ما هو صحيح الجامع
السنة النبوية
تقع منزلة السنّة النبوية من القران منزلة عظيمة، فهي تُخصّص العام منه، وتبيّن مُجمله، وتقيّد مُطلقه، وقد اختار الله -عزّ وجل- عباداً له استعملهم على حفظ ونقل سنّة نبيّه.
واقتضى هذا النقل بذل الوسع والطاقة في جمع الأحاديث النبويّة، وحفظها ودراسة متونها، وتتبع أسانيدها وإقامة علم كامل يُعنى بها، للحكم على صحتها وبيان المراد منها، وفي هذا المقال سنتناول أحد المؤلفات الجليلة التي تحدثت عن ذلك.
ما هو صحيح الجامع
هو مؤلّف في علم الحديث قام بتأليفه العلّامة محمد بن ناصر الدين الألباني -رحمه الله-؛ ليجبر به ما أصاب كتاب (الجامع الصغير من حديث البشير النذير) من نقص سيأتي ذكره وبيانه، فقد قام رحمه الله في كتابه صحيح الجامع بتخريج وتحقيق الأحاديث التي وردت في الجامع الصغير.
كما قام بتمييز أحاديثه الصحيحة من ضعيفها، وإعادة ترتيبها ترتيباً دقيقاً على حروف المعجم كما أراد السيوطي رحمه الله، وأضاف إليه عدداً كبيراً من الأحاديث التي قد فاتت المؤلّف جمعها فيه، فقد عالج الألباني في صحيح الجامع كل نقص اعترى الجامع الصغير، مع التذكير بأنّه لم يقم بحذف الأحاديث المكرّرة فيه.
ما هو كتاب الجامع
يعد كتاب الجامع مؤلفاً من أعظم كتب الحديث النبوي الشريف وهو (الجامع الصغير من حديث البشير النذير) الذي قام بجمعه والحكم على أحاديثه العلّامة الحافظ عبد الرحمن بن الكمال بن محمد بن سابق الدين، والملقّب بجلال الدين السيوطي، عاش من منتصف القرن الثامن للهجرة حتّى بداية القرن التاسع لها.
وقد اتّخذ السيوطي -رحمه الله- منهجاً علميّاً فريداً في جمعه لصحيحه؛ فقد قام المؤلّف بترتيب أحاديثه بناءً على ترتيب هجائي يسهّل الوصول فيه للأحاديث والبحث عنها؛ حيث من الممكن الوصول للحديث من خلال حفظ كلمة واحدة منه فقط.
لذا كان من أكثر الكتب التي جمعت الحديث مادّة، ومن أكثرها غزارة وفائدة، فهو سهل الترتيب، تهافتت عليه أيدي العلماء وطلابهم في كل زمان ومكان، مع اختلاف منابعهم وتوجهاتهم العقديّة.
لذا فهو يعد مرجعاً لكل مُحدث، وفقيه، وطالب علم، ولكنّه كغيره من الكتب التي قام عليها البشر فلا بد أن يعتريها النقص فلا كمال إلا لكتاب الله -عزّ وجل- وحده، فقد أصابه النقص من نواحي متعدّدة منها:
- نقص الكثير من الأحاديث ومواضيعها؛ مع وجودها في كتب الحديث المشهور مثل كتب الحديث الستة.
- سقوط بعض الأحاديث من الترتيب الذي سلكه المؤلّف في جامعه، حيث لم يراعِ الترتيب الهجائي كما هو الحال في المعجم في بعض الحالات، مع التنبيه إلى إضافة زيادة على الجامع من قِبل المؤلّف أسماها (الزيادة على الجامع الصحيح) لم يكتب لها أن تحقق وتُرتّب بنفس طريقة الجامع الصغير، لتأخذ الأحاديث في الزيادة ترتيبها وحكم المؤلف عليها.
- ضمّه لعدد كبير من الأحاديث الموضوعة والضعيفة التي لا تصح وهي بالمئات، مع إشارة الحافظ السيوطي -رحمه الله- إلى صحتها في بعض الحالات، إلا أنّها لا تصح بحكم عدد كبير من جهابذة الحديث عليها أمثال ابن الجوزي، والمناوي، والألباني عليهم رحمة الله أجمعين.
- عزوه الأحاديث إلى البخاري ومسلم، ويكون أحدهما قد انفرد بلفظ عن الآخر.
- عزو الحديث إلى مُخرّجه وفيه ألفاظ ليست عنده؛ وإنما عند غيره ممن لم يشر إليه.