أبيات شعر الشافعي
دع الأيام تفعل ما تشاء
قال الإمام الشافعي :
دع الأيام تفعـل مـا تشـاء
- وطب نفساً إذا حكم القضـاء
ولا تـجزع لحادثـه الليالـي
- فما لحوادث الدنيا بقـاء
وكن رجلاً على الأهـوال جلدا
- وشيمتك السماحـة والوفـاء
وإن كثرت عيوبك في البرايـا
- وسرك أن يكـون لهـا غطـاء
تستر بالسخـاء فكـل عيـب
- يغطيه كمـا قيـل السخـاء
ولا ترى للأعـادي قـط ذلاً
- فإن شماتـة الأعـداء بـلاء
ولا تـرج السماحة من بخيـل
- فما في النار للظمـآن مـاء
ورزقك ليس ينقصـه التأنـي
- وليس يزيد في الرزق العناء
ولا حـزن يـدوم ولا سـرور
- ولا بؤس عليـك ولا رخـاء
إذا ما كنت ذا قلـب قنـوع
- فأنت ومالـك الدنيـا سـواء
ومن نزلـت بساحتـه المنايـا
- فلا أرض تقيـه ولا سمـاء
وأرض الله واسـعـة ولكـن
- إذا نزل القضاء ضاق الفضاء
دع الأيام تغـدر كـل حيـن
- فما يغني عن الموت الـدواء
إليك إله الخلق أرفع رغبتي
إليك إله الخلق أرفع رغبتي
- وإن كنت ياذا المن والجود مجرما
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي
- جعلت الرجا مني لعفوك سلما
تعاظمني ذنبي فلما قرنته
- بعفوك ربي كان عفوك أعظما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تـزل
- تجـود وتعفـو منة وتكرما
فلولاك لم يصمد لإبليس عابـد
- فيكف وقد أغـوى صفيك آدما
فلله در العارف الندب أنه
- تفيض لفرط الوجد أجفانه دما
يقيم إذا ما الليل مد ظلامه
- على نفسه من شدة الخوف مأتما
فصيحاً إذا ما كان في ذكر به
- وفي ما سواه في الورى كان أعجما
ويذكر أياما مضت من شبابه
- وما كان فيها بالجهالة أجرما
فصار قرين الهم طول نهاره
- أخا السهد والنجوى إذا الليل أظلما
يقول حبيبي أنت سؤلي وبغيتي
- كفى بك للراجيـن سـؤلاً ومغنما
ألست الـذي غذيتني وهديتني
- ولا زلت مناناً علـي ومنعما
عسى من لـه الإحسان يغفر زلتي
- ويستـر أوزاري وما قـد تقدما
يا واعظ الناس عما أنت فاعله
يا واعظ الناس عما أنت فاعله
- يا من يعد عليه العمر بالنفس
أحفظ لشيبك مـن عيب يدنسه
- إن البياض قليل الحمل للدنس
كحامل لثياب الناس يغسلها
- وثوبه غارق في الرجس والنجس
تبغي النجاة ولم تملك طريقتها
- إن السفينة لا تجري على اليبس
ركوبك النعش ينسيك الركوب على
- ما كنت تركب من بغلٍ ومن فرس
يـوم القيامة لا مال ولا ولد
- وضمة القبر تنسي ليلـة العرس
فإذا سمعت بأن مجدودا حــوى
فإذا سمعت بأن مجدودا حــوى
- عودا فأثـمر في يديه فصــدق
وإذا سمعت بأن محـرومـا أتى
- ماء ليشـربه فغـاض فحـقـق
لو كان بالحـيل الـغنى لوجدتني
- بنجوم أقطــار السـمـاء تَعلُّقي
لكن من رُزق الحجـا حُرم الغنى
- ضدان مفترقــان أي تفــرق
وأحق خلـق الله بِالْهمِّ امــرؤ
- ذو همة يُبلـى بـرزق ضيــق
ومن الدليل على القضاء وحكمه
- بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق
إن الـذي رزق الـيسار فلم ينل
- أجرا ولا حمــدا لغير موفــق
والجد يدني كل أمر شــاسـع
- والجــد يفـتح كل باب مغلـق
البخل والظلم
بلوت بنـي الدنيا فلـم أر فيهـم
- سوى من غدا والبخل ملء إهابه
فجردت من غمد القناعة صارمـاً
- قطعت رجائـي منهم بذبابـه
فلا ذا يرانـي واقفاً فـي طريقـه
- ولا ذا يراني قاعداً عنـد بابـه
غنى بلا مال عن النـاس كلـهـم
- وليس الغنى إلا عن الشيء لا به
إذا ما ظالـم استحسن الظلم مذهبا
- ولج عتوا في قبيـح اكتسابـه
فكله إلى صرف الليالـي فإنـهـا
- ستدعو له ما لم يكن في حسابه
فكم قـد رأينا ظالما متمردا
- يرى النجم رتيها تحت ظل ركابه
فعما قلـيلٍ وهـو فـي غفلاتـه
- أناخت صروف الحادثات ببابـه
وجوزي بالأمر الذي كـان فاعلا
- وصب عليه الله سـوط عذابـه
إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفا
إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفا
- فدعـه ولا تكثر عليـه التأسـفـا
ففي الناس أبدال وفي الترك راحة
- وفي القلب صبر للحبيب ولو جفا
فما كل مـن تهواه يهواك قلبه
- ولا كل من صافيته لك قد صفا
إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة
- فلا خير في ود يجيء تكلفا
ولا خير في خل يخون خليله
- ويلقاه من بعد المودة بالجفا
وينكر عيشا قد تقادم عهده
- ويظهر سرا كان بالأمس في خفا
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها صديق
- صدوق صادق الوعد منصفا
صن النفس واحملها على ما يزينها
صن النفس واحملها على ما يزينها
- تعش سالماً والقول فيـك جميل
ولا تولين الـناس إلا تجمـلا
- نبا بك دهر أو جفاك خليل
وإن ضاق رزق اليوم فاصبر إلى غـد
- عسى نكبات الدهـر عنك تـزول
ولا خير فـي ود امرئ متلون
- إذا الريح مالت مال حيـث تـميل
وما أكثـر الإخوان حيـن تعدهـم
- ولكنهم فـي النائبات قليل
ما في المقام لذي عقل وذي أدب
ما في المقام لـذي عقـل وذي أدب
- من راحة فـدع الأوطان واغترب
سافر تجد عوضاً عمن تفارقه
- وانصب فإن لذيذ العيش في النصب
إني رأيـت وقوف الماء يفسده
- إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب
والأسد لولا فراق الأرض ما افترست
- والسهم لولا فراق القوس لم يصب
والشمس لو وقفت في الفلك دائمـة
- لملها الناس من عجم ومـن عـرب
والتبر كالترب ملقى فـي أماكنه
- والعود في أرضه نوع من الحطب
فـإن تغرب هـذا عـز مطلبه
- وإن تغرب ذاك عـز كالـذهب