لماذا حلل أكل الضبع
الحكمة من جواز أكل الضبع
في المُعتمد عند الإمام الشافعيّ إباحة أكل لحم الضبع؛ لأنّها من الحيوانات التي لا تعدو على الناس، كما أنّها من الأصناف التي كانت العرب تصطادُها بقصد أكلها، وتبيعُها في مكة بين الصفا والمروة، وهذه الأفعال أمام النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، والصحابة الكرام من غير إنكارٍ منهم فهذا دليلٌ على إباحة أكل لحمه.
فيكون حكم أكلها مباحًا إذا ذكيت بالطريقة الشرعية، داخلاً تحت قوله -تعالى-: (فَكُلوا مِمّا ذُكِرَ اسمُ اللَّـهِ عَلَيهِ إِن كُنتُم بِآياتِهِ مُؤمِنينَ).
حكم أكل الضبع
تعدّدت آراء الفُقهاء في حُكم أكل لحم الضبع؛ فذهب الإمامُ الشافعيّ، وأحمد إلى جواز أكله، في حين ذهب المالكيّة إلى القول بحُرمة أكل لحمه، وذهب الإمامُ أبو حنيفة إلى القول بكراهة أكل لحم الضبع.
أدلة إباحة أكل الضبع
استدل الشافعية على إباحة أكل لحم الضبع بالعديد من الأدلة، منها ما يأتي:
- الدليل الأول
قول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (الضبعُ صيدٌ، وفيهِ كبشٌ)، فالنبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- جعله بمنزلة الصيد، والصيد مما يحلُ أكله.
- الدليل الثانيّ
رواية ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في مُصنفيهما بالقول بإباحة أكل لحمه عن كُلٍ من ابن عُمر، وابن عباس، وجابر، وأبي هُريرة، وسعد بن أبي وقاص، وأبي سعيد الخُدريّ، -رضي الله عنهم-، وكذلك رواية ابن المُنذر القول بإباحة أكل لحمه عن بعض أهل العلم، واستدلوا بقول النبيّ عليه الصلاةُ والسلام-: (قلتُ لجابرٍ الضَّبعُ أصيدٌ هيَ؟ قالَ: نعم قالَ قلتُ: آكلُها؟ قالَ: نعم قالَ قلتُ أقالَه رسولُ اللهِ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- قالَ: نعم).
- الدليل الثالث
قول الشافعيّ: أن ما حُرم من السباع هو الذي يعدو على الناس، وهي: الأسد والذئاب والنّمور، وأمّا الضبع فقد كان يُباع في مكة، وهو من الأصناف التي لا تعدو على الناس، كالثعلب.
أدلة تحريم أكل الضبع
ذهب المالكيّة إلى القول بحُرمة أكل لحم الضبع؛ وذلك لما يأتي:
- الدليل الأول
قول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (الضبعُ صيدٌ، وفيهِ كبشٌ)، فقد قام المالكية بتوجيه هذا الحديث، على أنه من السباع التي حُرّم أكلُها، ولكن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- جعل له حُكم الصيد، ولكنه من السباع التي تعدو على البشر، ويُمكن أن تؤذيه وتفتك به.
- الدليل الثاني
لما ورد في كتاب الموطأ من حديث النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- بتحريم أكل ذات الأنياب من السباع، ومنها الضبع؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إنِّي قد أُوتيتُ الكِتابَ وما يَعدِلُه، يُوشِكُ شَبْعانُ على أريكَتِه يقولُ: بيْنَنا وبيْنَكم الكِتابُ، فما كان فيه من حَلالٍ أحْلَلْناه، وما كان فيه من حَرامٍ حَرَّمْناه، وإنَّه ليس كذلك، لأنَّه لا يَحِلُّ أكْلُ كُلِّ ذي نابٍ منَ السِّباعِ، ولا الحِمارُ الأهْليُّ، ولا اللُّقَطةُ من مالِ مُعاهَدٍ إلَّا أنْ يَستَغنيَ عنها، وأيُّما رَجُلٍ أضافَ قَومًا فلم يَقرُوه، فإنَّ له أنْ يَغصِبَهم بمِثلِ قِراهُ).
- الدليل الثالث
كذلك قول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (أَكْلُ كلِّ ذي نابٍ من السِّباعِ حرامٌ)، وأمّا ما رُوي عن الإمام مالك من القول بالكراهة فهو ظاهر قوله في مُدونته،