كلمات الأضداد في القرآن الكريم
كلمات الأضداد في القرآن الكريم
القرآن الكريم هو كلام الله المُنزل، نزل على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، ليكون دستوراً في حياة الإنسان، ويتضمن أساليب البلاغة العربية كالأضدَّاد، والأضداد جمع ضِدْ، أي اجتماع معنيين أو أكثر في لفظٍ واحد؛ فيتفق اللفظ ويختلف المعنى،وسنذكر بعض الأمثلة على الأضداد في القرآن الكريم فيما يأتي:
- قوله -تعالى-: (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّهِ) ، فمعنى الظن هنا هو اليقين بلقاء الله، وهذا موضع مدح، وليس الشك بلقائه، أما قوله -تعالى-: (إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ)، يدل على أن معنى الظن هو الكذب، وليس المراد بالظن الشك.
- قال -تعالى- في سورة البقرة : (وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ) ، لفظ عسى هنا يدل على معنيين متضادين وهما؛ الشك والطمع، والأخر اليقين.
- قال -تعالى-: (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ﴾ ، لفظ المسجور يدل عل معنيين وهما؛ يقال المسجور للمملوء، والمسجور للفارغ.
- قال -تعالى-: ﴿إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ﴾ ، أكاد هنا أفادت معنيين وهما؛ الستر أو الظهور.
وتعددت تفسيرات العلماء في عدد من كلمات الأضداد في القرآن الكريم، ومن هذه الكلمات ما يأتي:
- لفظ (قرء)
قال -تعالى-: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) ، فسرَّها أحدهم بأنَّ القرء هو الحيض، وقال آخرون إنّه الطُهر، فالمطلوب من المرأة المطلقة في العدة التربص ثلاث حيض، أو ثلاث أطهار.
- لفظ (عسعس)
قال -تعالى-: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ﴾ ، منهم من قال إن معناه أدبر، ومنهم من قال إنّ معناها أقبل.
- لفظ (سُجِّرَت)
قال -تعالى-: ﴿وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ﴾ ، فسرّها عدد من العلماء إنَّ معناها مُلئت وفاضت، وذهب آخرون إلى القول إنَّ معناها أنّ البحار يبست وذهب ماؤها.
معرفة الراجح من الأضداد
إنَّ من أهم طرق معرفة الرأي الراجح في المعنيَين المتضادين ما يلي:
- الترجيح بدلالة القرآن الكريم
ومثال ذلك قوله -تعالى-: ﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ) ، وقد جاء بالإثبات والنفي في الآية السابقة في "إن"، وتمَّ تفسيرها من خلال آية أخرى في قوله -تعالى-: (مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ) ، وقد بيّن القرآن أنَّ معنى "إِنْ" في هذه الآية جاء بمعنى "ما النافية"، وخير ما يُفَسر به القرآن هو القرآن نفسه.
- الترجيح بدلالة السنة الثابتة
تعددت التفسيرات في لفظ "قُروء" في قوله -تعالى-: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) ، وقد بيَّنت السنة أن الاعتداد يكون بالحيض لا بالطهر، فعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: (أمرت بريرةُ أن تعتدَّ بثلاثِ حيضٍ).
- الترجيح بدلالة قول الصحابة
قال -تعالى-: (وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ) ، وقد فسّرَّ علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- هذه الآية عندما قرأها حين طلع الفجر، فقال ساعة الوتر هذه، فالليل مُدبر والصبح مُقبل، فدلَّ ذلك على أنَّ "عسعس" عنده معناه أدبر.
- الترجيح بدلالة السياق
ومما عُدَّ من لفظ الأضداد في القرآن لفظ "الحليم"، وذلك في قول قوم شعيب لشعيب -عليه السلام- في قوله -تعالى-: ﴿قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ ۖ إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ﴾ ، فقد قالوا ذلك استهزاءً؛ لأنَّه وقع في سياق الاستهزاء على شعيب -عليه السلام-، فما كان مدحاً ووقع في سياق الذم صار ذماً.
أقسام ألفاظ القرآن الكريم من حيث دلالتها
تنقسم ألفاظ القرآن الكريم من حيث الدلالة إلى ما يأتي:
- المتباين؛ أن يدلَّ اللفظ على معنى واحد.
- الأضداد؛ أن يدل اللفظ الواحد على أكثر من معنى.
- المترادف؛ ما كان معناه واحد وأسماؤه كثيرة.
شروط الأضداد
يُشترط بألفاظ الأضداد ما يأتي:
- أن يكون المعنيين المتضادين للفظ ثابتين في كلام العرب.
- أن تكون الكلمة الواحدة تُستخدم في معنيين مُتضادين دون تغيير.
- ألا يكون أحد المعنيين لكلمة الضد مُصَحَّفاً؛ مثل لفظة "بَلِج" الرجل بشهادته، أي كتمها والبَلِج ليس من معناه الكتم بل الأبلج المُضيء المستنير، والكلمة التي تدل على الكتم هي "بَلَحَ" بلح الرجل بشهادته أي كتمها.
أسباب اهتمام العلماء بالأضداد
اهتم العلماء بألفاظ الأضداد لأسباب عدّة، ومنها ما يأتي:
- إزالة اللبس عن معاني القرآن الكريم الذي قد يحدث.
- الرد على الذين انتقضوا العرب بوجود الأضداد.
- تصفية الأضداد، وعدم تداخلها بغيرها.
- قلة الأضداد في كلام العرب فوجب بيانها.