ما هي أنواع الزنا
ما هي أنواع الزنا؟
الزنا الحقيقي
يُطلق لفظ الزِّنا في اللُّغة العربيَّة ليراد به معنى الفجور أو فعل الفاحشة، وفي الاصطلاح هو: الوطء المحرَّم الذي وقع بغير نكاح، ولا بشبهة نكاح، ولا بملك يمين، ويعرَّف أيضاً بأنَّه إتيان الرَّجل لامرأة أجنبية عنه وفعل الفاحشة معها سواء كانت من القُبُل أو من الدُبُر.
الزنا المجازي
ذكر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في حديث له أنَّ هناك أفعالٌ أخرى تدخل في معنى الزِّنا مجازاً، وإن كانت ليست زناً مباشراً، فقد قال رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام-: (إنَّ اللَّهَ كَتَبَ علَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذلكَ لا مَحَالَةَ، فَزِنَا العَيْنَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ النُّطْقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذلكَ، أَوْ يُكَذِّبُهُ)، فيتَّضح من الحديث الشَّريف أنَّ الزِّنا له أنواعٌ مجازيةٌ، منها ما يأتي:
- زنا العين: ويكون عند النَّظر إلى ما هو محرَّمٌ، كإطلاق البصر وتتبُّع عورات المسلمين، ويدخل في ذلك النَّظر إلى الصُّور الإباحية ومقاطع الفيديو المنتشرة على شبكات الانترنت وفي التِّلفاز، وكلُّ ما هو من هذا القبيل.
- زنا الأذن: ويكون بالاستماع إلى كلِّ ما هو محرَّمٌ، وكلُّ ما هو من شأنه أن يجرَّ إلى الرّذيلة، كاستماع الأغاني الماجنة التي تثير الشَّهوات وتحرِّك الغرائز.
- زنا اللّسان: ويكون الزِّنا باللِّسان إذا تمَّ الكلام بين رجلٍ وامرأةٍ أجنبيَّةٍ عنه كلاماً غير مشروعٍ يسبِّب إثارة الشَّهوة، ويدخل في ذلك التَّحدُّث بشتَّى الوسائل سواءً كان الكلام بينهما مباشرة، أو كان عن طريق المحادثات والرَّسائل عبر الانترنت أو وسائل التَّواصل ونحوه.
- زنا اليد: ويكون بلمس المرأة الأجنبية التي لا تحلُّ له.
- زنا الرِّجل: ويكون بالمشي إلى الحرام، أو السعي وراء تحقيق الزِّنا.
- زنا القلب: أو ما يسمَّى زنا النَّفس، ويراد به دوام تفكير الرَّجل أو المرأة في محاسن أو مفاتن الجنس الآخر ممَّن لا يحلُّ له، ما يؤدِّي إلى الوقوع في الحرام.
يُستنتج ممَّا سبق أنَّ الزِّنا له نوعان: زناً حقيقيٌ، وزناً مجازيٌ، أمَّا الزِّنا الحقيقي فالمراد به فعل الفاحشة المعروف بوطء رجلٍ امراةً أجنبيَّةً عنه دون عقد زواجٍ صحيحٍ بينهما، سواءً من قُبُلٍ أو من دُبُر، والزِّنا المجازي هو جملةٌ من الأفعال التي من شأنها أن تسِّهل الوقوع في الفاحشة وفعل الحرام؛ وهي الزِّنا بالعين، والزِّنا باليد، والزِّنا باللِّسان، والزِّنا بالنَّفس، وغيره ممَّا ورد أعلاه.
درجات الزنا
تتفاوت درجات الزِّنا حسب المزنيِّ بها، والزِّنا كلُّه محرَّم إلّاَ أنَّ بعض أنواعه يكون أشدُّ قبحاً، ودرجاته كالآتي:
- زنا المحارم: وهو أعظم درجات الزِّنا وأقبحها، كأن يزني الرَّجل بأخته أو أمّه أو خالته ونحوه والعياذ بالله.
- زنا الأجانب: والزِّنا بالمرأة الأجنبيَّة قد يكون من المرأة المتزوِّجة وهو عظيمٌ؛ لأنَّ فيه انتهاكٌ لفراش الزَّوجية، ويؤدّي إلى اختلاط الأنساب، والزِّنا بالأجنبيَّة غير المتزوِّجة هو عظيمٌ أيضاً، وممَّا يدلُّ على تشديد حرمة الزِّنا بالمرأة المتزوّجة أنّ الله -تعالى- غلّظ العقوبة على الزّناة في هذه الحالة.
