ما هي حمى البحر الابيض المتوسط
حمّى البحر الأبيض المتوسّط
تُعدّ حمى البحر الأبيض المُتوسّط (بالإنجليزية: Mediterranean fever) من الاضطرابات الوراثيّة الالتهابية التي تنتشر بين قاطني المناطق المُحيطة بحوض البحر الأبيض المُتوسّط ومناطق الشرق الأوسط، بما فيهم الأتراك، والعرب، والأرمن، ومن المُمكن أن تكون هُناك حالات إصابة قليلة جدّاً في باقي أجزاء العالم، ومن الجدير بالذكر أنّ ما يُقارب 90% من المُصابين بحُمّى البحر الأبيض المُتوسّط تظهر عليهم أولى أعراض الإصابة بهذا الاضطراب قبل بلوغهم سنّ العشرين، وتتمثل هذه الأعراض بحدوث نوبات مُتكرّرة من الحمّى والالتهابات الشديدة التي تُؤدّي إلى حدوث آلام في البطن، والرئتين، والمفاصل ، وغالباً ما يتمّ تشخيص المرض في المراحل المُبكّرة من سنّ الطفولة، وتجدر الإشارة إلى أنّ حمى البحر المتوسط تصيب الذكور والإناث على حد سواء، وتُعتبر من الأمراض الوراثية المتنحية، أيّ أنّ إصابة الشخص بها تتطلب وراثة نسختين من الجين المسؤول عن الإصابة بالمرض، إحداهما من الأم والأخرى من الأب، وهذا يعني أنّ كلا والديه ينبغي أن يكونا مصابين بالمرض أو حاملين لجيناته.
أعراض حمّى البحر الأبيض المُتوسط
تستمرّ نوبة مرض حمّى البحر الأبيض المُتوسّط في الغالب لمدة يوم إلى ثلاثة أيام، ليتعافى بعد ذلك المُصاب دون تدخّل علاجي في كثير من الحالات، فنجد أنّ بين كُل نوبة والأخرى فترة تختفي فيها الأعراض ويبدو فيها المصاب سليماً معافى، ومن الجدير بالذّكر أنّ أعراض الإصابة بهذا الاضطراب الجيني تختلف من شخص لآخر، وتتفاوت في شدّتها وتسبّبها بالألم، ففي بعض الحالات الشّديدة من الممكن أن يتطلّب الأمر إسعاف المصاب إلى الطوارئ، لتلقّي العناية الفوريّة. ومن الأعراض التي تظهر على المصابين بحمّى البحر الأبيض المُتوسّط نذكر ما يلي:
- ألم البطن: يختلف هذا الألم في شِدّته بين المُصابين، فمن المُمكن أن يكون الألم شديداً لدرجة الخلط بينه وبين أعراض التهاب الزائدة الدوديّة .
- ألم الصدر: قد يتسبّب ألم الصدر في بعض الحالات الشديدة بصعوبة في التنفس.
- ألم المفاصل: يُعدّ ألم المفاصل من أكثر الأعراض شيوعاً بين المُصابين بحُمّى البحر الأبيض المُتوسّط، وعادة ما يرافق الإصابة بالحمى، ويتمثّل بألم شديد يُعيق المشي، نتيجة لالتهاب أحد المفاصل وانتفاخه، خاصّةً وأنّ مفصلي الركبة والكاحل أكثر المفاصل عُرضة للإصابة، وتجدر الإشارة إلى أنّ الالتهاب عادة ما يصيب مفصلاً واحداً، ولا يؤثر في أكثر من مفصل في النوبة ذاتها، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا الألم والانتفاخ الذي يُصيب المفصل غالباً ما يزول خلال خمسة أيّام إلى أسبوعين، ولكن في بعض الحالات قد يستمرّ لمُدّة أطول ليُصبح حالة مُزمنة.
- الطفح جلدي: حيث إنّ ما يُقارب ثُلث المُصابين بحمى البحر الأبيض المتوسط يظهر طفح جلدي أحمر اللون على أطرافهم السُّفليّة.
- آلام العضلات: ويترافق هذا الألم العضلي الذي غالباً ما يؤثر في عضلات الساقين مع بذل المجهود البدني.
- أعراض أخرى: هنالك مجموعة من الاضطرابات والحالات المرضية النادرة التي تظهر على بعض المصابين دون غيرهم، ومنها؛ التهاب التامور (بالإنجليزية: Pericarditis)، والتهاب العضلات، والسحايا (بالإنجليزية: Meningitis)، والتهاب الخصية (بالإنجليزية: Orchitis).
- الإمساك: وعادة ما يكون متبوعاً بالإصابة بالإسهال .
- انتفاخ كيس الصفن: حيث من الممكن أن ينتفخ كيس الصفن (بالإنجليزية: Scrotum) عند الذكور ويسبّب شعور المصاب بالألم والانزعاج.
تشخيص حمّى البحر الأبيض المُتوسّط
يتطلب تشخيص حمّى البحر الأبيض المُتوسّط، أن يتعرّف الطبيب على التاريخ المرضي للعائلة، كما أنّه من الضروري معرفة إن كان المصا يستجيب للعلاج الدّوائي أم لا في هذه الفترة، ليقوم بعد ذلك بإجراء عدة فحوصات تُساعد في تشخيص مرض حمّى البحر الأبيض المُتوسّط، ومن هذه الاختبارات التشخيصيّة نذكر:
- الفحص البدني: حيث يقوم الطبيب بتدوين الأعراض والعلامات التي يُعاني منها الشخص، وإجراء بعض الفحوصات البدنية لجمع أكبر قدر مُمكن من المعلومات عن حالته.
- الاختبار الجيني: من المُمكن أن يُمكِّن هذا الإختبار الطبيب من الكشف عن وجود الطّفرات الجينيّة المُترافقة مع الإصابة بحمّى البحر الأبيض المُتوسّط، ولكن محدوديّة هذا الاختبار الجيني، وعدم فاعليّته في الكشف عن جميع الطفرات الجينيّة التي تترافق مع هذا المرض، جعل من نتائج هذا الاختبار غير جازمة في الحُكم على الإصابة بحمّى البحر الأبيض المُتوسّط.
- اختبار الدم: حيث إنّ ارتفاع بعض المؤشّرات في نتائج فحوصات الدم يُعدّ دلالة على وجود التهاب في مكان ما من الجسم، ومن المؤشّرات التي من المُمكن أن تُساعد على تشخيص مرض حمّى البحر الأبيض المُتوسّط:
- ارتفاع عدد كريات الدم البيضاء (بالإنجليزية: White blood cell count)؛ حيث يدلّ ذلك على وجود استجابة مناعيّة في الجسم.
- زيادة سرعة ترسب الدم أو سرعة ترسيب كريات الدم (بالإنجليزية: Erythrocyte sedimentation rate)؛ الأمر الذي يُعدّ دلالة على وجود التهاب في الجسم.
- ارتفاع الفيبرينوجين (بالإنجليزية: Fibrinogen) في بلازما الدم؛ وهو من مكوّنات الدم التي ترتفع في الجسم في محاولة لوقف النزيف، وارتفاع مستواه في بلازما الدم يدلّ على وجود خلل ما في الجسم.
- ارتفاع نسبة الهابتوجلوبين (بالإنجليزية: Haptoglobin)؛ ويُعزى ذلك إلى تحطّم كريات الدم الحمراء بشكل أكبر، الأمر الذي قد يحدث في حال الإصابة بحمّى البحر الأبيض المُتوسّط.
- ارتفاع نسبة البروتين المتفاعل C (بالإنجليزية: C-reactive protein)؛ وهو من البروتينات التي يقوم الكبد بإنتاجها، وارتفاع نسبتها يدلّ على وجود التهاب حاد يؤثر في الجسم.
علاج حمّى البحر الأبيض المُتوسط
تجدر الإشارة هُنا إلى أنّه لا يوجد علاج شافٍ بشكل تام من حمّى البحر الأبيض المُتوسّط، ولكن هُناك علاجات دوائية تعمل على منع الالتهاب، وبالتالي تقلل من الأعراض المرتبطة بالمرض، وتخفّف من شدتها، ومن هذه الأدوية ما يلي:
- الكولشيسين (بالإنجليزية: Colchicine) يقوم الطبيب بتحديد الجُرعة المُناسبة من هذا الدواء، بحيث من المُمكن أن يتم تناوله على شكل جُرعة يوميّة واحدة، أو على شكل جُرعات صغيرة موزّعة خلال اليوم، فالكولشيسين من الأدوية التي تُقلّل من الالتهاب في الجسم، وتُساعد على التخفيف من حِدّة النّوبة، وتمنع تكرارها، وقد ينتج عن استخدام هذا الدّواء بعض الآثار الجانبيّة، كالمغص وانتفاخ البطن، والإصابة بالإسهال .
- أدوية أخرى: يمكن استخدام أدوية أخرى لتثبيط الالتهاب في حال عدم الإستجابة لدواء الكولشيسين، وعدم فاعليته في التخفيف من شدّة أعراض المرض والسيطرة عليها، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الأدوية تساعد على منع الالتهاب عن طريق تثبيط إنترلوكين-1؛ وهو من البروتينات المهمة التي تُساهم في حدوث عملية الالتهاب ، ومن هذه الأدوية نذكر:
- ريلوناسبت (بالإنجليزية: Rilonacept).
- أناكينرا (بالإنجليزية: Anakinra).
- كاناكينوماب (بالإنجليزية: Canakinumab).