الدعوة والداعي
تعريف الدعوة إلى الله
فيما يأتي تعريف الدعوة إلى الله -تعالى-:
- الدَّعوة لغةً
الحثُّ على الشَّيء والتَّرغيب به.
- الدَّعوة اصطلاحًا
العلم الذي يبحث بالأساليب التي تعنى بدعوة النَّاس إلى الإسلام بما فيه من عقائدٍ وشرائعٍ وآدابٍ، متعدِّدةِ الاتجاهات من ترغيبٍ وترهيبٍ بطرقٍ جاذبةٍ للنَّاس، مرغِّبةً لهم بالدُّخول، محذّرة من كلِّ أسلوبٍ من شأنه أن يؤدِّي إلى نفور النَّاس.
أهمية الدعوة إلى الله وفضائلها
فيما يأتي أهمّ الفضائل المتمثِّلة في الدَّعوة إلى الله -تعالى-، والمتمثِّلة بالدَّعوة إلى الإسلام ومنهجه:
- إنَّ في شرف الدَّعوة فضلٌ بأنَّ الله -تعالى- بعظيم سلطانه يدعو إلى الهداية بامتثال أوامر الإسلام وشرائعه، قال -تعالى-: (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).
- إنَّ الدَّعوة هي الوظيفة الأساس للأنبياء والرسل الذين هم صفوة الخلق، وفي امتثال الدَّعوة اقتداء صفوة الخلق، قال -تعالى-: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ).
- إنَّ أفضل ما يمكن للعبد أن يشغل وقته به هو الدَّعوة إلى الله -تعالى-، قال -تعالى-: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ).
- إنَّ في فضل الدَّعوة أن جُعِلَت أمَّة الإسلام متميزةً بتفضيلها عن باقي الأمم لتشريفها بمهمَّة الدَّعوة إلى الخير.
- استمرار الأجر والثَّواب للدَّاعي بكلِّ شخصٍ قدَّر الله -تعالى- له الهداية على يديه.
الأساليب الدعوية
تتضمَّن الدَّعوة في الإسلام أساليب عدَّةً تتوافق مع من يقابلها من شخصٍ يُدعى إلى الخير، وفيما يأتي بيان أهم ما تتضمَّنته هذه الأساليب:
الأسلوب العقلي
يعتمد هذا الأسلوب على إثارة الحجج العقليَّة مستخدمًا المنطق، وقد حوى القرآن الكريم على الكثير من الحجج العقليَّة التي ناقش بها منكري البعث والتَّوحيد.
إضافةً إلى ما ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من استخدامه للمحاججة العقليَّة في حواره مع المخالفين، فالله -عزَّ وجل- هو خالق العقل.
الأسلوب العاطفي
يعتمد الأسلوب العاطفي على إثارة أحاسيس وانفعالاتٍ لدى الشَّخص المخاطب تجاه فكرةٍ ما أو شخصٍ ما؛ ممَّا يدفعه إلى تبنِّي أفكارٍ جديدةٍ، وسلوك منهجٍ جديدٍ في الحياة نابع عن انفعاله الوجدانيِّ.
ويمكن للدَّاعي إلى الله سلوك هذا الأسلوب بالحديث عن خير الدُّنيا الذي رتَّبه الله -تعالى- لمن يتَّقيه، أو بالتَّرغيب بالخير العظيم المنتظر لعباد الله المتَّقين، أو يذكر ما يرهب سمع المخاطب بذكر بغض الله لمن يعصيه، وما ينتظر العصاة من جزاء.
وللدَّاعي التطرُّق إلى مدح المخاطب بذكر أن مقامه ونسبه وشرفه يستدعي أن لا يصدر عنه إلَّا الخير والطاعة لله -تعالى-، والتلطُّف إليه بجميل العبارات ولطيف الأساليب محكّمًاً في خطابه الحكمة في القول والفعل.
الأسلوب الحسي
يعتمد هذا الأسلوب على استخدام وسائل حسِّيَّةٍ سمعيةٍ وبصريةٍ وما نحو ذلك لها الأثر بالتأثير الإيجابي على المدعو، ويعطي هذا الأسلوب أثره المطلوب بوجود لدى المدعو مصادره الخبريَّة والحسّيَّة التي بها يقارن ما يلقيه عليه الدَّاعية.
وبذلك يحدث التَّأثير العقل والعاطفي لديه، ممَّا يؤدِّي إلى استجابته إلى دعوة الحقِّ، ويستخدم هذا الأسلوب بالأخص مع المعنادين لغيرهم المتجاهلين لعواطفهم ومشاعرهم، المعتدِّين لما هو واقعٌ ومحسوسٌ أمامهم.
