أول ما يحاسب عليه العبد
أول ما يحاسب عليه العبد
إن هذه الجملة هي جزء من الحديث النبوي الذي رواه الصحابي عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، والذي نصه قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (أولُ ما يحاسبُ عليهِ العبدُ الصلاةَ، وإنَّ أولَ ما يُقضَى بين الناسِ في الدماءِ).
كما جاء في الحديث الذي رواه أبو أمامة الباهلي أيضًا: (اتقوا البولَ فإنه أولُ ما يُحاسبُ به العبدُ في القبرِ)،وستتم مناقشة أهم ما جاء في هذه الأحاديث من خلال العناوين التالي ذكرها.
أول ما يحاسب عليه العبد من حقوق الله
يذكر الحديث الشريف أنّ أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من حقوق الله -عز وجل- الصلاة؛ فإن صلحت صلاته أفلح ونجح، وإن لم تصلح خاب وخسر، لذا فإنه لمّا كانت الصلاة أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، فقد كان اجتهاده -صلى الله عليه وسلم- فيها مما لا يخفى على أحد، وكذلك لا يخفى حثه -عليه الصلاة والسلام- على الإحسان في أدائها.
لذا فإنه ينبغي للمسلم أن يحسن في صلاته، ويقيمها على أكمل وجه، ولا يترك شيئًا من الفروض، ويجتهد قدر الإمكان في النوافل، وأن يحافظ عليها ويتم الركوع والسجود والخشوع في كل حركاتها وسكناتها.
وقد جاء في الحديث عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: (خافَ مِن زيادٍ -أو ابنِ زيادٍ- فأتى المدينةَ، فلَقِيَ أبا هُريرةَ، قال: فنسَبَني فانتسَبتُ له، فقال: يا فتى، ألا أُحدِّثُك حديثًا؟ قال: قُلتُ: بلى رَحِمك اللهُ -قال يونُسُ: وأَحسَبُه ذكَرَه عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- قال: إنَّ أوَّلَ ما يُحاسَبُ الناسُ به يومَ القيامةِ مِن أعمالِهم الصَّلاةُ، قال: يقولُ ربُّنا عزَّ وجلَّ لملائكتِه -وهو أعلَمُ-: انظُروا في صلاةِ عبدي أتَمَّها أم نقَصَها؟ فإنْ كانتْ تامَّةً كُتِبتْ له تامَّةً، وإنْ كان انتقَصَ منها شيئًا، قال: انظُروا، هل لعبدي مِن تطوُّعٍ؟ فإنْ كان له تطوُّعٌ قال: أَتِمُّوا لعبدي فريضتَه مِن تطوُّعِه. ثمَّ تؤخَذُ الأعمالُ على ذاكم).
أول ما يحاسب عليه العبد من حقوق العباد
بيّن الحديث الشريف أن أول ما يحاسب عليه العبد من حقوق الله -تعالى- الصلاة، وبيّن أيضًا أنّ أول ما يقضى فيه بين الناس الدماء، ومعنى ذلك أن أول ما يحاسب عليه العبد من الحقوق المتعلقة بالعباد الحقوق الخاصة بالدماء، حيث يأتي كل قتيل قتل ظلمًا وعدوانًا، ويقتص الله له ممن قتله، وقيل أنه يأتي ممسكًا رأسه ويقول: يا رب سل هذا فيم قتلني.
لذا إن العلماء ينصحون بالتحلل من حقوق العباد في الدنيا قبل الآخرة، فمن كان لأخيه عنده مظلمة فليتحلل منها في الدنيا، خاصة ما يتعلق بأمر الدماء والقتل، فليحذر الإنسان منه، لأن في هذا الحديث بيان لعظم خطر هذا الأمر، حتى إنه أول ما يقضى به بين الناس يوم القيامة القتل.
أول ما يحاسب عليه العبد في القبر
حثّ الدين الإسلامي على الطهارة، وأكد على أهمية الاستنجاء من الحدث الأصغر كالبول والغائط، والاغتسال والتطهر من الحدث الأكبر كالحيض والجنابة، وقد جاء في الحديث الذي سبق ذكره أن أول ما يحاسب عليه العبد في القبر البول، ومعنى ذلك أنّ على الإنسان أن يحذر من أن يصيب بدنه شيء من بوله أو من بول غيره، وأن يستنجي من البول، ويحرص قدر الإمكان على التطهر منه.
وقد جاء في الحديث الشريف الذي رواه عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-: (مَرَّ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى قَبْرَيْنِ، فَقالَ: إنَّهُما لَيُعَذَّبَانِ، وما يُعَذَّبَانِ في كَبِيرٍ، أمَّا هذا: فَكانَ لا يَسْتَتِرُ مِن بَوْلِهِ، وأَمَّا هذا: فَكانَ يَمْشِي بالنَّمِيمَةِ ثُمَّ دَعَا بعَسِيبٍ رَطْبٍ فَشَقَّهُ باثْنَيْنِ، فَغَرَسَ علَى هذا واحِدًا، وعلَى هذا واحِدًا، ثُمَّ قالَ: لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عنْهما ما لَمْ يَيْبَسَا).