- الزنا بمرأة الجار: وهو ممَّا قبَّحه الله -تعالى- وكرهه رسول الله؛ لأنَّ المسلم وجب عليه أن لا يؤذي جاره لا بقولٍ ولا بفعلٍ، وقد ذمَّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- مرتكب هذه الجريمة ومنتهك حرمة جاره، فقال: (لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَن لا يَأْمَنُ جارُهُ بَوائِقَهُ)، والبوائق أي الأذى عامَّة، والزّنا أشدّ البوائق، وقد اجتمع في ذلك حرمة الزِّنا وحرمة إيذاء الجار.
- الزّنا بزوجة العالِم أو المجاهِد: إذ إنَّ كلاهما قد سخَّرا نفسيهما لطاعة الله -تعالى- وخدمة الدِّين، فمن زنا بزوجة غازٍ في سبيل الله -تعالى- يوقف له يوم القيامة ويأخذ ما شاء من أعماله.
- الزّنا في بلد الله الحرام: وفي ذلك حرمة عظيمة وشديدة؛ لحرمة وقدسيَّة المكان، وكذلك الزِّنا في الأشهر الحرم وفي الأوقات المخصوصة كأوقات الصَّلاة أو في رمضان أو في أيَّام الحجّ، فكلُّها تزيد من شدَّة جرم الزِّنا؛ لاجتماع الزِّنا بانتهاك حرمات الله.
كفارة الزنا
عدَّ الله -تعالى- الزِّنا من كبائر الذُّنوب، وجعله محرَّما، كما جاء في قوله -تعالى-: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلً)، وهو أمرٌ مجمعٌ على حرمته ولا خلاف في ذلك، ولكنَّ الله -تعالى- غفور رحيم بعباده، وقد فتح باب التَّوبة للعصاة، فمن اقترف شيئاً من هذه الذّنوب ترتّب عليه ما يكفّر عنه هذه الكبيرة على النّحو التّالي:
كفارة الزّنا الحقيقي
إذا اقترف رجلٌ أو امرأةٌ فاحشة الزِّنا، ومارسا الزِّنا الحقيقي بالفرج، فعليهما كفَّارةٌ أو حدٌّ يُقام عليهما من قبل السلطان أو من ينوب عنه لتُقبل توبتهما، مع الإشارة إلى أنّ هناك الكثير من الضوابط لإقامة حدّ الزنا، منها اعتراف الشخص بذلك، وقد يتوب بينه وبين الله ولا يفشي ذلك، بالإضافة إلى شرط عدم وجود شبهة، ووجود أربعة شهود، وغيرها من الشروط، وحدُّ الزَّاني يختلف باختلاف حاله كالآتي:
- حدّ الزّاني المُحصَن: أي المتزوِّج أو المتزوِّجة، وحدُّهما القتل رجماً حتّى الموت بالإجماع، وهي أشدُّ عقوبةً من غيره؛ وذلك لأنَّ الزَّاني المحصن توفَّرت له سبل المتعة بالحلال لكنَّه حاد عنها ووقع في الحرام.
- حدّ الزّاني غير المُحصَن: إذا زنا الرَّجل أو المرأة وكانا غير متزوجين، فيكون حدُّهما الجلد مئة جلدة، قال الله -تعالى-: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ).
كفّارة الزّنا المجازي
وجب على المسلم إذا عمل عملاً من الأفعال التي تدخل ضمن معنى الزِّنا المجازي؛ وهي كلُّ الأفعال والاقوال التي من شأنها أن تؤدِّي إلى الزِّنا وتسهِّل الوقوع به؛ من نظرٍ محرَّمٍ، أو سمعٍ محرَّمٍ، أو كلامٍ غير مشروعٍ، فقد أوجب الله -تعالى- عليه التَّوبة، ولكنّ هذا المذنب لا حدّ عليه؛ لأنَّه لم يمارس الزِّنا حقيقةً، ولكن يلزمه ليتوب عن أفعاله أن يرجع إلى الله -تعالى- بقلبٍ صادقٍ، وأن يُقلع عن كلِّ تلك الأفعال، وأن يحرص على ألَّا يعود عليها إليها أبداً.
ملخّص المقال: يعدُّ الزِّنا كبيرةً عظيمةً إذا ارتكبها المسلم وجب عليه التَّوبة منها فوراً، وتختلف كفَّارته باختلا ف حاله، فمن زنا زناً حقيقياً وكان متزوّجاً فحدّه الرجم حتّى الموت إن تحقّقت شروط ذلك، ومن كان غير متزوّجٍ يُجلد مئة جلدة، أمَّا من قام بأفعالٍ وارتكب معاصي قد تؤدّي إلى الوقوع في الزِّنا؛ فوجب عليه التّوبة الصّادقة من هذه الذّنوب والمنكرات.