قصة سالم مولى ابي حذيفة
التعريف بسالم مولى أبي حذيفة
هو سالم بن معقل ، جاء من إصطخر، ووالى أبو حذيقة ابن عُتْبة ابن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، وكان فارسيًا، هاجر إلى المدينة مع المسلمين، وشهد معهم المشاهد، وكان من القُرّاء المشهورين.
قصة موالاة أبو حذيفة له
كان سالم بن معقل -والذي يُعرف "بسالم مولى أبي حذيفة"- مولًا عند ثبيتة بنت يعار بن زيد بن عبيد ابن عوف الأنصاريّة، والتي كانت من أوائل المُهاجرات، وهي زوجة أبي حذيفة بن عتبة فأعتقت سالم، ووالى من بعدها زوجها أبي حذيفة، واشتهر باسم سالم مولى أبي حذيفة.
قصته مع مرضعته
كان أبو حذيفة قد تبنّى سالم كما حدث من تبني رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لزيد بن حارثة، وقام بتزويج سالم من ابنة أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة، وعندما حرّم الإسلام التبنّي ونزل قول الله -تعالى-: (ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّه)، قاموا برّد كلّ واحد لأبيه، ومن لم يعرف والده ردوه لمولاه.
ولمّا كبر سالم وكان عند أبي حذيفة جائت سهلة بنت سهيل بن عمرو زوجة أبي حذيفة إلى النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وأخبرته أنّ سالمًا يدخل عليها وتشعر بثقل من ذلك، وتخشى وقوع شيء في نفس أبي حذيفة منه.
ولذلك أمرها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بإرضاعه لتُحرّم عليه، فكان بذلك لسالم حكمًا خاصًا بشأن رضاعته وهو كبير، وهي رخصة خاصة له دون سواه.
قصة إتقانه للقرآن
كان سالم مولى أبو حذيفة متقنًا لتلاوة القرآن الكريم؛ فقد جاء عن السيدة عائشة أم المؤمنين قولها: (أبطأتُ على عَهدِ رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ- ليلةً بعدَ العشاءِ، ثمَّ جئتُ فقالَ أينَ كنتِ قلتُ كنتُ أستمعُ قراءةَ رجلٍ من أصحابِكَ لم أسمع مثلَ قراءتِهِ وصوتِهِ من أحدٍ).
ثم تكمل عائشة -رضي الله عنها- فتقول: (فقامَ -صلى الله عليه وسلم- وقمتُ معَهُ؛ حتَّى استمعَ لَهُ، ثمَّ التفتَ إليَّ فقالَ: هذا سالمٌ مولى أبي حذيفةَ الحمدُ للَّهِ الَّذي جعلَ في أمَّتي مثلَ هذا)، وقد امتدح رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- تلاوته وإتقانه في الكثير من المواضع الأخرى.
قصة إمامته بالمهاجرين
كان سالم مولى أبي حذيفة من أكثر الصحابة قراءةً لكتاب الله، وقد روي أنّه كان يُصلي بالمهاجرين إمامًا؛ حيث جاء عن ابن عمر -رضي الله عنه- أنّه قال: " إِنَّ الْمُهَاجِرِينَ نَزَلُوا بِالْعُصْبَةِ إِلَى جَنْبِ قُبَاءٍ، فَأَمَّهُمْ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا، فِيهِمْ عُمَرُ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ".
قصة استشهاده يوم اليمامة
كان قد شهد سالم يوم اليمامة كما شهد غيرها من المشاهد، وبعدما قُتل زيد بن الخطاب فيها، أخذ سالم اللواء من بعده وحمل اللواء فقطعت يداه، ليحتضن اللواء ويتلو قوله -تعالى-: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ)، حتى قُتل وأضحى شهيدًا.
وبينما كان المسلمون يتفقدون شُهدائهم بعد المعركة وجدوا سالمًا يلفظ أنفاسه الأخيرة؛ فسألهم عن صاحبه الذي أسلم وعاش حياته معه وهو أبو حذيفة، فأخبروه باستشهاده، فطلب أن يُدفن إلى جواره، فأخبروه بمجاورته له بالفعل؛ إذ إنّهما استشهدا في نفس المكان، فابتسم وفاضت روحه إلى بارئها.