موضوع تعبير عن الحرية
الحرية حقّ بكل صورها
للحرية صور وأشكال كثيرة ، منها حرية الرأي والتعبير، وحرية الاعتقاد، وحرية ممارسة الإنسان لشعائره الدينية، وحرية الاختيار، وحرية الأوطان من الاستعمار ومن التحكم بسياساتها، وغير ذلك من صور الحرية والأشكالها، وهي جميعًا حقوق لا يُمكن الاختلاف عليها، وقد ضمنتها معظم دساتير العالم وقوانينها وأنظمتها، ونصّت على أهميّة صونها وضمانها والدفاع عنها.
الحرية فسحة إبداع للفرد والوطن
الحرية من المفاهيم التي كانت وما زالت محل جدل واهتمام كبيرين، فتاريخ التفكير في المفهوم وتطوراته قديم جدًّا قِدَم الإنسان نفسه، إذ وُلد الإنسان متميزًا عن بقية الكائنات بالعقل والإدراك، وبالعقل يستطيع أن يختار، فمن حقّه أن يمتلك حريّة الاختيار، لا سيّما بعد أن يُصبح بالغًا عاقًلا، إذ يستطيع أن يُقرر بشأن مستقبله، وتفاصيل حياته، فيختار ما يُريد أن يفعله في المجالات المختلفة، مثل: الدراسة، أو العمل، أو غيره.
كما لكل شخص أدرى بميوله وقدراته وأحلامه وطموحاته، إذ يختار نمط الحياة التي يُريد، والمراحل التي يودّ أن يقطعها، والطرق التي يودّ السير بها، وبطبيعة الحال يتعرض الأفراد خلال حياتهم لضغوط كبيرة، منها ما يكون من الأسرة ومنها ما يكون من خارجها، وعلى الرغم من أنّ الأسرة هي منشأ الإنسان الأول ومصدر دعمه، إلا أنها كثيرًا ما تُشكل ضغطًا على قراراته.
قد تتحكم بقراراته، وتضغط عليه لتوجيهه نحو خيار معين، كأن تطلب منه دراسة تخصص معين بدلًا من التخصص الذي يميل إليه ويرغب في دراسته، وهذا ينطبق على باقي الأمور الأخرى في حياة الفرد، ويُواجه الأفراد أيضًا ضغطًا اجتماعيًّا لاتخاذ قرارات معينة، وقد يتمثل هذا الضغط بالإجبار والقمع، فقد يُجبرون على سلوك اتجاه معين، أو يتم قمعهم لردعهم عن اختيار ما.
أحد أشكال نجاح مجتمع ما هو شعور أفراده بكيانهم وحريتهم، بحيث يختار كل شخص المكان الذي يُناسبه، فيُنتج أكثر، ويستطيع أن يُبدع، وهُنا تكمن أهمية الحرية؛ لأنّها السبيل لنجاة الإنسان، وأكّد على هذا المفهوم الدين الإسلامي الذي دعا إلى إعمار الأرض والاستفادة من خيراتها والبعد عن الضلال، يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}.
الحرية تنتهي عند حدود الآخرين
إنّ الحرية لا تعني الإساءة للآخرين أو الإساءة لديانات أو معتقدات أو اتجاهات فكرية باسم حرية التعبير والرأي، فلكل شخص حرية التعبير عن رأيه بطريقة لائقة دون أن يتناول الآخرين بالشتم أو القدح والذم، فعلى الانتقاد ألا يخرج عن حدود احترام الآخر، فليس من قبيل الحرية التهكم والسخرية من فئة اجتماعية ما، أو من عرق معين.
لأنّ ذلك يُؤدي على المدى الطويل لزرع للحقد و الكراهية بين أفراد المجتمع وبين البلدان، الأمر الذي قد يتطور ليُصبح عنفًا لا يُمكن السيطرة عليه، ولا يًمكن أن يزدهر بلد يقمع جماعة معينة، ويعزز الخلافات بين الأفراد والجماعات؛ لأنّ ذلك يعني مزيدًا من التعصّب والتخلّف والجهل والعنف والحروب التي تطول لسنوات، قال عمر المختار : إنّني أُؤمن بحقي في الحرية، وحق بلادي في الحياة، وهذا الإيمان أقوى من كل سلاح.
الجدير بالذكر أنّ الحرية على مستوى أوسع تعني حرية الدول، فمن حق الدول أن تحصل على حريتها، وتُحقق سيادتها فالاستعمار مرفوض بكل صوره وأشكاله، فخيرات البلاد لأهلها ومن حقهم تقرير مصيرهم، وقد ناضلت دول كثيرة للتحرر من الاستعمار، والحصول على استقلالها، وتحقيق سيادتها، ودفعت في سبيل ذلك الغالي والنفيس، وضحى أبناؤها بدمائهم فداءً لها، شيبًا وشبانًا، رجالًا ونساءً، يقول الشاعر مطلق عبد الخالق:
هي الحرية الحمراء تسقى
- فتنبت بالدم الشرف الرفيعا
وتورق في ظلال الموت مجدًا
- أثيلا باذخًا حيًا منيعًا
الحرية أثمن ما في الوجود
في الختام، الحرية هي كنز لا يفنى، وهي أثمن ما في الوجود، فلا معنى لحياة الإنسان دون الحرية، وهي السبيل لتغيير هذا الواقع، ونبذ كل مفاهيم الحقد والكراهية، والحرية تحتاج ثقافةً واسعةً؛ لتكون أكثر تماسكًا، لذلك فالحرية قيّمة، وواجبنا اتجاهها يكون بأن نعمل بمبادئها وألا نقبل على أنفسنا الخضوع أبدًا، وأن نغرس في أبنائنا هذا المفهوم.