مفهوم الإبداع
مفهوم الإبداع
يُعرّف الإبداع لغويّاً الإتيان بشيء لا نظير لهُ فِيه جودة وَإِتقَان، حيث يكون هذا الشيء ابتكاراً لم يسبق له مثيل، ويعرّف الإبداع اصطلاحاً بأنّه عملية تقوم على تحويل الأفكار الجديدة والخيالية إلى حقيقة واقعة، وينتج عنها إحضار شيء جديد غير موجود مسبقاً إلى الوجود، ويتحقّق ذلك عن طريق الآتي:
- تجاوز الطرق التقليديّة في التفكير.
- تطوير أفكار أو أساليب أو أشياء جديدة، ومبتكرة، وغير عاديّة.
- الاستفادة من المعرفة، والبصيرة، والمعلومات، والإلهام، التي تكوّنت وتطوّرت من التجارب المختلفة وفي الحياة.
يتضمّن الإبداع مرحلتين أساسيتين لا يكتمل إلّا بوجود كلتيهما: التفكير و الإنتاج، إذ لا يكفي أن يُفكّر الشخص بطريقة إبداعيّة، بل عليه التصرّف بناءً على هذه الأفكار، حيث يتطلّب الإبداع مجموعةً من المهارات وهي كالآتي:
- القدرة على إدراك العالم بطرق جديدة.
- إيجاد أنماط خفية.
- إقامة روابط بين ظواهر تبدو غير مرتبطة.
- إيجاد الحلول.
تلعب شخصيّة الفرد والبيئة المحفّزة؛ كالأسرة، والمعلمين، والمدارس دوراً مهمّاً في خلق الإبداع، حيثُ تختلف درجات الإبداع وينتج عنها نوعان أساسيّان هما كالآتي:
- الإبداع الاستثنائي: يتطلّب هذا النوع من الإبداع درجةً عاليةً من الابتكار ، بحيث يبتكر أفكاراً مهمّةً تؤثّر في المجتمع بأسره، وقد تجلب الشهرة لصاحبها.
- الإبداع اليومي: وهو درجة من الإبداع لا تتطلّب مهارات عالية جدّاً، إذ يقتصر تأثيرها على الأنشطة اليوميّة مثل كتابة القصائد.
سمات الإبداع
تمتلك الشخصيّة الإبداعيّة سمات تُميّزها عن الآخرين، وتجعلها تتجه نحو الإبداع بالتخطيط، والبناء، والتنفيذ، والاستمراريّة، ويُمكن تلخصيها في خمس5 سمات رئيسية:
- المرونة: تتميّز الشخصيّة المبدعة بالمرونة والانفتاح في التفكير، وعدم الانغلاق بالتركيز على طريقة واحدة للقيام بالأشياء، وهذه الخاصيّة تساعد على الابتكار، لأنّها تبحث عن أكثر من إجابة واحدة أو حل لمشكلة ما، كما أنّها تعزز القدرة على إدراك أنّ حل ما لا يعمل، وبالتالي ضرورة التغيير والبحث عن نهج وحل بديل.
- الفضول الشديد: يمتلك المبدعون شخصيّة تتمتع بالفضول نحو الأشياء، والخيال الواسع في الإجابة عن التساؤلات التي يطرحها العقل نحو أمر ما، مثل محاولة اكتشاف كيفية عمل شيء ما، أو التركيز على تفاصيل بناء ما.
- الإيجابيّة: تعدّ الإيجابيّة سمة ضروريّة للإبداع، فهي أساس ليكون الشخص مرن، ويمتلك الفضول نحو العالم، فالشخصيّة الإيجابيّة تمتلك الحافز للبحث عن الحلول، والتفاصيل، والتساؤلات، أمّا الشحصيّة السلبيّة فتحجب الاحتمالات، والنظر إلى العالم بفضول.
- الدافع القويّ والتصميم: هذه الصفة هي الفارق بين الشخص المبدع ، والشخص الذي يمتلك أفكاراً إبداعيّة دون العمل بها، فعمليّة بناء الأفكار واقعيّاً جزء أساسي للإبداع، وحتّى يتمكّن الشخص من تطبيق أفكاره، لا بدّ له أن يمتلك الدافع القوي، والمتابعة والتصميم دون أن يُصاب بالإحباط أو الملل.
- الشجاعة: إنّ الشخصية المبدعة تميل إلى الإيمان بقيمة أفكارها في المجال المتعلّقة به، فتمتلك الشجاعة للسعي وراء تحقيقها، دون الشعور بالقلق إذا ما كانت هذه الأفكار صحيحة أم خاطئة.
أهمية الإبداع
يُساهم الإبداع بشكل إيجابي على المستوى الفردي والجماعي، إذ تكمن أهميّته فيما يأتي:
- تشغيل العقل بشكل أكبر.
- تحرير العقل فيجعله أكثر استيعاباً للمعرفة.
- تعلّم المعالجة بشكل أكثر كفاءة.
- التفكير بطريقة غير تقليديّة، فيحرر العقل من الأنماط وعادات التفكير القديمة.
- إتاحة طرق بديلة في التفكير.
- الكشف عن الجوانب المخفيّة من الشخصيّة، فيزيد صلة الفرد بذاته، فيقوده ذلك للتفرّد من خلال إظهار المواهب والقدرات الداخليّة.
- زيادة الشعور بالتعاطف مع الآخرين.
- المشاركة الإبداعية حيث يُعزز مهارات العمل الجماعيّ والتعاون.
معوقات الإبداع
قد يواجه الإبداع بعض المعوقات التي تقف في طريق تحقيقه، ومنها ما يأتي:
- عدم وجود أهداف واضحة: فإذا لم يكن هناك أهداف وتوجهات واضحة فإنّ العقل لن يستطيع أن يبدأ في التفكير الإبداعيّ ، فهو يحتاج إلى وجود أهداف واضحة، ومكتوبة، ومفصّلة، ومصحوبة بخطة عمل.
- الخوف من الفشل: يتسبب الخوف من الفشل بضياع فرص الإبداع، وإعاقة التفكير الإبداعيّ في حل المشكلات، فيصبح هو سبب الفشل الرئيسي، ولا يقصد هنا الخوف من تجربة فشل سابقة، فالتجارب غالباً ما تقوّي صاحبها وتدفعه للأفضل، بل وضع احتمال لحدوث الفشل كالخوف من الوقوع في الخطأ أو إهدار المال أو الوقت.
- الخوف من الرفض: أي الخوف من النقد، أو التعرض للسخرية، أو الازدراء، أو الرفض، فيختار الطريقة التي تجعله مقبولاً ومحبوبا ًمن قبل الآخرين، فيتنازل عن أفكاره ويتوجّه للانسجام مع الآخرين.
- الجمود: ويعني الركون إلى منطقة الراحة بشكل لاشعوريّ، ويحدث ذلك عند الخوف من فعل، أو قول شيء جديد أو مختلف عما فعله الشخص سابقاً، رغبةً منه بالانسجام مع شخصيته الماضية، ويُعدّ هذا الأمر القاتل الرئيسي للإمكانات البشريّة.
- ركود التفكير: يعيش معظم النّاس حياة روتينيّة كلّ يوم، فتخلو حياتهم من تحفيز العقل للتفكير بأفكار جديدة ومعلومات جديدة، فيدخل العقل في حالة من الخمول، ويصبح التفكير تلقائي وسلبي.
- الخوف: ويقصد بها وضع تبريرات للقرارات باستمرار للشعور بالأمان، وعدم تطوير الأفكار وطرق حلّ المشكلات فلا يتحسن الأداء.
تعلّم الإبداع
يعتبر الإبداع مهارة يمكن اكتسابها، وتطويرها، والتحكم بها، وقد بيّنت دراسة بأنّ الإبداع مهارة تولد مع الإنسان، وتبدأ بالاضمحلال مع الوقت إذا لم يتم تنميتها، ويمكن تعلّم الإبداع من خلال اتباع خمسة سلوكيات رئيسية تعمل على تنمية العقل وتدفعه للإبداع، وهي كالآتي:
- الربط: أيّ خلق روابط بين الأسئلة، أو المشكلات، أو الأفكار من عدّة مجالات لا صلة بينها.
- التساؤل: يبدأ الإبداع من طرح التساؤلات، والتشكيك في الافتراضات، ويحفّز العقل للتخيّل.
- المراقبة: إنّ التدقيق في الأشياء يؤدي للاكتشاف، وبالتالي تحفيز العقل لتحديد طرق جديدة للقيام بالأشياء.
- التواصل: يُعدّ التواصل مع الآخرين وسيلة لتغذية العقل بأفكار ووجهات نظر مختلفة.
- التجربة: يُمكن التوصل لأفكار جديدة من خلال التجارب التفاعلية، وإثارة الردود غير التقليدية.
تنمية الإبداع
يُمكن تنمية الإبداع لدى الأشخاص من خلال عدد من التقنيات، ومنها ما يأتي:
- بناء المهارات الأساسيّة للإبداع.
- التشجيع على اكتساب المعرفة الخاصة بمجال معيّن.
- تحفيز ومكافأة الأشخاص الذين يمتلكونَ الفضول والاستكشاف.
- العمل على بناء الدافع وخاصة الدافع الداخليّ.
- تعزيز الثقة بالنفس، والتشجيع على المخاطرة.
- التركيز على الإتقان والمنافسة الذاتية.
- تعزيز المعتقدات الداعمة حول الإبداع.
- توفير فرص الاختيار والاكتشاف.
- تطوير الإدارة الذاتيّة، ومهارات ما وراء المعرفة.
- تطوير أساليب التدريس واستراتيجياته لتسهيل الأداء الإبداعي.
مراحل الإبداع
يُمكن تلخيص مراحل الإبداع كما يأتي:
- التحضير: تتضمن هذه المرحلة خطوتين رئيسيتين، وهما كالآتي:
- عمليّة التفاعل الخارجيّ: وتكون بجمع المعلومات، والمواد، والموارد، والخبرات اللازمة، واكتساب المعرفة حول الموضوع أو المشكلة المطروحة.
- عملية التفاعل الداخليّ: حيث يكون التفكير ذاتيّ، بهدف توليد الأفكار والتفاعل معها، وتحديد مصادر الإلهام.
- الحضانة: يظهر دور العقل في هذه المرحلة، فيبدأ بالتّعمق في المعلومات التي جُمِعت في مرحلة التحضير، ويُشكّل روابط جديدة من شأنها أن تخلق أفكاراً إبداعيّة.
- التنوير: تأتي هذه المرحلة بعد فترة من مرحلة الحضانة، حيثُ يبدأ العقل بتكوين الأفكار والحلول، حيث تظهر من طبقات العقل العميقة وتنتقل إلى الوعي بصورة تلقائيّة.
- التحقق: تتضمن هذه المرحلة كتابة الأفكار، والحلول التي تشكّلت في مرحلة التنوير، وتبدأ عمليّة تجسيد الأفكار، وتطوير خطة العمل، ثمّ يلجأ المبدع للتفكير النقديّ حتى يتمكن من تحسين النتائج التي توصّل إليها.
فيديو مكونات التفكير الإبداعي
ما هي عناصر التفكير الإبداعي؟ تابع الفيديو لتعرف أكثر