من مواقف اسماء بنت ابي بكر
من مواقف أسماء بنت أبي بكر
مواقف أسماء في الهجرة
كان لأسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- دورٌ بارزٌ في هجرة النَّبيِّ -صلّى الله عليه وسلّم- إلى المدينة المنوَّرة، فقد جاء رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى بيت والدها أبي بكر ليصحبه، فقامت أسماء بتجهيز الطَّعام والزَّاد لهما في الطَّريق، ولم تجد أسماء -رضي الله عنها- ما تضع الطَّعام فيه، فقامت بشقِّ نطاقها إلى نصفين ووضعت فيه الزَّاد، وكانت أسماء -رضي الله عنها- تذهب كلَّ يومٍ إلى غار ثور، حيث أبيها ونبيِّها مختبئان، وتأتي لهما بالزَّاد والمتاع، وكانت تنقل لهما أخبار القوم.
موقف أسماء مع امها المشركة
كانت أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- تقيَّة، لا تداهن في دينها وتقف عند حدود الله، فقد كانت أمُّ أسماء تُدعى قُتَيْلة وكانت مشركةً، وكانت متزوِّجة من أبي بكر قبل إسلامه، وطلَّقها في الجاهليَّة، وقد رُوي أنَّها جاءت تزور ابنتها أسماء، وكانت تحمل معها الهدايا وزبيباً وسمناً، فلم تقبل أسماء هديَّتها قبل أن تتأكد من رسول الله.
وطلبت من أختها عائشة -رضي الله عنها- أن تسأل رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام-، فأذن لها أن تُدخلها وتقبل هديتها، ونزل قول الله -تعالى-: (لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ في الدِّينِ). وهذا لا يعني أنَّها تتصف بعقوق الوالدين وليست بارَّةً بأمِّها، فقد ثبت عنها أنَّها قالت لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي قَدِمَتْ عَلَيَّ وهي رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُهَا؟ قالَ: نَعَمْ صِلِيهَا).
موقف أسماء بنت أبي بكر مع الحجاج
عاشت أسماء -رضي الله عنها- عمراً طويلاً، وأدركت زمن الحجَّاج الذي رفض مبايعة ابنها عبد الله بن الزّبير -رضي الله عنه-، وقام بصلبه وتعليقه ثلاثة أيَّامٍ، ثمَّ أرسل إلى أمِّه أسماء وهي عجوز ونظرها ضعيف، فأحزنها صلب ابنها وقالت: "أما آن لهذا الراكب أن ينزل"، ونعت الحجَّاج ابنها بالنِّفاق، ولكنَّها ذكرت له محاسن ابنها، فقد كان كثير الصَّوم وقيام اللَّيل وبارَّاً بوالدته، وأخبرت الحجَّاج بأنَّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أخبر بقدوم الكذَّاب والمبير وقد تحقَّق قوله، فغضب منها ونعتها بالخَرَف وكبر السِّنِّ، فكان موقفاً سُجِّل لها في وقوفها في وجه الظُّلم وعدم السُّكوت على الحقِّ.
لماذا لقبت أسماء بذات النطاقين
كانت أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- تلقَّب بذات النِّطاقين؛ وذلك لأنَّها حين أعدَّت سفرة الطَّعام لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأبيها في ليلة الهجرة، لم تجد شيئاً تضع به الطَّعام، فقامت بشقِّ نطاقها -أي خمارها- إلى نصفين، فجعلت في النِّصف الأوَّل طعامهما، وتطوّقت في النِّصف الآخر، ولمَّا بلغ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ما فعلت أسماء من أجله، بشَّرها بأنّ الله -تعالى- قد أبدلها عوضاً عنه بنطاقين في الجنَّة، فسمِّيت لذلك ذات النِّطاقين.