قصيدة أبي نواس عند موته
قصيدة أبي نواس عند موته
اتجه الشاعر العباسي أبو نواس في نهاية حياته إلى الزهد والتوبة والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى، فكتب قصيدة تعد حتى يومنا هذا من أشهر قصائد طلب العفو والمغفرة من الله، بعد أن عرف عنه خلال حياته امتداحه للخمر في أشعاره والافتتان به وشربه.
الرؤية وقصيدة أبي نواس عند موته
رُويت قصّة عجيبة لقصيدة أبي نواس الأخيرة، فقد رآه أحد أصدقائه في منامه بعد وفاته، فسأله صديقه: "ماذا فعل الله بك يا أبي نواس؟" فقال أبو نواس لصديقه: لقد غفر الله سبحانه وتعالى لي بأبيات قلتها وهي تحت وسادتي، وتعجب صديق أبي نواس من هذه الرؤية ومن جهلها بهذه الأبيات، فقد كان يرافق أبي نواس وهو مطلع على جميع قصائده، فذهب صديق أبي نواس إلى والدة أبي نواس وأخبرها بما رأى فذهبت تبحث عن الورقة، ووجدتها في فراش ابنها أبي نواس، وهذه الأبيات هي:
يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً
- فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ
إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ
- فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُجرِمُ
أَدعوكَ رَبِّ كَما أَمَرتَ تَضَرُّعاً
- فَإِذا رَدَدتَ يَدي فَمَن ذا يَرحَمُ
ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلا الرَجا
- وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ
وفاة أبي نواس
توفي أبو نواس في عام 813 للميلاد في بغداد، وذلك في عهد الخليفة المأمون بن هارون الرشيد، ولم يحدد موقع ثابت لوفاته هل توفي بالسجن مقتولًا بالسم أم أنه توفي بشكل طبيعي في دار إسماعيل ابن نوبخت ودفن في مقبرة الشونزية في جنوب غرب بغداد، ولا زالت هذه المقبرة موجودة حتى يومنا هذا وتعرف بمقبرة الشيخ معروف.
التعريف بالشاعر أبي نواس
يمكن التعريف بأبي نواس من خلال عدّة نقاط رئيسيّة وهي كما يأتي:
- هو الحسن بن هانئ الحكمي شاعر عربي من أبرز شعراء العصر العباسي ويُلقب بأبي علي وأبي نواس ويطلق عليه كذلك النؤاسي، وكان كثير الكتابة عن الخمر حتى عُرف بشاعر الخمر ، ولد في مدينة الأحواز عام 756م وأمه عربية من دمشق وأبوه فارسي من الأحواز في إيران حاليًا.
- توفي والد أبي نواس وهو طفل يبلغ السادسة من عمره، فانتقلت به والدته من الأحواز إلى البصرة في العراق، وتعلم في البصرة العلم واللغة على يد علمائها وشعرائها.
- في الثلاثين من عمره كان أبو نواس قد تمكن من اللغة والأدب وتفقه في العلوم الإسلامية كالفقه والحديث وأحكام القرآن حتى إنه أصبح عارفًا بالناسخ والمنسوخ من القرآن والمحكم والمتشابه.
- طلب أبو نواس العلم في الفقه والحديث والتفسير والفتوى، وأصبح عارفًا بأحكام الاختلاف وطرق إسناد الحديث وتميز ببعد نظره وسعة حفظه.
- بعد ذلك انتقل أبو نواس من البصرة إلى بغداد عاصمة الإمارة والخلافة حيث هنالك مجموعة كبيرة من الشعراء والأدباء، واختلط بالأعراق والثقافات المختلفة في بغداد فبدأ بكتابة الشعر الذي غلب عليه امتداح الخمر.
الأسلوب الشعري لأبي نواس
اتسم شعر أبي نواس بمظاهر من الخروج عن المعروف والمألوف بما ينسجم مع الثقافة العربي والإسلامية، وقد أسهم في ذلك عدة أسباب ومنها الأوضاع الاجتماعية، فقد كان لانتشار حالة الشعر والأدب والتي رافقها بروز المعتزلة أثر كبير في تفشي المجون، مما جعل أشعار أبي نوّاس يغلب عليها هذا الطابع، ودعم ذلك الأوضاع السياسية، فقد قامت في تلك المرحلة حالة من الصراع بين الفرس والعرب، كما تأثر أبو نواس بالفلسفة وأقوال الفلاسفة.
قصائد أبي نواس
كتب أبو نواس 1175 قصيدة على بحور شعرية متنوعة، ومن أبرز قصائده:
- (أسقياني من شمول) وهي قصيدة عامة من بحر مجزوء الرمل وعدد أبياتها عشرة أبيات.
- (وعاذلة تعيب علي عادي) وهي قصيدة عتاب من البحر الوافر وعدد أبياتها سبعة أبيات.
- (وملحة بالعذل ذات نصيحة) وهي قصيدة غزل من البحر الكامل وعدد أبياتها أربعة عشر بيتاً.
- (وملحة بالعذل تحسب أنني) وهي قصيدة غزل من البحر الكامل وعدد أبياتها ستة وعشرون بيتًا.
- (أبا العباس كف عن الملام) وهي قصيدة عتاب من البحر الوافر وعدد أبياتها ستة أبيات.
- (يقولون شهر الصوم شهر مبارك) وهي قصيدة قصيرة من البحر الطويل وعدد أبياتها بيتان.
- (كن لمن لام عصيا) وهي قصيدة قصيرة من بحر مجزوء الرمل وعدد أبياتها خمسة.
- (جاهر بنفسك واهتك السترا) وهي قصيدة عتاب من البحر الكامل وعدد أبياتها ثمانية أبيات.
- (على دمنة الدار لا تربع) وهي قصيدة رثاء من البحر المتقارب وعدد أبياتها أربعة عشر.