبُّ الأُضحية للمرأة كما الرجل، حيث إنّ الأحاديث النبويّة الداعية الى استحباب الأُضحية والتقرُّب لم تَخصّ الرجل بذلك دون المرأة، لذا فيُسنّ للمُضحيَّة الإمساك عن قَصِّ شعرها كما المضحي.
الحكمة من عدم قص الشعر للمضحي
تكمن الحكمة من عدم قَصِّ الشعر للمُضحِّي في أمرين:
- أوّلهما: مشاركة المُضحِّي للمحرم في بعض أعمال الحجِّ، وهو ذبح الهَدْي تقرباً إلى الله -تعالى-، حيث قال الله -تعالى-: (وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ)، إلّا أنّه يجدر بالذكر أنّ المُضحِّي لا يُعدّ بذلك شبيه المُحرم؛ لكونه لا يعتزل النساء والطيب واللباس والصيد كما المُحرم.
- ثانيهما: بقاء المُضحِّي كامل الجزاء للعتق من النار.
الشروط الواجب توافرها في المضحي
اتَّفق جمهور العلماء على أنّه يُشترط في المُضحِّي أن يكون مسلماً لكونها عبادة، حرّاً، بالغاً، عاقلاً، مستطيعاً، إلّا أنّه قد تعدَّدت آراؤهم في اشتراط كون المُضحِّي مُقيماً كما يأتي:
- الحنفية: قالوا باشتراط كون المُضحِّي مقيماً، فالمسافر عندهم لا أُضحية عليه؛ تفادياً للمشقَّة التي قد تلحق به في أداء الأُضحية.
- المالكية: قالوا بعدم اشتراط كون المُضحِّي مقيماً، بحيث تُسنّ الأُضحية عندهم للمقيم والمسافر، إلّا أن يكون حاجّاً فلا أُضحيةَ عليه وإن كان ممّن يقطن منى، فيسنُّ له ذبح الهدي.
- الشافعية والحنابلة: قالوا بعدم اشتراط كون المُضحِّي مقيماً، بحيث تُسنّ الأُضحية عندهم لِكُلِّ مسلمٍ سواء كان مقيماً، أومسافراً حاجّاً أم غيره، وقد استدلُّوا على ذلك بما ثبت عن عائشة أمُّ المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: (خَرَجْنَا لا نَرَى إلَّا الحَجَّ)، إلى قولها: (وضحّى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر).