كيف سقطت الأندلس
سقوط الأندلس
فُتحت الأندلس سنة 92هـ، وبعد هذا الفتح انتشر الإسلام في كافة أرجائها، فأقام المسلمون فيها دولة استمرّت لمدّة 8 قرون، وكان عبد الرحمن الناصر خليفة المسلمين آنذاك، وممّا يُذكر أنّ الأندلس كانت من أكثر دول العالم تحضّراً وثقافة، حيث عاش فيها المسلمون بسعادة وغنى؛ فقد امتازت هذه المدينة بخصوبة أراضيها، وبوفرة مياهها العذبة، وباعتدال مناخها، هذا فضلاً عن توجّه أبناء الأغنياء الأوروبيين للدراسة في مدارسها وجامعاتها، فكانوا يفخرون بتتلمذهم على يد أساتذة وعلماء العرب والمسلمين، كما كانوا يستخدمون الألفاظ العربية؛ حتى يُقال بأنّهم مثقّفون ومتعلّمون، وقد كان ملوك وأمراء الممالك النصرانية في شمال إسبانيا يطلبون مساعدة حكام الأندلس في حلّ نزاعتهم الداخلية، ونتيجة لهذا كانت تتدخل الجيوش الإسلامية، وتغيّر من وضعهم السياسيّ، مقابل الحصول على أحصنة وأراضٍ، ولكن هذه القوة لم تدم في الأندلس؛ إذ بدأت تضعف شيئاً فشيئاً.
وتضاءل حكم المسلمين في الأندلس حتى انحصر في مملكة غرناطة ، إلى أن سقطت سنة 1492م، وذلك بعد توقيع الملك أبي عبد الله الصغير معاهدة استسلام مع الملكين الكاثوليكيين فرديناند وإيزابيلا، فانتشرت محاكم التفتيش التي كانت تحرق كلّ مسلم، وبذلك كانت نهاية الوجود الإسلاميّ في الأندلس، ولا بد من الإشارة هنا إلى أنّ سقوط الأندلس استغرق قرونا عديدة حتى ضاعت من قبضة المسلمين، وبالتالي فهذا يدلّ على طول نفس أعداء الإسلام الذين استمرّوا في زعزعة كيان الدولة الأندلسية حتى أضحت ملكاً لأعداء الإسلام.
أسباب سقوط الأندلس
يرجع سقوط الأندلس إلى الأسباب الآتية:
- الانحراف والبعد عن شرع الله وعن المنهج الإسلاميّ القويم؛ حيث انتشر شرب الخمور، ولم يحاسب شاربها، كما انتشر اللهو، والغناء، والموسيقا، والجواري، وتسابق الأمراء في تقريب المغنيين والمغنيات منهم، وأقاموا للمغنيين قصوراً بجانب قصورهم، كما بنوا المدارس من أجل تعليم الموسيقا، والغناء.
- الترف، وانشغال حكام الأندلس في الإنفاق على المسكن، والملبس، والمأكل، وعدم اهتمامهم في الدفاع عن أرضهم وعرضهم.
- اندلاع النزاعات بين ملوك الطوائف، كما قاد هذا النزاع إلى نشوب النزاع بين المسلمين في الأندلس، فتنازع العرب مع البربر، وتنازع اليمانية مع القيسية، وكان نتيجة هذا النزاع مقتل عدد كبير من المسلمين، حيث فاق عدد القتلى أضعاف قتلى فتح الأندلس.
- تخلّف كثير من العلماء عن دورهم الدعويّ، والإصلاحيّ، وكذلك دورهم في الدعوة إلى الجهاد، إذ انشغلوا بالمسائل الخلافية وتجاهلوا الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
- التخاذل والتقاعس في جميع جوانب الحياة.
سقوط طليطلة
تعرّضت مدينة طليطلة لهجمات عديدة من النصارى الذين عاشوا في عهد فرناندو الأول، وكذلك في عهد ابنه ألفونسو السادس، هذا فضلاً عن النزاعات المتبادلة بين ملوك الطوائف في المناطق المجاورة لمدينة طليطلة، فأدرك النصارى أنّ طليطلة هي واسطة العِقْد في الأندلس، وأن سقوطها سيؤدي إلى سقوط مدينة قرطبة، وبطليوس، وغرناطة، وإشبيلية، وهكذا حتى تسقط جميع المدن الأندلسية واحدة تلو الأخرى، وبالفعل كان سقوط طليطلة في شهر صفر عام 478هـ، ودخل ملك قشتالة ألفونسو السادس إليها، فخرجت من قبضة المسلمين، وأصبحت عاصمة للنصارى، واهتزّ العالم العربيّ والإسلاميّ في المشرق والمغرب على خبر سقوطها، وأخذ الشعراء يصوّرون ذلك، ومنهم الشاعر ابن عسال الذي يقول:
يَا أَهْلَ أَنْدَلُسٍ حُثُّوا مَطِيَّكُمُ
- فَمَـا الْمَقَـامُ بِهَـا إِلاَّ مِـنَ الْغَلَطِ
الثَّـوْبُ يُنْسَـلُ مـِنْ أَطْرَافِهِ وَأَرَى
- ثَوْبَ الْجَزِيرَةِ مَنْسُولاً مِنَ الْوَسَطِ
مَنْ جَاوَرَ الشَّرَّ لاَ يَأْمَنْ بَوَائِقَهُ
- كَيْفَ الْحَيَـاةُ مَـعَ الْحَيَّاتِ فِي سَفَطٍ