مراحل تطور الفلسفة الإسلامية
الفلسفة الإسلامية
تُعرف الفلسفة على أنّها طلب المعرفة أو محبة الحِكمة أو البحث عن الحقيقة، وقد دخلت إلى اللغة العربية في عصر الترجمة، وعرفها الكثير من الفلاسفة بالعديد من التعريفات المختلفة، فهي تتميز بانفرادها عن كافة العلوم الأخرى، فتميل إلى التدقيق والتساؤل في كل شيء، والبحث عن قوانينه وماهيّته.
لم يعرف المسلمون علم الفلسفة إلا في العصر العباسي بعد حركة الترجمة، وكان ذلك بالتحديد في العصر العباسي الأول، حيث اعتُبر علم الفسلفة من أهم الحركات الفكرية التي ظهرت في الإسلام.
مراحل تطور الفلسفة الإسلامية
المرحلة الأولى
كانت بداية الفلسفة الإسلامية في الدولة الإسلامية كتيار فكري أولي، ويعود ظهور الفلسفة الإسلامية إلى وجود كتب فلاسفة اليونان في منطقة البحر المتوسط، بالإضافة إلى أنّ الخليفة المأمون كان يراسل ملوك بيزنطة (الروم) حتى يحصل على المخطوطات والكتب وبخاصة كتب الفلسفة، وبذلك اطّلع على علم الفلسفة لديهم، لذلك كانت القسطنطينية تُعرف بمدينة الحكمة، بعدها ترجم المسلمون بترجمة كتب الفلسفة تلك ثمّ نقلوها بنصوصها من خلال الترجمات السريانية.
أولى بدابتها بعلم الكلام هو العلم الذي يستند بشكل رئيسي على النصوص الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وعرّفه ابن خلدون بأنّه العلم الذي يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بواسطة الأدلة العقلية، والرد على المبتدعة المنحرفين، حيث وصل علم الفلسفة ذروته في القرن التاسع عندما اطلع المسلمون على الفلسفة اليونانية القديمة.
بعد ترجمة كتب الفلسفة اختلف موقف المسلمين منها؛ فمنهم من رفضها وعارضها على أنها باب من أبواب الفساد والضلال، وهو موقف الفقهاء المتشددين، ومنهم مَن وقف موقفاً وسطاً وهم المعزلة، حيث كان موقفهم يعتمد على التمحيص والنقد، بحيث يأخذ منها ما يراه صحيحاً ويرفض ما يراه باطلاً، ومنهم مَن عكف عن دراسة الفلسفة واكتفى بموقف الإعجاب والتقدير، وحاول التأليف على نمطها وهو ما اتبعه الكندي وأتباعه.
المرحلة الثانية
تطورت الفلسفة الإسلامية بشكل واضح وكبير من مرحلة دراسة المسائل التي لا يمكن إثباتها إلا بالتعبد والنقل إلى مرحلة دراسة المسائل التي يمكن إثباتها بالأدلة العقلية، وكان الرابط بين المرحلتين هو معرفة الله سبحانه وإثبات الخالق، وقد بلغت هذه المرحلة أهمية كبرى على يد ابن رشد، وذلك عن طريق تمسكه بتحكيم العقل والفكر الحر على أساس التجربة والمشاهدة، وكان الكندي من أبرز الفلاسفة العرب وقد أُطلق عليه اسم المعلم الأول، وجاء بعده الفارابي الذي تبنى الكثير من أفكار أرسطو، حيث أسس مدرسة فكرية، وكان من أهم أعلامها التوحيدي، والأميري، والسجستاني، وتجدر الإشارة أنّ الغزالي كان الرائد في إقامة صلح بين العلوم الإسلامية والمنطق، وذلك عندما فسّر أنّ الأساليب اليونانية في المنطق يمكن أن تكون محايدة وبعيدة عن التصورات الميتافيزيقية اليونانية.
توسع الغزالي بشكل واسع في تفسير المنطق، واستعمله في علم أصول الفقه، لكن في المقابل شنّ هجوماً كبيراً على الرؤية الفلسفية للفلاسفة المسلمين المتشائمين، وتجلى ذلك واضحاً في كتابه تهافت التهافت.
المرحلة الثالثة
رغم كلّ ذلك التطور الذي حدث في علم الفلسفة الإسلامية إلا أنّ هناك اتجاه قوي كان يرفض الخوض في المسائل الدينية والإلاهيات وطبيعة الخالق والمخلوق، حيث اكتفى بما ورد في كتاب الله وسنة رسوله، وأُطلق على ذلك التيار اسم أهل الحديث، والذي يُنسب له الكثير من علماء الفقه الإسلامي والاجتهاد، وقد تميز بكثرة تشكيكه في جدوى الأساليب الحجاجية الكلامية والمنطق الفلسفية، وما زال هناك بعض التيارات الإسلامية التي تتبنى فكرة أنّ فلاسفة للإسلام، وبرأيهم أنّ للإسلام علماء يتبعون كتابه وسنة رسوله، واعتبروا أنّ من اشتغل بالفلسفة هو من المبتدعة الضُّلال.
المرحلة المتأخرة
فيها ظهرت حركة نقدية للفلسفة الإسلامية وكان أهم علمائها هو ابن تيمية، وهو أهم أعلام مدرسة الحديث والتي ترفض كلّ الأعمال الفلسفية، وكانت ردوده على الأساليب المنطقية اليونانية عكس ما أراد توضحيه الغزالي وقد ظهر ذلك في كتابه الرد على المنطقيين.