أسلوب القدوة الحسنة
يعتمد هذا الأسلوب بصورةٍ كليَّةٍ على الدَّاعية وأخلاقه وأسلوب حياته وطريقة تعامله مع من حوله وما يعرض إليه من مواقف حياتيَّة، ففي من اجتمعت فيه أخلاق القدوة الحسنة تنجذب إليه أفئدة النَّاس، وأدعى للتأثير في الغير بالخير، فيكون خيرًا يسير على الأرض يدعو إلى الله -تعالى- وهو صامتٌ.
تعريف الداعي إلى الله
هو المقتدي بالدَّاعي الأوَّل إلى الإسلام؛ محمَّد -صلى الله عليه وسلم- وبرسل الله -تعالى- القائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، المطبِّق لواجبه الذي كلَّفه الله على كلِّ مسلمٍ بالغٍ عاقلٍ.
أهمية الداعي في الإسلام
تكمن أهميَّة الدَّاعية في عدَّة محاور، وبيانها كما يأتي:
- كونه خليفة الأنبياء والرسل في الدعوة إلى الله -تعالى-.
- كونه قدوة للنََّاس من حوله في الخير والابتعاد عن كلِّ ما من شأنه أن يؤدِّي إلى معصية الله -تعالى-.
- كونه -والله أعلم- من عباد الله المصطفين الأخيار، الذين اختارهم الله -تعالى- لأن يكونوا دعاةً له.
- كونه مبلِّغٌ لأعظم أمرٍ خلق من أجله الإنسان.
أخلاق الداعي إلى الله
فيما يأتي ذكر أهمّ الأخلاق والصفات التي يجب أن لا تنفك عن شخص الدَّاعي إلى الله، ومنها ما يأتي:
- تقوى الله -تعالى- .
- الابتعاد عن الغرور والهوى.
- اتِّصافه بالأسلوب الحسن، لما في ذلك من دورٍ أساسيٍّ في استجابة النَّاس لدعواه.
- تسلُّحه بالعلم، لما في ذلك من أهميَّة في مساعدته بالتنوُّع بالأساليب الدَّعويَّة ، وامتلاء مخزونه المعرفي بما من شأنه أن يخدم الدَّعوة.
عُدّة الداعي إلى الله
يحتاج الدَّاعي قبل أن يسلك طريق الدَّعوة أن يتسلَّح بالعلم الذي يعينه في طريق الدَّعوة، والذي يجعله مدركًا لأهميَّة ما يقوم به، ويسلِّحه بالمعرفة اللّازمة لدعوة المخاطبين وفهمهم بحيث يعلم الأسلوب الذي يناسب من يخاطبه.
إضافةً إلى إيمانه الثَّابت بأحقيَّة الإسلام، فيخاطب مَنْ حوله أيًّا كانوا بكلِّ ثباتٍ راسخٍ لا يزعزعه أيُّ شيءٍ، إضافةً إلى دور الإيمان الرَّاسخ في تثبيت الدَّاعي لكلِّ ما يعرض له من مصاعب وابتلاءاتٍ تُعرّض مسير دعوته، فلا تزيده إلَّا ثباتًا، فيخرج بمنحةٍ من كل محنةٍ يمرُّ بها.
وممَّا يحتاجه الدَّاعي ويكون له من مقوِّمات شخصه: أن يتوكَّل على الله -تعالى- في كلِّ ما يقوم به، توكُّلًا منبعه الإيمان الرَّاسخ بأنَّ الله هو المعطي والمانع، النَّافع والضَّار، والمدبِّر لأمور عباده، فذلك يؤدّي لاطمئنان العبد بأنَّ ما يحصل له كائنٌ في اللّوح المحفوظ منذ بدء الخليقة، فيسير في دعوته لا يأبه لما يعرض له من معوّقات.
أهداف الدعوة والداعي
فيما يأتي الأهداف الرئيسيَّة الدَّافعة للدَّعوة إلى الله -تعالى-:
- تحقيق التَّوحيد في الأرض قدر الإمكان.
- الارتقاء بالمجتمع الإسلامي بتخليصه قدر الإمكان من السُلوكيات السلبيَّة والسيئة.
- تعريف عبادة الله بالطرق الصحيحة لإقامة دين الله في الأرض، لعمارة الأرض بما هو موصل لذلك.