كيفية تزكية النفس من الحسد
تزكية النفس من الحسد
معنى تزكية النفس
التزكية في اللغة مأخوذة من التطهير، ولها معنى آخر، وهو الزيادة، أما اصطلاحاً، هي تطهيرها من الأدران والأوساخ، والذنوب والمعاصي، وكل فعل أو قول قبيح، قام بفعله الإنسان، فتأخذ معنى التخلية عن الأوصاف الذميمة، والتحلية بالأوصاف الحميدة، وقد أقسم الله في القرآن الكريم، أحد عشر قَسَماً في فلاح من زكَّى نفسه، قال -تعالى-: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا* وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا).
معنى الحسد
والحسد بمفهومه، تمني زوال النعمة عن الشخص الآخر، يترتب عليه أذى باليد، أو اللسان والجوارح، ولا يُسمى حاسداً إلا إذا وقع الحسد، وعين الحاسد لا تؤثر كونها من الجوارح، ولكن نفسه وروحه الخبيثة، هي التي تؤثر على المحسود، فإذا اشتعلت نفسه تلك عندما ينظر إلى الشخص، أثرت به تلك النظرة، بحسب صفة ضعفه، وقوة عين الحاسد.
وقد يؤدي إلى حدوث أمراض له، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (الْعَيْنُ حَقٌّ، ولو كانَ شيءٌ سابَقَ القَدَرَ سَبَقَتْهُ العَيْنُ، وإذا اسْتُغْسِلْتُمْ فاغْسِلُوا)، وقد يؤثر الحسد في الشخص المحسود بدون رؤيا، وربما كان الحاسد أعمى لا يرى، ولكن بمجرد أن يُوصف له شيء من ذي نعمة، فتؤثر نفسه الخبيثة فيه، قال -تعالى-: (وَمِنْ شر حاسد إِذَا حَسَدَ).
كيفية تزكية النفس من الحسد
لا بدّ للإنسان أن يُطهر نفسه من الذنوب والمعاصي، وأمراض القلوب، من حسد، وعين، وحقد، ورياء، وغيرها من الآفات، وهناك خطوات عملية ونفسية، في ترقية النفس عن تلك الأمراض، والحسد من العلامات التي تحتاج إلى تزكية النفس وتهذيبها، ومن ذلك:
- ضرورة مجاهدة النفس في التخلي عن الأخلاق الذميمة، بفعل الطاعات، وملازمة الاستغفار، فقد قال -عز وجل-: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِين).
- الاعتراف بعيوب النفس، وأن بداخلها صفة ذميمة، وعدم التعالي، بأنه على مستوى عالٍ من الصلاح والكمال، قال -عليه الصلاة والسلام-: (انظُروا إلى مَن هوَ أسفَلَ منكُم ولا تَنظُروا إلى من هوَ فوقَكم فإنَّهُ أجدَرُ أن لا تزدَروا نِعمةَ اللَّهِ).
- أن يُنمي الصفات الطيبة التي بداخله، حتى تطغى على كل صفة ذميمة موجودة، وإمساكه عن الشر، ومنع الحسد، فهو صدقة على نفسه.
- كثرة اللجوء إلى الله -تعالى-، بالافتقار إليه وكثرة الدعاء، ومما علمنا رسولنا الكريم -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَن زَكَّاهَا).
- تذكر الموت، لأنه الرادع عن كل أمراض النفس، ومنها الحسد، والحزن، وغيرها من الآفات، فكلما تذكر الموت، ومصيره للحساب وحده أمام الله -سبحانه-، ارتدع عن تلك الآفة.
- الإقبال إلى كتاب الله -سبحانه-، وكثرة ذكره، فقال -عز وجل-: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بذكر الله ۗ أَلَا بذكر الله تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾.
- ضرورة أن يعرف الإنسان أن تلك النفس التي بداخلها الحسد، هي نفس أمَّارة بالسوء ، كما وصفها الله -تعالى-: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي).
- كثرة الصدقات، فالصدقة تُطفئ غضب الرَّب، قال -جلَّ وعلا-: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ)، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: (الصَّدقةُ تُطفئُ غضَبَ الرَّبِّ وتدفَعُ مِيتةَ السُّوءِ).
- إذا رأى الحاسد ما يعجبه من مال أو ولد وغيره، عليه أن يُبَرِّك، ويذكر اسم الله -تعالى-، ويرضى بما قسم له من الدنيا، لقوله -سبحانه-: (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)، ويجب أن يعلم أن حسده يضره في الدنيا والدين، وكون الحسد من أقبح المعاصي، فهو يُعطي الحسنات للمحسود، لأنه يضره، وخصوصاً إذا رافق الحسد الغيبة وهتك الستر.