متى خلق ادم
متى خُلق آدم عليه السلام؟
خلق الله -عزّ وجلّ- آدم -عليه السّلام- بعد خلق السّماوات والأرض بآلاف السّنين، فالآيات المذكورة في خلق السّماوات والأرض في ستّة أيام لم يكن آدم من المخلوقات فيها في هذه المدّة الزّمنية، حيث خُلق بعد ذلك بكثير، ذلك أنّه لا يوجد أيّ دليل من القرآن الكريم أو السنّة النبويّة على خلقه في هذه الستّة أيام، ومن المعلوم أنّ الخلق لم يتوقّف بعد هذه الأيام.
وفي القرآن دليل على تأخير خلقه في قوله -تعالى-: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)، فقد تقدّم خلق الملائكة على خلق آدم، وكذلك الجنّ الذين كانوا قبله بألفي عام، الذين أفسدوا في الأرض، وسفكوا الدماء، وقد ورد في بعض الأحاديث عن أوس بن أوس -رضيَ الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إنَّ من أفضَلِ أيَّامِكُم يومَ الجمُعةِ، فيهِ خُلِقَ آدمُ عليهِ السَّلامُ وفيهِ قُبِضَ وفيهِ النَّفخةُ وفيهِ الصَّعقةُ).
قصة خلق آدم عليه السلام
إعلام الملائكة بخلق آدم عليه السلام
أخبر الله في الآية الكريمة عن خلق آدم بقوله: إنّي جاعل، بالفعل الماضي ليدلّ على أنّ إرادة الله نافذة، وذكر أنّ إقامة هذا الخليفة ستكون على الأرض، لتدلّ على أنّ الإقامة في الجنّة مؤقتة، وقد أخبر الله الملائكة بهذا الأمر تكريماً لهم وتشريفاً، وليس ليستأذنهم أو يستشيرهم، وتشمل الأرض عامّة الأرض دون تحديد مكان منها، وورد في حديثٍ ضعيف أنّها مكة، أمّا الخليفة فهو الخالف لمن قبله من الملائكة، أو المخلوف الذي يخلفه غيره، أو كل مَن له خلافة في الأرض.
خلق آدم عليه السلام من تراب
ذكرت الآيات القرآنيّة أنّ الله خلق آدم من تراب، فقال -تعالى-: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّـهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ)، ثم خُلق من طين، فقال -تعالى-: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ)، ثمّ صار هذا الطين صلصال من حمأ مسنون، ثمّ جعل منه بشراً سويّاً في أحسن صورة، ونفخ فيه من روحه، فكانت هذه المراحل التي مرّ بها خلق آدم -عليه السّلام-.
أمر الملائكة بتشريف آدم عليه السلام بالسجود له
بعدما خلق الله آدم -عليه السّلام- وأكمل خلقه أمر الملائكة بالسّجود له تكريماً له، قال -تعالى-: (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ)،فامتثل الملائكة لأمر ربهم وسجدوا له، إلّا إبليس عاند واستكبر فأبى أن يكون من السّاجدين، فكان ذلك تكريماً لبني البشر منذ أن خلقه الله، ثمّ كان تكريمه بأن خلقه في أحسن تقويم، ثمّ ميّزه بالعقل عن غيره من المخلوقات، يختار به السّير في طريق الخير أو الشر.
رفض إبليس السجود لآدم
رفض إبليس السّجود لآدم -عليه السّلام-، فأخرجه الله من الجنّة، ولعنه إلى يوم الدّين، حيث رأى إبليس أنّه أفضل من آدم الذي خلقه الله من طين، وهو مخلوق من نار، فالنّار بنظره أفضل من الطّين، وذلك مقياسٌ لا أصل له في الصّحة، فالخلق جميعاً عند الله سواء ولا فضل لأحد على أحد، فكان العقاب من الله هو النّزول من الجنّة، فلا يخلد من يعصي الله -تعالى- فيها.
إغواء إبليس لآدم وجواء عليهما السلام وخروجهما من الجنّة
لمّا كرّم الله آدم -عليه السّلام- بسجود الملائكة له، وتعليمهم أسماء كلّ شيء، وسكن هو وزوجه الجنّة، بدأ الحسد من إبليس والسّعي في أذاه، فوسوس لآدم أن يأكل من شجرة حتى يكون من الخالدين، وكان الله قد نهى آدم عن الأكل منها، فلمّا أكلا هو وحواء منها ظهرت لهما سوْءاتهما، وعاتبهما ربّهما على فعلهما، ثمّ أنزل الله عليهما كلمة التوبة فتابا وتاب الله عليهما، وأنزلهما من الجنّة، وقد وردت العديد من الرّوايات لهذه القصة ممّا لم يرد ذكره في القرآن الكريم ولم يكلّف الله عباده بمعرفته.
ملخّص المقال: جاء خلق آدم -عليه السّلام- بعد خلق السّماوات، والأرض، والجنّ، والملائكة بالكثير من السنوات، وقد خلقه الله من تراب، ثمّ من طين، ثمّ جعله حمأ مسنوناً ونفخ فيه من الرّوح، وكرّمه وأمر الملائكة بالسّجود له، ففعلوا إلّا إبليس أبي واستكبر، فلعنه الله وطرده من رحمته وأنزله من الجنة، فوسوس لآدم وزوجته بالأكل من شجرة الخلد التي كان سبباً في نزولهما من الجنّة أيضاً، ثم تاب الله على آدم وامرأته حواء.