ما هي عاصمة إسبانيا
مدريد عاصمة إسبانيا
مدريد (بالإنجليزية: Madrid) هي العاصمة الرسميّة لإسبانيا منذ تاريخ 2-12-1561م، وقد كانت مدينة توليدو (بالإنجليزية: Toledo) العاصمة السابقة للإمبراطوريّة الإسبانيّة في السابق، وتُعدّ مدريد العاصمة الإداريّة لإسبانيا، فهي مركز أعمال، ومقرّ العديد من الشركات، كما أصبحت مدريد العاصمة السياسيّة لإسبانيا منذ عدّة سنوات ماضية، فهي مقر للحكومة الإسبانيّة، والإدارة العامّة، والبرلمان، وموطن للعائلة الملكيّة الإسبانيّة، واستطاعت مدريد الحصول على لقب العاصمة الاقتصاديّة لإسبانيا، وفي السابق كانت مدينة برشلونة تتقلّد لقب العاصمة الاقتصاديّة منذ القرن العشرين، ولكنّ ذلك تغيّر بحلول منتصف التسعينيّات، فقد لعبت مدريد دوراً مهمّاً في القطاعين الصناعيّ والمصرفيّ، فتضمّ المدينة عدداً كبيراً من الصناعات الموجودة في المنطقة الجنوبيّة، مثل؛ مصانع الأغذية، والنسيج، وصناعات المعادن الرئيسيّة المجمعة معاً، وبالإضافة إلى ذلك، تُعدّ مدينة مدريد مركزاً للعديد من القطاعات، مثل؛ التعليم، والطباعة والنشر، والسياحة، والصور المتحركة، والموضة، والسياسة، والثقافة، والترفيه، والعلوم، والفنون، والإعلام، والبيئة، أمّا من الناحية الرياضيّة، تُعدّ مدريد موطناً لاثنين من أندية كرة القدم الشهيرة؛ أتلتيكو مدريد وريال مدريد .
مميزات مدريد كعاصمة لإسبانيا
تمتلك مدينة مدريد العديد من المؤهلات التي تجعلها جديرة لتكون عاصمة لدولة إسبانيا ، وفيما يأتي بعض مميزاتها:
- مدينة كبيرة: تعدّ مدريد أكبر مدينة في إسبانيا، وثالث أكبر مدينة في أوروبا بعد لندن وبرلين، كما أنّها ثالث أكبر منطقة حضريّة في الاتحاد الأوروبيّ بعد لندن وباريس، ويبلغ عدد سكانها نحو 3.2 مليون نسمة.
- تاريخ عريق: يعود تاريخ مدينة مدريد إلى القرن الثاني قبل الميلاد، كما مرّ على المدينة العديد من الحضارات المهمّة تاريخيّاً، فقد عُثرَ في المنطقة على بقايا أثريّة تعود للعصر الرومانيّ، والقوطيّ الغربيّ، وغيرهم، كما يوجد في المدينة العديد من الآثار التاريخيّة التي تعود للمسلمين، والمسيحين، واليهود الذين عاشوا في المدينة على مرّ القرون.
- مدينة قويّة: تمتلك المدينة قوّة سياسيّة مهمة، إذ تقع فيها الحكومة الإسبانيّة، وتقيم فيها العائلة المالكة لإسبانيا، كما أنّها مدينة قويّة اقتصاديّاً لكونها المركز الماليّ لجنوب أوروبا، وموطن لمكاتب العديد من الشركات المهمة.
- ثريّة ثقافيّاً: تتميّز مدريد بكونها مدينة مليئة بالمعالم والأنشطة الثقافيّة، فهي مركز للموسيقى، والسينما، والأعمال الفنيّة المهمّة؛ كأعمال الفنان غويا (Goya)، وبيكاسّو (Picasso)، ودالي (Dalí)، كما يوجد فيها عدد من المتاحف الفنيّة العالميّة مثل؛ متحف دي برادو (Museo del Prado)، ومتحف الملكة صوفيا (Museo Reina Sofía)، وتحتضن مدريد العديد من بيوت الأزياء، ومعارض الهندسة المعماريّة، والمعارض الأدبيّة، وغيرها، كما أنّ المدينة غنيّة بالأطعمة الشعبيّة، ففيها العديد من المطاعم وأسواق الطعام الشعبية.
