تفسير آية (مرج البحرين يلتقيان)
تفسير آية: (مرج البحرين يلتقيان)
قال الله تعالى: {مَرَجَ البَحْرَينِ يَلتَقِيَانِ}، قال المفسّرون بأنّ المقصود بالبحرين هما؛ البحر العذب والبحر المالح، ومرَج السَّوائِلَ: خلطها، والمعنى أنّهما يلتقيان ويصبّ كل منهما في الآخر فيختلطان ويمتزجان، ولكنّ الله بقدرته جعل بينهما حاجزًا فقال سبحانه: {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ}، وذلك حتى يحصل النّفع في كل منهما فيشرب الناس والدواب من البحر العذب، والمالح له منافعه من استقرار السفن والمراكب عليها وغيرها، وهذه الآية فيها من عجيب قدرة الله تعالى وإبداعه.
الإعجاز العلمي في الآية
إنّ مسألة البحرين تعد من الإعجاز العلمي ، فقد قال أبو زهرة في زهرة التفاسير: "هذه الآية من دلائل الإعجاز؛ لأن محمدا ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم ير البحار التي تمخر عبابها السفن، فذكره سبحانه وتعالى لخواصها في القرآن دليل على أنه ليس من عند محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي لم يرها ولم يعرفها، ودليل على أن الكلام للَّه تعالى خالق البحر واليابس، والأنهار والبحار، وهو بكل شيء عليم"، والتطور العلمي والتاريخي شاهد على ذلك؛ فإنّ القرآن نزل قبل ألف وأربعمائة سنة وكانت الحياة وقتئذ بيئة صحراوية فلم يركب النّبي -عليه الصلاة والسلام- البحر ولم يعرف الناس وقتها أنواع البحار، فعلوم البحار إنّما تطوّرت حديثًا بعد القيام بالعديد من الدراسات والأبحاث المختلفة وقيام العديد من العلماء والمكتشفين وتطورالإمكانيات لاكتشاف ما دلّ عليه القرآن وما وُصف به وصفًا دقيقًا في زمن يستحيل على البشر فيه معرفتها، ليدلّ بذلك على أنّ مصدر هذه المعلومات ليست من كلام النّبي -صلى الله عليه وسلم- إنّما هو من عند الله تعالى.
مقاصد سورة الرحمن
سورة الرحمن سورة مكيّة، سميّت بهذا الاسم لأنها ابتدأت باسم الله "الرحمن"، وهي السورة الوحيدة المبتدأة باسم الله تعالى، ومن مقاصد هذه السورة نذكر منها ما يأتي:
- إثبات صفة الرحمة لله تعالى ترغيبًا في إنعامه ترهيبًا في انتقامه.
- الإشارة بأنّ الله تعالى هو الذي علّم نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- علوم القرآن ، وفي ذلك ردّ على المشركين فيما يزعمونه بأنّ القرآن إنّما هو سحر أو أنه من أساطير الأولين أو أنّه كلام كاهن أو شاعر إلى غير ذلك من أقوال وحجج واهية.
- الإشارة إلى العدل وأمر الله تعالى بضرورة توفية أصحاب الحقوق لحقوقهم، وبيان حاجة النّاس إلى رحمة الله تعالى فيما خلقه لهم، ومن ذلك نعمة العلم ونعمة البيان، وما أعده الله تعالى للمتقين من ثواب ونعيم وللمجرمين العاصين من عقاب.
- بيان حال المؤمنين وأنّهما على أصناف؛ فمنهم من هو أرفع درجة من غيره، ومنهم من له جنتان في أعلى درجات الجنان ، ومنهم من له جنتين دون السابقتين، ثم وُصفت هذه الجنان وصفًا رائعًا، تبين فيها قدرة الله وجلائل نعمته فيما يتنعم به المتنعمون.
- أشارت بعض الآيات إلى بيان قدرة الله تعالى وأنّه هو الباقي الدائم، وأنّ كل من في الأرض فانٍ وزائل، وأنّه سبحانه سيجازي خلقه يوم القيامة على أعمالهم، فالملك له والحكم له.
- ختمت السورة بتعظيم الله تعالى والثناء عليه.