ما عذاب القبر
الأدلة على إثبات عذاب القبر
إنّ عذاب القبر ثابتٌ بالقرآن والسنة، ونذكر بعض الأدلة فيما يأتي:
- قال -تعالى-: (وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)، والعذاب الأدنى هو عذاب القبر عند جمهور المفسرين.
- قوله -تعالى-: (يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّـهُ الظّالِمينَ وَيَفعَلُ اللَّـهُ ما يَشاءُ)، وجاء في تفسير (وفي الآخرة) أنّها: أوّل منازل الآخرة وهي القبر، ويكون التثبيت فيها عند سؤال الملكين للإنسان عن ربّه في القبر ؛ فيقول ربّي الله، وعن نبيه؛ فيقول نبيّي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وإذا سُئل عن دينه فيقول: ديني الإسلام.
- قوله -تعالى-: (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ)، فعند قوله: (النار يُعرضون عليها غدواً وعشياً) أي: في القبر، ودليل ذلك أنّ الله بعد أن ذكر هذا العذاب قال: (ويوم تقوم الساعة)؛ فكان ذلك العذاب قبل أن تقوم الساعة، والمقصود في قبورهم.
- ما ثبت عن ابن عباس في الصحيحين: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير)، وهذا يدل على وجود عذاب القبر.
- قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لولا ألَّا تدافَنوا لدعَوْتُ اللهَ أنْ يُسمِعَكم عذابَ القبرِ)، وهذا الحديث يدل بصريح العبارة على وجود عذاب القبر.
أنواع عذاب القبر
ورد في عذاب القبر أنواع منها:
- تسليط الحيّات
جاء عن النبي من حديث أبي هريرة: (فيما أنزِلَت هذه الآيةُ: (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)،أتدرون ما المعيشةُ الضَّنكةُ؟ قالوا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ قال: عذابُ الكافرِ في قبرِه والَّذي نفسي بيدِه إنَّه يُسلَّطُ عليه تسعةٌ وتسعونَ تِنِّينًا أتدرون ما التِّنِّينُ سبعونَ حيَّةً لكلِّ حيَّةٍ سبعُ رؤوسٍ يلسَعونَه ويخدِشونَه إلى يومِ القيامةِ).
- ضرب الرأس بحجر وشقّ الفم
جاءت أحاديث كثيرة تدل على هذا المعنى وهي طويلة جداً يصعب إدراجها كلها، ونذكر منها حديثاً واحداً مختصراً، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:(رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أتَيانِي، فانْطَلَقْنا حتَّى أتَيْنا علَى نَهَرٍ مِن دَمٍ فيه رَجُلٌ قائِمٌ وعلَى وسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بيْنَ يَدَيْهِ حِجارَةٌ، إذا أرادَ الرَّجُلُ أنْ يَخْرُجَ رَمَى الرَّجُلُ بحَجَرٍ في فِيهِ، فَقُلتُ ما هذا؟ فقالَ: الذي رَأَيْتَهُ في النَّهَرِ آكِلُ الرِّبا).
- تضييق القبر على الميت
صحّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إنَّ للقبرِ ضغطةً لو كان أحدٌ ناجيًا منها نجا سعدُ بنُ معاذٍ).
أسباب النجاة من عذاب القبر
إنّ لعذابِ القبرِ أسباباً عدّة، نذكر بعضها فيما يأتي:
- الاستقامة على الطاعة، وهي من أهم أسباب النّجاة من عذاب القبر وتحقيق خيري الدنيا والآخرة؛ هو الاستقامة على طاعة الله -سبحانه وتعالى-، واتباع طريق النبي-صلى الله عليه وسلم-، قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ* نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ).
- تذكير النفس ومحاسبتها على الدوام، وتجديد التوبة؛ فإن كان الإنسان مقصراً زاد في عمله، وإن كان عاصياً تاب ورجع وأناب.
- المداومة على العمل الصالح، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وحضور مجالس العلم، ومخالطة الصالحين، والانشغال بما ينفع الإنسان عن ما يضيع وقته.
- الشهادة في سبيل الله، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (للشهيدِ عند اللهِ ستُ خصالٍ: يغفرُ له في أولِ دفعةٍ من دمِه، ويرى مقعدَه من الجنةِ، ويجارُ من عذابِ القبرِ، ويأمنُ الفزعَ الأكبرَ، ويحلى حليةَ الإيمانِ، ويزوجُ من الحورِ العينِ، ويشفعُ في سبعينَ إنسانًا من أقاربِه).
- المحافظة على تلاوة سورة الملك قبل النوم، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:(سورةُ تبارك هي المانعةُ من عذابِ القبرِ).