أشعار أحمد شوقي في الغزل
أداري العيون الفاترات السواجيا
أُداري العيونَ الفاتراتِ السَّواجيا
- وأَشكو إليها كَيْدَ إنسانِها لِيا
قتلنَ ومنين القتيلَ بألسُن
- من السحر يبدلنَ المنايا أمانيا
صرحٌ على الوادي المباركِ ضاحي
- متظاهرُ الأعلامِ والأوضاحِ
السحرُ من سُود العيونِ لقيُتهُ
- والبابليُّ بلحظهنّ سُقِتُهُ
وكلَّمْنَ بالأَلحاظِ مَرْضَى كَليلة ً
- فكانت صحاحاً في القلوب مواضيا
ضافي الجلالة كالعَتيق مُفَضّل
- ساحات فضل في رِحابِ سَماحِ
وكأن رفرفه رواقٌ من ضحى
- وكأن حائطه عمودُ صباحِ
حببتك ذاتَ الخالِ ، والحبُّ حالة ٌ
- إذا عرضت للمرءِ لم يدر ما هيا
الحقُّ خَلفَ جناحٍ استذرى به
- ومَرَاشِدُ السلطانِ خلفَ جَناح
وإنك دنيا القلب مهما غدرته
- أَتى لكِ مملوءاً من الوجْد وافيا
تسري ملمَّحة الحجول على الرُّبى
- وتسيل غُرَّتُها بكل بِطاح
قالت ترى نجمَ البيان بل
- وتعرضُهم مَوكِباً موكِباً
التامتِ الأحزابُ بعدَ تَصَدُّع
- لَبَّى أَذانَ الصُّلحِ أَوّلَ قائمٍ
حفظاً ولا طلبُ الجديد يفوته
- وَمَشَى على الضّغْن الودادُ الماحي
وَجَرَتْ أحاديثُ العتابِ كأنها
- سَمَرٌ على الأوتارِ والأقداح
إِنَّ هذا الفَتحَ لا عهدَ به
- لضِفاف النيلِ من عهد فتاح
جميلٌ عليهم قشيبُ الثيا
- سِ تَلَقَّى الحياة َ فلم يُنجِب
ترمي بِطرفِك في الجامِع لا ترى
- غيرَ التعانُقِ واشتباكِ الراح
جئتنا بالشعور والأحداق
جئتنا بالشعور والأحداق
- وقسمن الحظوظَ في العشاقِ
وهَزَزْنَ القَنا قُدوداً، فأَبلى
- كل قلبٍ مستضعفٍ خفاقِ
حبذا القسم في المحبين قسمي
- لو يلاقون في الهوى ما ألافي
حيلتي في الهوى وما أَتمنى
- حيلة الأَذكياءِ في الأَرزاق
لو يُجازَى المحبُّ عن فَرْطِ شَوْقٍ
- لَجُزيتُ الكثيرَ عن أَشواقي
وفتاة ٍ ما زادها في غريب الـ
- ـحسن إلا غرائب الأخلاق
ذقت منها حلواً ومراً ، وكانت
- لذة ُ العشق في اختلاف المذاق
ضرَبتْ موعداً، فلما التقينا
- جانبتني تقول: فِيمَ التلاقي؟
قلت: ما هكذا المواثيقُ، قالت:
- ليس للغانياتِ من ميثاق
عطفتها نحافتي ، وشجاها
- شافعٌ بادرٌ من الآماق
فأرتني الهوى ، وقالت : خشينا
- والهوى شُعبة ٌ من الإشفاق
يا فتاة َ العراقِ، أَكتمُ مَنْ أَنـ
- ـتِ، وأَكنِي عن حبِّكم بالعراق
لي قوافٍ تَعِفُّ في الحبّ إلا
- عنْكِ، سارت جوائِبَ الآفاق
لا تَمَنَّى الزمانُ منها مزيداً
- إن تمنيت أن تفكي وثاقي
حمِّليني في الحبِّ ما شئتِ إلاَّ
- حادث الصدّ ، أو بلاءَ الفراق
واسمحي بالعناق إن رضي الدّلُّ
- وسامحت فانياً في العناق
لقد لامني يا هند في الحب لائم
لقد لامني يا هندُ في الحب لائمٌ
- مُحِبٌّ إذا عُدَّ الصِّحابُ حبيبُ
فما هو بالواشي على مذهب الهوى
- ولا هو في شَرع الوداد مُريب
وصفتُ له مَن أَنتِ، ثم جرى لنا
- حديثٌ يَهُمُّ العاشقين عجيب
وقلت له: صبراً ؛ فكلُّ أَخي هَوى
