مفهوم الهوية الإسلامية
ما هي الهُوية الإسلامية؟
تعددت التعريفات لمفهوم الهُوية الإسلامية، ويمكن اختيار بعض هذه التعريفات فيما يأتي:
- السّمات والخصائص والسلوكيات المميزة للأمّة، الناتجة عن تفاعل المسلم مع العقيدة والشريعة .
- السّمات والصفات والسلوكيّات التي تميز المجتمع الإسلامي عن غيره من المجتمعات.
- الإيمان بعقيدة هذه الأمة، والاعتزاز بالانتماء إليها، واحترام قيمها الحضارية والثقافية، وإبراز الشعائر الإسلامية، والاعتزاز والتمسك بها، والشعور بالتميز والاستقلالية الفردية والجماعية، والقيام بحقّ الرسالة وواجب البلاغ، والشهادة على الناس.
مقومات الهوية الإسلامية
تنتمي الهوية إلى عدة أصول، وتستقي بقاءها من عدة مصادر، تجتمع كلها من أجل أن تكوّن مقوماتها، ونذكر هنا أهمها فيما يأتي:
- العقيدة الإسلامية
إن أهمّ مميزات هذه الهوية أنها تنضوي تحت العقيدة الإسلامية، والإيمان الراسخ بالله -تعالى- وبعقيدة التوحيد، وهذا يشمل كلّ من ينتمي إلى الأمّة الإسلامية، أن يكون إيمانه مطلقا بهذه العقيدة، وأن يكون مؤمنا بأن الإسلام دينٌ يجب الانقياد إليه، وأنّه دينٌ أممي، يمكن أن يحوي كل البشر، وكل من يرغب في الدخول به، قال الله -تعالى-: (إِنَّ هَـذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ).
- اللغة العربية
لغة القرآن ولغة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولغة العلم، والمقوم الرئيس لفهم الإسلام وتعلّمه، قال الله -تعالى-: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).
- التاريخ
به يشترك كلّ مسلم، حيث إنّ هذا التاريخ شاركت به كل القوميات؛ العربية وغيرها، فلا بدّ من احترام هذا التاريخ بعيداً عن الفكر العولمي أو الأفكار القوميّة.
- التراث
هو النتاج الحضاري للأمّة الإسلاميّة، بمختلفِ مكوناتها، وأقطارها ولغاتها، وفي كلّ المجالاتِ الدينيةِ والدنيوية؛ كالعمارةِ والفلسفةِ والآدابِ، وغيرها من المجالات.
- التكوين الروحي والنفسي المشترك
إنّ ما يجعل الأمة الإسلامية أمّة مُميزة عن غيرها، إنتاجها هذه الحضارة القوية، واتسمامها بسماتها؛ من العادات والتقاليد، والثقافات المختلفة، أي إنّ هذا القدر من المُشتركات في تكوين الهوية الإسلامية، يكون مقوم من مقوماتها.
مُهددات الهٌويّة الإسلامية
تمر الأمة الإسلامية بمنعطفات خطيرة يمكنها العصف بهويتها الإسلامية، وتعمل على تهديدها، وتحاول القضاء عليها، ومن هذه المهددات ما يأتي:
- الغزو الفكري الخارجي
الذي يلبس كل مرة لباساً جديداً تحت مسميات برّاقة، ويحاول تمرير مخططات قديمة وحديثة تعصف بكيان الهُوية الإسلامية، لا سيّما إذا ما تبنّت هذه الأفكار مؤسسات فكرية، فضلاً عن سياسات حكوميّة.
- التقليد الأعمى
حيث يكون التقليد للأفكار الطائشة والدخيلة، والتي تهدّد المجتمعات الإسلامية، ابتداءً من معتقداتها؛ فأصبحت العقيدة الإسلامية مُهددة من أبنائها قبل العدوّ، وهنا بعض المظاهرالتي ينبغي المحافظة عليها؛ من أجل بقاء الهُوية الإسلامية؛ كاللباس والمظهر الخارجي، لا سيما الواجب منها في الشريعة.
