كيف أعرف القبلة للصلاة
طرق تحديد القبلة للصلاة
تُعرّف القبلة بأنّها الاتجاه الذي يتوجّه المسلمون إليه عند صلاتهم، فلا تُقبل الصّلاة إلاّ بالتوجّه إلى القبلة، ومن الجدير بالذّكر أنّ الاتجاه كان في بداية التّشريع إلى المسجد الأقصى ، ثمّ بعد ذلك جاء تحويل الاتجاء إلى الكعبة المشرّفة، حيث كان يدعو بذلك الرّسول -صلى الله عليه وسلّم-؛ لارتباط المسجد الحرام بأبيه إبراهيم -عليه السّلام-، فكان يقلّب وجهه في السماء لانتظار إجابة الدّعاء، فنزل قوله -تعالى-: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ)..
وترجع حكمة تحويل القبلة إلى اختبار الناس من المسلمين واليهود والمشركين، بالإضافة إلى الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ حيث أصبحت شبه الجزيرة العربية مسقطًا للأحداث التاريخيّة؛ كفتح مكّة بعد تحويل القبلة، وتحرير الكعبة من الأصنام، لذلك كان للقبلة أهميَّةٌ عظيمةٌ، فلا صلاة صحيحة دون الاتّجاه إليها، لذلك لا بُدّ من معرفة طرق تحديد القبلة، وسيتمّ بيان ذلك آتيًا.
الشمس والقمر والنجوم والكواكب
يُمكن تحديد قبلة الصلاة من خلال العلم بكيفيّة دوران النّجوم، ومنازل القمرين في ساعات الليل؛ حيث لا بُدّ من تحرّي ساعات المساء، ومعرفة الأوقات بدقَّةٍ عاليةٍ، فاتّجاه القبلة يكون في القطب الشّمالي إذا كان المصلي في أراضي الشام، وأمّا إذا كان في العراق فتكون القبلة على ظهر القطب الأيمن من الأعلى، وتجدر الإشارة إلى أنّ منازل الشمس والقمر يبلغ عددها ثمانيةً وعشرين منزلاً؛ حيث تنقسم هذه المنازل إلى الشاميّة وعددها أربعة عشر، ويمنيّة وعددها أربعة عشر أيضًا، فينزل القمر في كلّ ليلةٍ بمنزلةٍ مختلفةٍ عن الأخرى، ويُمكن الاستدلال بالقبلة من خلال الشّمس والقمر، من مطالعهما ومغاربهما؛ فالشمس تُشرق من المشرق وتغرب من المغرب، ويختلف ذلك تفصيلاً باختلاف المنازل، وتكون في الشتاء بالجهة الوسطى لقبلة المصلي، وفي الصيف تكون محاذية، أمّا بالنسبة للقمر؛ فإنّه يبدو على شكل هلالٍ في بداية الشّهر، فيكون في الجهة اليُمنى في وقت الغروب، ومن ثمّ ينتقل إلى المشرق شيئًا فشيئًا منزلاً في كلّ ليلة، ثمّ يصبح في المشرق في فترة الغروب في الليلة الثامنة والعشرين.
البوصلة
يحرص المسلمون على تحديد اتجاه القبلة على أن تكون مواجهةً لمكّة المكرّمة، ويختلف اتجاه القبلة من بلدٍ إلى آخر، وكما تبيّن سابقًا أنّ استقبال القبلة من الشروط الرّئيسة، ولا مانع من استخدام البوصلة لتحديد القبلة ؛ حيث تقوم بتحديد جهة الشمال والجنوب، مع عدم تأثرها بالكهرباء والمغناطيس، وهذا بالنّسبة للبوصلة الإلكترونية، أمّا بالنّسبة للبوصلة القديمة؛ فهي ليست دقيقةً؛ كونها تتأثّر بالمغناطيس والكهرباء، ممّا يجعل تحديد القبلة غير صحيح، وتجدر الإشارة إلى أنّ البوصلة الإلكترونية دقيقة في تحديد القبلة، وهذه الوسيلة تُفيد الظّن، والظّنّ معتبر في الشريعة الإسلامية، ولا سيّما في باب العبادات.
باستخدام الأجهزة الحديثة
لم يمنع الشّرع من استخدام الوسائل الحديثة في تحديد اتّجاه القبلة؛ إذا تمّ التّأكّد من دقتها من قِبَل العلماء، بل يجب استخدامها إذا لم يوجد غيرها؛ لوجوب الاتجاه إلى القبلة أثناء الصّلاة.
الخطأ في تحديد القبلة
إنّ استقبال القبلة شرطٌ لصحّة الصّلاة كما تبيّن سابقًا، ولكن إذا تبيّن الخطأ بعد مضيّ الصلاة، فالقول الأوّل في ذلك: لا إعادة للصّلاة إذا تبيّن الخطأ في تحديد القبلة؛ واستدلوا بقوله تعالى: (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ)، وأمّا بالنّسبة للقول الثاني: فالإعادة على المخطئ واجبةٌ؛ لأنّ القبلة من الشروط الرئيسة لقبول الصلاة.
حالات ترك استقبال القبلة في الصلاة
فيما يأتي بيانٌ لحالات ترك استقبال القبلة في الصلاة:
- العاجز الذي لا يستطيع الحركة، والذي لا يوجد عنده من يوجّهه؛ ودليل ذلك قوله تعالى: (لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا)..
- المجتهد الذي لم يجد من يدلّه على القبلة، ودليل ذلك ما ورد في حديث ابن عمر: (فَاسْتَدَارُوا إلى الكَعْبَةِ)..
- عند الخوف من العدوّ؛ ودليل ذلك قوله -تعالى-: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلّهِ قَانِتِينَ* فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً)..
- عند الركوب على الدابة، لكنّ هذا لا يشمل الفرائض، وإنّما فقط للنوافل؛ ودليل ذلك ما جاء : (كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- يُسَبِّحُ علَى الرَّاحِلَةِ قِبَلَ أَيِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَ، وَيُوتِرُ عَلَيْهَا، غيرَ أنَّهُ لا يُصَلِّي عَلَيْهَا المَكْتُوبَةَ)..