- على يَدِ مَنْ يهْوى غداً سيتوب
تاتي الدلال سجية وتصنعا
تاتي الدلالَ سجيةً وتصنعا
- وأَراك في حالَيْ دَلالِكَ مُبْدِعا
تهْ كيف شئت ؛ فما الجمالُ بحاكم
- حتى يُطاع على الدلال ويُسْمَعا
لك أن يروعك الوشاة ُ من الهوى
- وعليّ أَن أَهوى الغزالَ مُروَّعا
قالوا: لقد سَمع الغزالُ لمن وشَى
- وأقول : ما سمع الغزالُ ، ولا وعي
أنا من يحبك في نفارك مؤنساً
- ويحبُّ تيهكَ في نفاركَ مطمعا
قدّمتُ بين يديَّ أَيامَ الهوى
- وجعلتُها أَملاً عليكَ مُضيَّعا
وصدقتُ في حبِّي، فلست مُبالياً
- أن أمنحَ الدنيا به أو أمنعا
يا من جرى من مقتيه إلى الهوى
- صِرفاً، ودار بوَجنتيْه مُشَعْشَعا
الله في كبدٍ سقيتَ بأربع
- لو صبَّحوا رضْوى بها لتصدّعا
يا ناعماً رقدت جفونه
يا ناعماً رقدت جُفونُه
- مضناك لا تهدا شجونه
حملَ الهوى لك كلَّه
- إن لم تعنه فمنْ يعينه؟
عُدْ مُنعِماً، أَو لا تَعُدْ
- أَوْدَعْتَ سرَّكَ مَن يصُونُه
بيني وبيكَ في الهوى
- سببٌ سيجمعنا متينه
رشأ يعابُ الساحرو
- ن وسحرهم ، إلا جفونه
الروحُ مِلْكُ يمينه
- يَفديه ما مَلَكَتْ يَمِينه
ما البانُ إلاَّ قدُّه
- لو تيمتْ قلباً غصونه
ويزين كلَّ يتيمة
- فمُه، وتحسبُهَا تَزينُه
ما العمرُ إلا ليلة ٌ
- كان الصباح لها جبينه
بات الغرامُ يَديننا
- فيها كما بتنا ندينه
بين الرقيب وبيننا
- وادٍ تباعدُه حزونُه
تغتابه ونقول : لا
- بَقِي الرقيبُ ولا عيونُه
الله في الخلق من صب ومن عاني
الله في الخلق من صَبٍّ ومن عاني
- تفنى القلوبُ ويبقى قلبكِ الجاني
صوني جمالكِ عنا إننا بشرٌ
- من التراب ، وهذا الحسنُ روحاني
أو فابتغي فلكاً تأوينه ملكاً
- لم يتخذ شركاً في العالم الفاني
يَنساب في النور مَشغوفاً بصورته
- منعماً في بديعات الحلى هاني
إذا تبسم أبدى الكون زينته
- وإن تنفس أهدى طيبَ ريحان
وأشرقي من سماءِ العزِّ مشرقة ً
- بمنظرٍ ضاحكِ اللألاءِ فتان
عسى تَكُفُّ دموعٌ فيكِ هامِيَة ٌ
- لا تطلعُ الشمسُ والأنداءُ في آن
يا من هجرت إلى الأوطان رؤيتها
- فرُحْتُ أَشوقَ مُشتاقٍ لأَوطان
أَتذكرين حنيني في الزمان لها
- وسَكْبِيَ الدّمعَ من تذْكارها قاني؟
وغبطي الطير ألقاه أصيح به :
- ليت الكريم الذي أعطاك أعطاني ؟
ردت الروح على المضنى معك
رُدَّت الروحُ على المُضْنَى معكْ
- أحسن الأيام يوم أرجعك
مَرَّ من بُعدِك ما رَوَّعَني
- أَتُرى يا حُلْوُ بُعدي روّعك؟
كم شكوتُ البيْن بالليل إلى
- مطلع الفجر عسى أن يطلعك
وبعثتُ الشوقَ في ريح الصَّبا
- فشكا الحرقة مما استودعك
يا نعيمي وعذابي في الهوى
- بعذولي في الهوى ما جَمعَك؟
أَنت روحي ظَلَم الواشي الذي
- زَعَم القلبَ سَلا، أَو ضيَّعك
مَوْقِعي عندَك لا أَعلمُه
- آهِ لو تعلمُ عندي موقِعَك!!
أَرْجَفوا أَنك شاكٍ مُوجَعٌ
- ليت لي فوق الضَّنا ما أوجعك
نامت الاعين ، إلا مقلة
- تسكُب الدمعَ، وترعى مضجَعك