قصة عن فضل الاستقامة
معنى وفضل الاستقامة
إن كلمةَ الاستقامة تجمَعُ بينَ ثنايا حُروفها خيري الدنيا والآخرة ؛ فهي تختصر جميع العبادات والطاعات، وتختَزِلُ في داخلها ما نهى الله -سبحانه وتعالى- وحذَّرَ منه، وأمر عبادَهُ باجتنابه، فالاستقامة كلمةٌ جامعة لكل ما دعى الله -عز وجل- ورسوله -صلى الله عليه وسلم- إليه، وكل ما نهى الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- عنه.
إن الاستقامة هي أن يلزم المُسلم طاعة الله -عز وجل- وطاعة الرسول -صلى الله عليه وسلّم-؛ وذلك لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (قل آمنتُ باللهِ، ثُمَّ استَقِم)، وبيانُ ذلك أن يلزم المسلِمُ طاعة الله -تعالى-؛ بحيث لا يجدهُ حيث نهاه، ولا يفقِدُهُ حيث أمر، فهذهِ هي مفتاح النجاةِ في الدنيا، من أدركها فقد حازَ على خيري الدنيا والآخرة.
بلال بن رباح والاستقامة
وإن التاريخ الإسلامي زاخرٌ بالقصص التي تمثّلت فيها الاستقامة من نفوس المؤمنين، وتجسّدت بطريقةٍ تدلُّ على أن من حاز مرتبة الاستقامة لن يقف في وجهه شيءٌ؛ عندما يتعلّق الأمر ب طاعة الله -سبحانه وتعالى-، ولعلَّ قصَّة سيدنا بلال بن رباح هي خير مثال على ذلك.
عندما عَلِمَ سيّده بإسلامه أخذهُ إلى الصحراء في يومٍ حار وفي ساعة الظهيرة، فوضع على صدرهِ صخرةً سوداءَ كبيرة؛ وطلبوا منه أن يسب ربّه ويرجع عن دينه، لكن قلبه الذي ذاقَ وعرفَ معنى الاستقامة.
ولم يكن ليتخلى عنها؛ فصرخ قائلًا أحدٌ أحد، ولسانُ حالهِ يقول: لا أطلب الفرج إلا منك وحدك، فما زالوا كذلك حتى جاءه الفرج من الله على يد أبو بكر؛ فابتاعهُ وأعتقهُ لوجه الله -تعالى-.
وسائل تحقيق الاستقامة
إن الوصول للاستقامة يحتاجُ إلى جهدٍ كبير، وإلى وسائِلَ تُعينُ على ذلك، نذكر منها:
- الحرص على قراءة القرآن الكريم وتدبّر آياته
ومعرفة معانيه ومراميه ومقاصده؛ لأن هذا القرآن يَهدِي للتي هي أقوم؛ حيث يقول -تعالى-: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ).
- المُحافظة على الطاعات
و مجاهدة النفس في سبيل عدم ضياعها، قال -تعالى-: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ﴾.
- أخذ العبرة والعظة من قصص الأنبياء
لقد أورد الله في كتابه الكثير من قصص الأنبياء ، وهذه القصص هي التي تربط على القلوب وتثبّت الأقدام حينما تعصف المُشكلات والملمّات، وذلك لقوله -تعالى-: ﴿وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾.
- الإكثار من سؤال الله الثبات
فقد كان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: (يُكثرُ أن يقولَ يا مقلِّبَ القلوبِ ثَبِّتْ قلبِي على دينِك فقلت يا نبيَّ اللهِ آمنَّا بك وبما جئتَ به فهل تخافُ علينا؟ قال نعم إن القلوبَ بينَ إصبعينِ من أصابعِ اللهِ يُقلِّبُها كيفَ يشاءُ).
- الإكثار من ذكر الله عزَّ وجلَّ
وفي ذلك استشعارٌ لعظمتهِ ومعيّته -تعالى- وذلك لقوله -سبحانه وتعالى-: ﴿يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).