- ضعف الانتماء لمقومات الهوية الإسلامية
ضعفت في كثير من نفوس أبناء العالم الإسلامي، ولا سيّما الشباب المُنبهرين بثقافات مخالفة للشرع، دون الوعي لِما تُخفيه هذه المُخططات بهدف السيطرة والبقاء.
- الخلل العقدي
نجده عند كثير من التجمعات الإسلامية، ممّا تساهم بهدم مُقومات هذه الهُوية، قد يكون مُتهاوناً بالتمسك بهذه المقومات، وقد يكون متشدداً، بحيث ينفر النّاس من قَبول دعوته.
كيفية الحفاظ على الهوية الإسلامية
إنّ سُبل الحفاظ على الهوية الإسلاميّة من الضياع كثيرة جداً، سنتناول في هذه المقالة بعضها، وذلك فيما يأتي:
- التمسك بشريعة الله -تعالى- والالتزام بتعاليمه؛ فهي النّجاة من الزَلل، وبها يكون الصُّمود في وجه الشبهات، مع التوكل على الله -تعالى- والاستعانة به، وطلب النّصرة منه -سبحانه وتعالى-.
- الثقة بمنهج الله -تعالى- والإيمان المطلق به، والوثوق بأنّه المنهج الذي ينبغي اتباعه دون الحياد عنه، ومعرفة أنّ الله لا يخلف الوعد.
- التزوّد من العلوم الشرعيّة
التزوّد من هذه العلوم؛ للمُحافظة على الهُوية وأخذ العلم عن العلماء الربانيّين، حتّى يكون منهجه سويّ صحيح، دون شوائب، ولا يخلط الدين بالشبهات، ومن عرضت له شبهة، فليرجع بها إلى هؤلاء العلماء ولا يُجازف بالانجرار وراءَها، قال الله -تعالى-: (فَاسأَلوا أَهلَ الذِّكرِ إِن كُنتُم لا تَعلَمونَ).
- البناء الذاتي بطريقة سليمة؛ وذلك بمعرفةِ المآخذ والمسالك المتّبعة، وتكوين شخصية غير مهزوزة ولا مهزومة على العلم الراسخ واليقين.
- التمسّك بالقرآنِ الكريم
ذلك بتعلّم تلاوته ومُدارسته، والتحاكم إليه، ومعرفة أنّه لا نجاة إلا باتباعِ الشرع الحنيف، وأنّ الشفاء من كلّ الأسقام؛ العقلية والذهنية والنفسية والبدنية، لا يكون إلّا بالتمسك به، قال الله -تعالى-: (وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ وَلا يَزيدُ الظّالِمينَ إِلّا خَسارًا).
كيفية إظهار الاعتزاز بالهُوية الإسلامية
تنبع أهمية الاعتزاز بالهوية الإسلامية من جعل المسلم صاحب شخصية مستقلة، فيكون المسلم بسلوكه وأوصافه معبراً عن استقلالية هذا الدين، ويكون ذلك بالمحافظة على اللغة العربية لغة القرآن الكريم، والاعتزاز برموز الهوية الإسلامية؛ كالتاريخ الهجري، والأخلاق والقِيَم الإسلامية النبيلة، بالإضافة إلى امتثال التعاليم الدّينية العظيمة، والفخر بالدين الذي جاء خاتماً للرسالات كلّها.
وتكون الكيفية في إظهارها بما يأتي:
- الرجوع بالوعي إلى العقيدة الإسلامية والتاريخ الإسلامي، وإبرازه للأمم الأخرى، وعدم الرضوخ للواقع، مع التركيز على أنّ هذه العقيدة هي العلم الشامل، والمُطلق الذي يستوعب القضايا كلها، وأنها وحي السماء من الله -تعالى-.
- إبراز مظاهر الحضارة الإسلامية، والافتخار بتاريخنا ولغتنا وتُرابنا وحضارتنا ومسيرة الأجداد.
- الاعتزاز باللغة العربية، لا أنها مجرد لغة الآباء والأجداد ومظهر من مظاهر التخاطب، وإنّما هي وعاء للفكرِ والفلسفة والعلوم على مرّ التاريخ.