أبو لهب وأبو جهل
أبو لهب
هو أبو لهبٍ عمّ النبيّ عليه السّلام، واسمه عبد العزى وكنيته أبو عتبة، وقيل في تسميته بأبي لهب أنّه لم يكن كنيةً، بل كان لقباً؛ لأنّ وجهه ملتهبٌ جميلٌ، فجعل الله تعالى ما كان يفتخر به في الدنيا عذاباً وحسرةً عليه في الآخرة، ولقد كذّب أبو لهب ابن أخيه -عليه السّلام- منذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها بين الناس أنّه نبيّ، ولقد كان أبو لهب شديد العداء للنبيّ -عليه السّلام- وساعياً خلفه؛ لتشويه سمعته، فكان النبيّ -عليه السّلام- يمشي بين الناس يدعوهم إلى التوحيد ، وهو يمشي خلفه يكذّبه وينهى الناس عنه، فعندما يسأل أحدٌ عنه ويعرف أنّه عمّه، يظنّون أنّه صادقٌ؛ إذ إنّ عمّه أعلم الناس به، وليس أبو لهب وحده من كان يؤذي النبيّ عليه السّلام، بل إنّ زوجته أمّ جميلٍ كانت تنقل الحطب والحسك؛ لتضعه في طريق النبيّ راغبةً في إيذائه، ولقد أجبرت ابنيها عتبة وعتيبة أن يطلّقا بنات النبيّ كذلك، وهما: أمّ كلثوم ورقيّة، ولقد أنزل الله تعالى قرآناً يُتلى في أبي لهب وزوجته أمّ جميلٍ، يتوعّدهم بالعذاب الشديد في الآخرة؛ جزاءً لما كانوا يصدّون عن دين الله ويؤذون رسوله، وهي سورة المسد .
أبو جهل
أبو جهلٍ هو عمرو بن هشام، وكنيته أبو الحكم، كنّاه النبيّ -عليه السّلام- بأبي جهل، وقد قال ابن القيّم إنّ هذه الكنية تطابق حقيقة وصفة أبي جهلٍ؛ إذ كان شديد العتوّ والصدّ عن سبيل الله، وكان سبباً في صدود قومه عن سبيل الله والهدى كذلك، ولقد قارن أصحاب النبيّ -عليه السّلام- بين أبي جهلٍ وفرعون ؛ لشدّة عداوته للمسلمين، وورد في أحد أقوالهم أنّ فرعون نطق كلمة الإيمان حين أدركه الموت، ولم ينطق بها أبو جهلٍ عند مقتله، ومع أنّ أبا جهلٍ لم يكن منكراً للإله، أو مدّعياً للألوهية كفرعون، لكنّ ذلك لم يدفعه إلى الإيمان الحقيقيّ قطّ.
نهاية أبي جهلٍ وأبي لهبٍ
كان مقتل أبي جهلٍ في واقعة بدر ، فحين بدأت المعركة انطلق غلامان، هما: معاذ بن عفراء ومعاذ بن عمرو بن الجموح يبحثان عن أبي جهلٍ قد نويا قتله، فسألا عنه حتّى وجداه فضربه كلّ واحدٍ منهما ضربةً بسيفه، ثمّ انطلقا يُخبران النبيّ -عليه السّلام- بخبر مقتله، فأراد النبيّ -عليه السّلام- أن يتأكّد من الخبر، فأرسل من يأتيه بالخبر اليقين، يروي أنس بن مالك فيقول: (فانطلَق ابنُ مَسعودٍ، فوَجَده قد ضرَبه ابْنَا عَفْراءَ حتَّى برَد، قال: أأنت أبو جهْلٍ؟ قال: فأخَذ بلِحيَتِه، قال: وهل فَوْق رجلٍ قتلتُموه، أو رجلٍ قتله قومُه).
وأمّا موت أبي لهبٍ فكان من شدّة الهمّ والغمّ الذي أصابه بعد مقتل أبي جهل وخسارتهم في بدر، فقد أصابته ما يشبه القرحة في معدته، سمّته العرب العدسة، كانوا يتشائمون منها، ولم يلبث حتّى مات بمرضه، ولم يجرؤ أحدٌ أن يقترب منه ليدفنه، فبقي في بيته حتّى تعفّن، ثمّ خشي أقاربه أن يُعايروا في عدم دفنه، فأخذوه في ثيابه مسرعين إلى أعالي جبال مكّة ، فجعلوه في جبلٍ، ورموا عليه الحجارة؛ ليُدفن تحتها.