مفهوم الأسرة في القرآن
مفهوم الأسرة في القرآن
إنّ لفظ الأسرة لم يرد صراحةً في القرآن الكريم، لكنه ورد بألفاظٍ دلّت عليه، منها ما جاء بمعنى أهل الرجل وعشيرته، قال -تعالى-: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا)، وغيرها من الآيات التي جاء فيها لفظ الزوج والزوجة، والأب والأم، والوالدين، والأقارب، وغير ذلك مما له صلة بالعائلة.
وقد أوْلى القرآن الكريم اهتماماً كبيراً للأسرة كونها اللبنة الأساسية التي يقوم عليه المجتمع، فإن كانت قوية كان المجتمع قويّا، وإن كانت هشّة كان المجتمع هشّاً ضعيفاً، ولم يترك القرآن مجالاً من مجالات الأسرة إلّا وذكرها وأوضحها، ووضع أسسها وقواعدها، وهي على النحو الآتي:
- الزواج هو الأصل الذي تنبني عليه الأسرة، فقد قال فيه -تعالى-: (وَاللَّـهُ جَعَلَ لَكُم مِن أَنفُسِكُم أَزواجًا وَجَعَلَ لَكُم مِن أَزواجِكُم بَنينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِنَ الطَّيِّباتِ أَفَبِالباطِلِ يُؤمِنونَ وَبِنِعمَتِ اللَّـهِ هُم يَكفُرونَ).
- اعتنى القرآن الكريم بذِكر الأسباب التي تؤدّي إلى استمرار الحياة الزوجية ومتانتها، وذلك منذ اللحظة الأولى فيها مروراً بجميع الحلول، وانتهاء بالطلاق باعتبار الحلّ الأخير إذا تعذّرت جميع الحلول التي قبله.
مكانة الأسرة في الإسلام
وللأسرة أهمية كبيرة في الإسلام ، إذ جعل الإسلام الرابطة الأسرية هي الرابطة الثانية التي يرتبط بها الناس بعد رابطة العقيدة، حيث جاءت الآيات المكية في القرآن توصي بالحفاظ على الأسرة، وتنهى عن قتل الأولاد بسبب الفقر أو خشية الوقوع فيه، وأوضحت لهم الآيات أن الرزق بيد الله متكفّل به، وأن العبد يسير في أفعاله وفق النصوص الشرعية الآمرة والناهية، وهو خاضع لأمر الله ونهيه.
وقد حرص الإسلام على أن يكون نظام الأسرة متوافقاً مع الفطرة الإنسانية التي خلق الله البشر عليها، وجعل الأصل فيها والأساس الذي تقوم عليه الزوج والزوجة، واللذان سيصبحان في المستقبل الأم والأب.
ثمّ إن الله -عزّ وجلّ- جعل نظام الزوجية سنّة من سنن خلقه لهذه الكون، فلمّا خلقه جعل من كل مخلوق فيه زوجين اثنين، فقال: (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، فجعل الليل مقابلاً للنهار، والإيمان مقابلاً للكفر، والبرّ مقابلاً للبحر.
الأسس التي تقوم عليها الأسرة في القرآن
قام القرآن الكريم بوضع الأسس التي تقوم عليها العلاقة الأسرية، ومن هذه الأسس ما يأتي:
- تخلّق كل فردٍ من أفراد الأسرة بالأخلاق التي جاء الإسلام بها، عاملاً بقول الله -تعالى-: (قُل إِنَّ صَلاتي وَنُسُكي وَمَحيايَ وَمَماتي لِلَّـهِ رَبِّ العالَمينَ* لا شَريكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرتُ وَأَنا أَوَّلُ المُسلِمينَ).
- أهمية الاهتمام بالعلاقة القائمة بين الزوج والزوجة، فهي ليست كغيرها من العلاقات القائمة بين غيرهم من المخلوقات، فإن هذه العلاقة قائمة على هدف قيام أسرة صالحة وفق ما يرضي الله.
- على الزوجين تعميق العلاقة فيما بينهما، فالله خلقهما من نفس واحدة، ثمّ إنّ مردّ كل من الزوجين إلى الآخر، فهو الأنيس والزوج والراحة.