- أصالة ممتدة: على الرغم من انتشار الحضارة الحديثة في مدينة مدريد، إلّا أنّها تحتفظ بأصالتها وتفخر بتراثها الشعبيّ، إذ تنتشر فيها الشوارع المرصوفة بالحصى، والمطاعم التقليديّة، والنصب التذكاريّة التي تحتفظ بتاريخ المدينة العريق.
- موقعها الاستراتيجي: تقع مدريد جغرافيّاً وسط إسبانيا، ممّا يجعلها مركزاً نابضاً بالحياة.
تاريخ مدريد عاصمة إسبانيا
بدأت منطقة مدريد كواحدة من سلسلة المواقع المحصنة التي قامَ مسلمو الأندلس ببنائها عام 854م، وأطلقوا عليها اسم مستوطنة ميريت ماچريط (Mayrit) أو مجريط (Magerit)، وهي كلمة ذات أصل عربيّ هي (مجرى) وتعني قناة مائيّة، وبعدها شهد موقع مدينة مدريد تغيّراً بشكل مستمرّ، ولم تبدأ المدينة تلفت الأنظار إليها إلّا عام 1309م، حينما استقرّت المحكمة الملكيّة والبرلمان في مدينة مدريد للمرة الأولى، إلّا أنّها وعلى الرغم من الاهتمام الملكيّ بها بقيت مدينة فقيرة، ومهملة، وصغيرة في مساحتها، ولا تقارن بالمدن الإسبانيّة أو الأوروبيّة الأخرى، وباستلام فيليب الثاني العرش الإسباني عام 1556م، قام بعمل العديد من التحسينات فيها، فقد أحاط المدينة بجدارن تعلوها 130 برجاً، وأمر ببناء 6 بوابات حجريّة، وكانت هذه التحصنيات مبنيّة من الطين، لذا لم تلعب دوراً مهمّاً في الدفاع عن المدينة، وفي عام 1561م أعلن فيليب الثاني أنّ مدينة مدريد هي العاصمة الرسميّة لدولة إسبانيا.
بقيت المدينة موطناً بسيطاً يضمّ منازل بيضاء غير مستقرة أشبه بالأكواخ الطينيّة، وعدد من الكنائس الأنيقة، وبعض القصور الأندلسية العالية (Alcázar)، ومجموعة صغيرة من المساكن الفخمة، واحتاجت المدينة قروناً لتصبح مدينة مرموقة، فبدأت رحلتها في النهوض منذ القرن السابع عشر الميلاديّ، حيث أصبحت موطناً لنحو 175 ألف شخص، لتصبح بذلك خامس أكبر مدينة في أوروبا بعد لندن، وباريس، والقسطنطينية، ونابولي، وكانت نهضتها الثانية في عهد العمدة كارلوس الثالث الذي حكم خلال فترة الممتدة بين عامي 1759-1788م، وقد أطلق عليه لقب أفضل عمدة لمدريد على الإطلاق، إذ قام بتنظيف المدينة، وأكمل بناء قصر مدريد الملكيّ (Palacio Real)، وافتتح الحديقة النباتيّة الملكيّة (Real Jardín Botánico)، بالإضافة إلى قيامه بالعديد من الأعمال العامّة الأخرى.
شهدت مدريد عدداً من الأحداث التاريخيّة، بدءاً من المواجهة التي حدثت بين الشعب المدريديّ وقوّات نابليون المحتلّة عام 1808م، فقد هاجم الشعب الثائر القوّات العسكريّة الفرنسيّة عند قصر مدريد الملكي (Palacio Real) والذي يُعرَف حالياً باسم (Plaza del Dos de Mayo)، إلّا أنّ صهر نابليون استطاع القضاء على المقاومة الشعبيّة، وفي عام 1936م شهدت مدريد حصاراً شديداً استمرّ لمدّة عامين ونصف من قِبَل القوات الوطنية لفرانكو، فقد قامت القوّات العسكريّة بقصف المدينة بشكل منتظم، ولم تستعد المدينة قوّتها إلّا بعد وفاة فرانكو عام 1975م، فقد أصبحت المدينة تنعم بالديموقراطيّة، وأصبحت رمزاً لإسبانيا الجديدة، وشهدت ذروة نهضتها الحديثة في عصرِ حزب موبيدا (La Movida) الذي أوصل المدينة لقمّة الإبداع والحريّة المنفتحة.