مفهوم العلمانية
مفهوم العلمانيّة
تُعرّف العلمانيّة أنّها مجموعة من المُعتقدات التي تتمحور حول أنّ الدّين لا يجب أن يُشارك في الجوانب السّياسيّة والاجتماعيّة مع أيّ دولة، كما تُعرّف بأنّها النّظام الفلسفيّ السّياسيّ أو الاجتماعيّ الذي يرفض أيّ شكل من أشكال الدّين، وذلك تحت مبدأ فصل الأمور السّياسيّة والدّينيّة عن بعضها، فيتمّ استبعاد الدّين عن جميع الشّؤون المدنيّة المتعلّقة بالدّول . وتُشير العلمانيّة كذلك إلى التّوجه نحو الجانب الماديّ للحياة على الأرض دون الجانب الدّينيّ الغيبيّ.
نشأة العلمانيّة
نشأت العلمانيّة بسبب الحاجة إلى فصل الدّولة عن الكنيسة في القرن السّابع عشر الميلاديّ في أوروبّا، فتمّ تعزيز مبادئ وأفكار العلمانيّة؛ بسبب تأثير الكنيسة على كلّ من الجانب السّياسيّ والاقتصاديّ، ومن أمثلتها الحروب التي دارت بين مختلف الطّوائف المسيحيّة في أوروبّا، وكذلك التّحديّات الجليّة بين المعارف الدّينيّة والإنجازات العلميّة، كما كان لظهور البرجوازيّة الصّناعيّة تأثير في العلمانيّة كأحد أسباب نشأتها، فلقد شككت في الحقّ الإلهيّ للملوك، بالإضافة إلى أنّ العلمانيّة كانت ضدّ الإقطاعيّة القديمة المُستندة على الكنيسة سياسيًّا واقتصاديًّا. وبعد ذلك انتشرت بين المُصطلحات والنُظم الفكريّة في نهايات القرن العشرين الميلاديّ، وكان انتشارها واسعًا، إذ انتشرت في القارّة الأوربيّة لتعمّها، ثمّ إلى العالم أجمع.
مبادئ العلمانيّة
قامت العلمانيّة على العديد من الأُسس والمبادئ، ومنها:
- الفصل بين الدّين والدّولة (مؤسسات الدّولة والمجالات العامّة).
- الحريّة في الممارسات الدّينيّة والمعتقدات المختلفة دون الإضرار بالآخرين.
- المُساواة بين النّاس، إذ لا تمييز بينهم على أساس المُعتقدات الدّينيّة.
مظاهر العلمانية
للعلمانيّة مظاهر مختلفة، ويُمكن جمعها بنحو ثلاثة أنواع رئيسيّة، وهي كما يلي:
- العلمانية السياسية: هي السّياسات والأفكار التي تسعى لإبعاد الحكومة عن أي عمل دينيّ أو أي مؤسسة دينيّة، للحفاظ على الحياة المدنيّة بعيدًا عن القوّة الدّينيّة، ويُزعم أنّ هذا المظهر من العلمانيّة لا يُرادف الإلحاد، إنّما يتعامل مع أي مظهر دينيّ يسعى لأخذ مكان في الحكومة أو المجتمع المدنيّ .
- العلمانية الفلسفية: تسعى هذه العلمانيّة إلى إحكام السّيطرة على الهيكلة الفكريّة، والكتابة، وأيّ نشاط يستدعي نقدًا دينيًّا، كما أنّها تتطرّق إلى تحرير الأشخاص المؤمنين من مُمارساتهم الدّينيّة، فهذه العلمانيّة تُعدّ مدرسة فكريّة ترى أنّ الدّين ظاهرة خاطئة.
- العلمانية الاجتماعية والثقافية: يُعدّ هذا المظهر من العلمانيّة أكثر المظاهر انتشاراً، وتتضمن فكرته في تقليص دور الدّين في المجتمع في الحياة اليوميّة.
الفرق بين العلمانيّة والعلمنة
هُناك فرق بين العلمانيّة والعلمنة، وقد يكون الاشتباه بين هذين المفهومين أحد الأسباب التي تجعل النّاس يربطون بين العلمانيّة والإلحاد. فيجب الإشارة إلى أنّ العلمانيّة هي الموقف الفلسفيّ بالنسبة للأسلوب والطّريقة التي يجب أن يتم بها الأمر، وهي الفلسفة السّياسيّة التي تدعو إلى فصل الدّين عن الدّولة، أمّا العلمنة فهي جُهد فعليّ لتنفيذ تلك الفلسفة باستخدام القوّة عند الحاجة، وكما يقول براين ويلسون هي "العمليّة التي يَفقد فيها التّفكير والممارسة والمُؤسسات الدّينيّة أهميتها الاجتماعيّة".
مفاهيم عن العلمانيّة
هُناك بعض الاختلاطات التي واجهت العلمانيّة، منها:
- العلمانيّة ليست الإلحاد: هُناك فرق بين الإلحاد والعلمانيّة، فالإلحاد هو الإيمان بعدم وجود إله للكون، في حين أنّ العلمانيّة تدعو لفصل الدين عن الدّولة، لذلك يُمكن أن يكون العلمانيّ حاملًا لمعتقدات دينيّة أو حتّى أن يكون مُلحدًا. وقد يكون السبب في اختلاط مفهوميّ الإلحاد والعلمانيّة أنّ العديد من الذين يَدْعون إلى العلمانيّة مُلحدون.
- العلمانيّة ليست الإنسانيّة: إنّ الإنسانيّة (بالإنجليزية: humanism) فلسفة أخلاقيّة تُعنى بكيفية عيش الإنسان حياة طيّبة بدون دين، لكن في العلمانيّة يُمكن أن يكون الشخص إنسانيّاً، ومُلحداً، وعلمانيّاً في الوقت ذاته إن أراد ذلك، إلا أن كلّ واحد منهم لا يرتبط بالآخر.