ولا تحسبن الله غافلاً
تفسير آية ولا تحسبن الله غافلاً
قال تعالى في سورة إبراهيم: (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصار)، وذكر ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة وقوله تعالى ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمين، أي لا تحسب أنّ الله تعالى يغفل عما يفعله الظالمون من أعمال، بل هو سبحانه يمهلهم وينظرهم ويحصي لهم أعمالهم ويعدها عليهم عدّاً، ويؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار، وهذا اليوم هو يوم الأهوال الشديدة وهو يوم القيامة.
ذكر القرطبي في تفسير هذه الآية أنّها تسلية لقلب النبي عليه الصلاة والسلام لما وجده من مخالفة قومه لدين إبراهيم، وما عاينه من أفعالهم، وحتى يعلمهم أنّ تأخير العذاب عنهم لا يعني الرضا بأفعالهم، بل هي سُنة الله في إمهال العصاة والظالمين، وقال ميمون بن مهران إنّ هذه الآية فيها تسلية للمظلوم، ووعيد للظالم، ومعنى تشخص فيه الأبصار أي لا تغمض في ذلك اليوم مما ترى من الأهوال ، وقال ابن عباس تشخص أبصار الظالمين في ذلك اليوم إلى الهواء من شدة حيرتهم فلا يرمضون.
التحذير من الظلم
لا شك أنّ أعظم صور الفاعلية الابتعاد عن الظلم بجميع أشكاله، وإذا وقع من الإنسان أن يسارع إلى رفعه والتحلل منه قبل فوات الأوان، وقد حذر النبي عليه الصلاة والسلام من الظلم وعقوبته في أحاديث كثيرة، فقد وصى النبي الكريم الصحابي معاذ بن جبل حينما خرج إلى اليمن بأن يتقِّ دعوة المظلوم؛ ذلك لأنّ دعوته ليس بينها وبين الله حجاب، وفي الحديث: (من كانت له مظلمةٌ لأحدٍ من عرضِه أو شيءٍ فليتحلَّلْه منه اليومَ، قبل أن لا يكونَ دينارٌ ولا درهمٌ ، إن كان له عملٌ صالحٌ أخذ منه بقدرِ مظلمتِه، وإن لم تكنْ له حسناتٌ أخذ من سيئاتِ صاحبِه فحمل عليه).
من صور الظلم في الحياة
من صور الظلم في الحياة أن ترى الرجل يعتدي على أموال الناس وأعراضهم، ويأكل المال الحرام، ويبطش بالناس، وفجأة تراه بقبضة الله تعالى فيصيبه المرض العضال، أو يتعرض إلى حادث، فيرى عاقبة عمله، فعلى الإنسان ألا تغره أحوال الظالمين حينما يراهم مصرّين على الظلم، ذلك أنّ العبرة تكون في النهاية حينما يرون عاقبة أعمالهم، وما ذلك الإمهال إلا امتحاناً للظالمين.