صفات نبي الله يونس
صفات نبي الله يونس
يعدّ يونس بن متّى -عليه السلام- أحد أنبياء الله -تعالى- الذين كرّمهم وذكرهم في كتابه العزيز، ولا خلاف في نبوّته إذ قال الله -تعالى-: (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ)، وقد ذُكرت قصّته مع قومه في كتاب الله -تعالى- مفصّلة، ويستنتج منها جملة من الصفات التي وصفها الله به من خلال الآيات كما يأتي:
غضب يونس عليه السلام من قومه
استمرّ يونس عليه السلام- بدعوة قومه إلى عبادة الله -تعالى- وحده، وترك عبادة الأصنام، وحذّرهم من وقوع عذاب الله -تعالى- عليهم، إلا أنهم كانوا كسائر الأقوام التي كفرت وعاندت، ولم يستجيبوا لدعوته، فغضب من ذلك غضباً شديداً، ولم يتّصف بالحلم الذي يجب أن يكون مرافقاً لمن يمارس عمل الدعوة إلى الله -تعالى-، وقد وصفه الله -تعالى- بهذه الصفة في قوله: (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ).
ذو النون
وصف الله -تعالى- في الآية السابقة يونس -عليه السلام- بذي النون؛ وسبب وصفه بهذا الوصف هو أنّه لما غضب من قومه تركهم وذهب باتّجاه البحر وركب سفينةً مع أحد الأقوام، ولكن السفينة لم تستطع حملهم جميعاً لكثرة عددهم، وكان لا بدّ من نزول أحدهم من السفينة، فجعلوا لذلك قرعة، وخرجت القرعة على يونس -عليه السلام- فألقى نفسه في البحر، فالتقمه حوت كبير؛ ولذلك سمّاه الله -تعالى- بذي النون.
تسبيح يونس ومواظبته على ذكر الله
لما ابتلع الحوت نبي الله -يونس- عليه السلام- حرّمه الله عليه من أن يأكله، فظلّ في بطن الحوت بمثابة سجن له، ولكَ أن تتخيّل كمية الابتلاء الذي كان فيه نبي الله يونس -عليه السلام- فقد كان محاطاً بظلمات بطن الحوت وظلمة الليل وظلمة قاع البحر، فكم هو الأمر مفزع، إلّا أنّ ذلك كلّه لم يكن يفزعه أو يسبب له الجزع والقنوط من رحمة الله -تعالى-.
بل دفعه ذلك ليكون من المسبّحين الذاكرين لله -تعالى-؛ ليغفر الله ذنبه الذي اقترفه، وقد وصفته الآيات بهذا الوصف في قول الله -تعالى-: (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ* لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)، وكان يسبّح بقوله: (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ).
فضل النبي يونس عليه السلام
يونس -عليه السلام- هو أحد أنبياء الله الذين يجب الإيمان بهم ومحبّتهم، ويونس -عليه السلام- له فضل خاص جاء من خلال حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ وذلك عندما قال: (لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِن يُونُسَ بنِ مَتَّى)، وفي ذلك اعترافٌ من رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- بعلو مكانته ورفعة منزلته، فلا ينبغي لأحد أن يظنّ نفسه أنّه أفضل وأقرب إلى الله -تعالى- من يونس، حتّى رسول الله؛ وإنّما قال ذلك مع أنّه خير البشر على الإطلاق من باب تواضعه وإجلاله لأنبياء الله -عليهم السلام-.